فعاليات العودة تتواصل في العيد على حدود غزة وتنذر بصيف ملتهب
الأحد, 17 يونيو 2018 01:40

alt لم يترك الغزيّون يوم عيد الفطر، الذي نكأ جراح العوائل المكلومة التي فقدت أبناءها على أيدي قوات الاحتلال، خلال الأسابيع الماضية ضمن فعاليات «مسيرات العودة»،

يمر دون إرسال رسائل جديدة لإسرائيل، تنذر بعودة الفعاليات الشعبية بقوة، حيث شهد هذا اليوم تصعيدا كبيرا من قبل نشطاء المقاومة الشعبية، بإطلاق «الطائرات الورقة المحترقة» من مناطق قريبة من «مخيمات العودة» التي وصلتها حشود كبيرة للاحتفال بالعيد، في رسالة تحد جديدة للاحتلال.

وتنفيذا للتهديدات التي أطلقها نشطاء المقاومة الشعبية، بإشعال حدود إسرائيل القريبة من القطاع يوم العيد بـ «الطائرات والبالونات الحارقة»، أطلقت العشرات من هذه الأنواع الجديدة من «السلاح الشعبي» الذي دخل الخدمة منذ انطلاق فعاليات «مسيرة العودة» يوم 30 مارس/آذار الماضي، لتحدث عملية سقوطها أكثر من عشر حرائق في الجانب الإسرائيلي. ودون أن يكترث المشاركون في «وحدات الطائرات الحارقة» بتهديدات قوات الاحتلال السابقة باستهدافهم، والتي تمثلت خلال اليومين الماضيين بإطلاق صواريخ من طائرات استطلاع صوب عدد منهم، تنذرهم بالقتل، قام هؤلاء بإرسال «الطائرات الحارقة»، إلى ما بعد الحدود، متحدين الرقابة العسكرية الإسرائيلية التي لجأت إلى وسائل تكنولوجية جديدة من أجل رصدهم.

ومع بداية صباح الجمعة الذي صادف أول أيام عيد الفطر، والذي اعتاد فيه سكان غزة على تنظيم فعاليات جماهيرية في المناطق الحدودية الخمس، التي تضم «مخيمات العودة»، بدأت عمليات إطلاق «الطائرات الحارقة»، تحديدا بعد الانتهاء من صلاة العيد التي أقيمت هناك، لتبدأ الحرائق تشتعل بشكل متوال في المناطق الإسرائيلية القريبة.

وبحسب ما أعلن في إسرائيل، فإن 11 حريقاً اندلع في البلدات المحاذية لقطاع غزة بفعل «الطائرات الورقية والبالونات الحارقة»، حيث تمكنت طواقم الإطفاء والإنقاذ من إخمادها بصعوبة، بعد أن أتت على أحراش زراعية واسعة. وقد تعمدت قوات الاحتلال على استهداف عدد من مطلقي تلك «الطائرات والبالونات» الحارقة من خلال صواريخ أنزلتها طائرات استطلاع كانت تحلق في الأجواء، دون أن يتسبب الأمر في وقوع إصابات في الأرواح، لكنه أحدث أضرارا مادية في الأماكن المستهدفة.

إسرائيل كما في الأيام الماضية، قالت إن طائراتها أطلقت نيرانا تحذيرية باتجاه مجموعة كانت تستعد لإطلاق طائرات ورقية، وسيارة عملت على نقلها إلى الحدود، كما استهدفت نقطة رصد للمقاومة بقذيفة صاروخية. وقال ناطق عسكري، إن الجيش «ينظر بخطورة بالغة» إلى ظاهرة إطلاق «البالونات والطائرات الحارقة» تجاه حقول ومزارع ومنازل المستوطنين في محيط قطاع غزة.

غير أن هذا الاستهداف التحذيري الذي تكرر خلال الأيام الماضية، لا يشير إلى إحداثه ردعا أو خشية من قبل القائمين على هذا العمل الشعبي، حيث استمرت عمليات الإطلاق، تنفيذا لتهديد «وحدة الطائرات الحارقة»، الخميس الماضي، أي قبل يوم واحد من حلول العيد.

