صدر التقرير الاستراتيجي السنوي عن "معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي"، اليوم الأربعاء، والذي يتضمن خلاصات وتوصيات بشأن السياسات التي يجب اتباعها خلال العام 2021.
وحذّر التقرير من حدوث "تدهور في ميزان الأمن القومي الاسرائيلي" خلال العام الماضي، وذلك على عدة مستويات: "الأزمة السياسية الداخلية المستمرة والتي وجهت ضربة عميقة لثقة الجمهور بمؤسسات السلطة والتضامن الاجتماعي والمنعة الوطنية، جائحة الكورونا التي خلقت أزمة متعددة الأبعاد، وانسحاب إيران من الاتفاق النووي واقترابها من حافة القدرة النووية العسكرية، بالإضافة إلى استمرار التآكل في التفوق النوعي الإسرائيلي مقابل إيران التي تتقدم بمشروع دقة الصواريخ وتحررها من حظر الأسلحة المتطورة".
وأكد التقرير على أهمية مواصلة تطبيع العلاقات مع دول الجوار، لأن "اتفاقيات السلام وتأييد الولايات المتحدة هي دعائم أساسية في الأمن القومي، ولذلك يتعين التمسك بهذه المبادئ والسعي لتوسيع دائرة السلام والتطبيع بين إسرائيل وبين جيرانها، والحفاظ على الحلف الاستراتيجي المتين مع الولايات المتحدة".
ودعا التقرير إلى "مواصلة العمل ضد التمركز الإيراني في سوريا وضد مشروع الصواريخ الدقيقة الذي تقوده إيران في لبنان والمنطقة، في إطار المعركة بين الحروب".
وتابع: "التهديد الكامن في مئات وآلاف الصواريخ الدقيقة من لبنان وسوريا والعراق وإيران، هو تهديد استراتيجي من الدرجة الاولى، ويجب مواصلة العمل من أجل احباطه وتقليص خطره".
ونبّه التقرير إلى بناء القوة والخطط العملانية "لاحتمالية حرب على عدة جبهات"، لكن "وفي الوقت ذاته يجب المبادرة الى بذل جهود أمنية وسياسية، من أجل منع الحرب واستنفاد البدائل الأخرى، لتحقيق الأهداف الأمنية لإسرائيل في الساحة الشمالية"
في الساحة الدولية والإقليمية
حثّ التقرير الاستراتيجي على بلورة سياسة متناسبة مع الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة، و"تبني أسلوب غير صدامي معها"، مشيراً إلى أن العودة للاتفاق النووي هو "أمر إشكالي جداً لإسرائيل".
وركزّ على أهمية "مواءمة السياسة الإسرائيلية مع التنافس بين الدول العظمى في عصر الكورونا وبعد الكورونا، والسعي نحو حلف حداثة وتكنولوجيا مع الولايات المتحدة، وإدارة العلاقات مع الصين، وذلك بالتنسيق مع الإدارة الأميركية ومراعاة الأمور التي تعتبرها على قدر من الحساسية".
وأوضح التقرير أنه على "إسرائيل العمل من أجل تركيز وتوسيع حركة التطبيع بينها وبين دول عربية وإسلامية براغماتية، وعلى رأسها السعودية واندونيسيا"، لافتاً إلى أن "الخطوات مقابل السودان والمغرب لم تستنفد، ويجب التأكد أنه مقابل ما حصلوا عليه من الولايات المتحدة هم يطبعون العلاقات حقاً".
أما وبعد تأجيل "إسرائيل" لعملية ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية، فيجب وفق التقرير "العمل على دمج مصر، الأردن وأيضاً السلطة الفلسطينية، في التعاون الإقليمي، واستخدام التطبيع كرافعة لتحسين العلاقات مع الأردن".
وفي ما يتعلق بتركيا، رأى معدو التقرير أنه "ورغم الإشكالية في السياسة الإقليمية التركية وأسلوبها المعادي لإسرائيل، فإنها لا تشكل تهديداً عسكرياً مباشراً، وفي مقابل عملها على ضعضعة سلطة إسرائيل، ودعم حماس، فإنها تدير مع إسرائيل علاقات اقتصادية واسعة"، ولذلك يجب إدارة العلاقات مع تركيا على "قاعدة الندية واستخدام موقف إدارة بايدن كرافعة في هذا السياق".
التقدير الاستراتيجي الاسرائيلي قال إنه "علينا توسيع قاعدة الخبرة بالشؤون الصينية وتحسين إدارة المخاطر مقابلها"، مضيفاً أنه "يجب الحفاظ على الحوار مع موسكو وحرية العمل التي تعطيها لنا في سوريا".
في الساحة الداخلية
أظهر التقرير أن الجيش الإسرائيلي يعاني من الأزمة السياسية الداخلية "ومن عدم يقين يتعلق بالموارد، الذي لا يسمح بتخطيط وتنفيذ منظّم لبناء القوة والاستعداد لتحديات مستقبلية"، مشيراً إلى أنه "في أعقاب الشلل السياسي الجيش يدير أموره منذ سنوات من دون خطة".
ووفق التقرير، فإن الأزمة السياسية "وجهت ضربة لثقة الجمهور بمؤسساتنا ومنعتنا"، لكن مع ذلك "يجب توخي الحرص لإبعاد الجيش والمؤسسة الأمنية كلها عن الصراع السياسي في إسرائيل"، والاتفاق مع الولايات المتحدة على "قواعد وخطط للحفاظ على التفوق النوعي العسكري والتكنولوجي لإسرائيل".
وحذّر التقرير من "اتساع الفجوة بين إسرائيل وبين الجاليات اليهودية في أرجاء العالم، وهذا ما يلزم ببلورة متجددة لرؤية مشتركة وحوار، يؤديان إلى تحسين العلاقة وتعزيز الثقة المتبادلة"، كما يتوجب على المسؤولين "اتخاذ خطوت تضمن مكانتها ومصيرها، كتعبير عن الوطن القومي للشعب اليهودي".
خلاصة:
خلص التقرير إلى أن "ردع إسرائيل قوي في كل الجبهات" على حد تعبيره، مشيراً إلى أن "أعداء إسرائيل لا يريدون فتح حرب ضدها، لكن احتمال تدهور يخرج عن السيطرة ما زال قائماً، ويفرض المحافظة على جهوزية عالية".
وأضاف التقرير أن "الإحراج الاستراتيجي في إسرائيل في الوقت الحالي، هو عدم الإصغاء إلى بلورة وتحديث نظرية أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية، والحاجة إلى تعديل وتقوية مؤسسات الحكم والقضاء، وهذا ما يحتاج إلى معاهد أبحاث مدنية للمحافظة على الجمر مشتعلاً ومواصلة تغذية النظام المهني والسياسي والجمهور بتصورات ورؤى محدثة وبتوصيات سياسية تواجه بشكل أفضل التهديدات".
الميادين نت