وقد توعدت «وحدة الطائرات الحارقة»، في مؤتمر صحافي سابق، بإطلاق آلاف الطائرات يوم العيد، وتوسيع دائرة استهداف الحقول الزراعية للمستوطنين، حتى بعد 40 كيلو مترا من حدود القطاع، وحذرت إسرائيل من استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة. وقال ناشط في تلك الوحدة، خلال المؤتمر الصحافي، إن عملهم سيستمر بكل قوة حتى تحقيق أهدافه، مضيفا «لن يهنأ المستوطنون بالأمن والاستقرار حتى رفع الحصار عن القطاع». وكبدت تلك الحرائق التي أحدثتها «طائرات غزة» خسائر كبيرة للإسرائيليين القاطنين مناطق الحدود، بعد تدمير تلك الحرائق أراضي شاسعة من حقولهم الزراعية. وبما يشير إلى خطورة تلك الطائرات، وصفها من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بأنها «الكابوس الحقيقي الذي يتوجب علاجه».

يذكر أن أكثر من 130 مواطنا بينهم أطفال وسيدات، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مصاب، سقطوا برصاص الاحتلال، خلال مشاركتهم في فعاليات «مسيرات العودة»، وقد نكأ عيد الفطر جراح تلك العوائل الثكلى التي فقدت أبناءها، مع مرور أول عيد على تلك الأسر بوجود شخص منها غادر الحياة إلى الأبد، بفعل السياسات الإسرائيلية القمعية، التي استخدمت «القوة المفرطة والمميتة» ضد المتظاهرين السلميين، حسب ما أكدت التقارير الحقوقية المحلية والدولية. وفي إطار التأكيد على استمرار الفلسطينيين رغم عمليات القتل الإسرائيلية المتعمدة، في المشاركة في فعاليات «مسيرة العودة» لبت حشود كبيرة من سكان القطاع، نداء الهبة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار، وأدت صلاة العيد في قرب الحدود الفاصلة، وأمام مرأى جنود الاحتلال، حيث حملت العملية العديد من الرسائل لإسرائيل، أولها ما يؤكد بأن قادم الأيام خاصة بعد انقضاء شهر رمضان، الذي حمل مشقة كبيرة على المشاركين في تلك الفعاليات، سيكون أكبر من حيث الحجم والنوع، وقد يصل لحد تنظيم مليونيات على غرار «مليونية العودة»، و«مليونية القدس».

وعلى مرأى من جنود الاحتلال قال خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة حماس، خلال خطبة صلاة العيد، «إن الشعب الفلسطيني ماض في مسيرات العودة حتى كسر الحصار، والعودة إلى أرضنا وقدسنا»، وقد حمل في الوقت ذاته الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية استمرار الحصار على الشعب الفلسطيني. وشدد على الاستمرار في هذه الفعاليات، حتى كسر الحصار والعودة، وحتى إفشال المخططات الدولية الرامية لتمرير «صفقة القرن»، وأكد كذلك أن المشاركة في صلاة عيد الفطر على حدود غزة، جاءت للتأكيد على الاستمرار في الفعاليات، وأشاد بالشعوب التي ساندت «مسيرات العودة».

أما الشيخ نافذ عزام، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، فقد أكد على استمرار «مسيرات العودة»، وقال إنها جزء من المحاولة الهادفة لدفع الهجمة ضدهم إلى الوراء، ولرفض «صفقة القرن» التي تريد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلالها تصفية القضية الفلسطينية.

وأكد انه لا خيار أمام الفلسطينيين سوى الالتقاء معا، وتعزيز الجبهة الداخلية، وأضاف وهو يطالب بضرورة الوحدة ونبذ الخلاف الداخلي «سيكون مخطئا من يظن أنه وحده سينجز أهداف شعبنا، وأنه وحده يمكن أن يدير حياة الفلسطينيين ونضالهم».

يشار إلى أن فعاليات «مسيرة العودة» الشعبية لم تنقطع حتى في شهر رمضان، رغم أجواء الصيام، وفي اليوم الأخير من الشهر، نظمت الجهة المشرفة بطولة كروية حاكت انطلاق بطولة كأس العالم في روسيا، في «مخيم العودة» الواقع إلى الشرق من مدينة غزة، وذلك تزامنا مع انطلاق البطولة العالمية، وكان الهدف منها المحافظة على استمرار تردد اسم غزة، في وسائل الإعلام العالمية، التي ركزت اهتمامها على تغطية كأس العالم.

والمعروف أن الاهتمام العالمي تزايد بشكل كبير تجاه ملف غزة، منذ انطلاق تلك الفعاليات الشعبية، وما واكبها من قمع إسرائيلي للمشاركين باستخدام الأسلحة النارية القاتلة.

 

غزة ـ «القدس العربي» ـ أشرف الهور

 

إعلان