ندى مهري روائية وأديبة جزائرية مقيمة في القاهرة، واحدة من جيل الأدباء والمثقفين العرب المعاصرين، تكتب الرواية وتقرض الشعر، حاصلة على جائزة الشارقة للإبداع العربي في مجال أدب الطفل عام 2009، وجائزة الامتياز في القصة القصيرة في مسابقة “فوروم الكاتبات المتوسطيات” بمرسيليا بفرنسا، لها إسهامات أدبية وفكرية منشورة على شكل كتب وروايات...
التقتها البديل وأجرت معها الحوار التالي:
هل من بطاقة تعريف مختصرة تقدمونها لجمهور القراء والمثقفين في موريتانيا؟
بداية أتوجه بالشكر الجزيل على الاستضافة الجميلة في رحاب البديل.
انطلاقتي الإعلامية والأدبية بدأت من الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، حيث عملت مذيعة أخبار في الإذاعة الجزائرية وتعاونت مع بعض الصحف الجزائرية كما كتبت الشعر الذي يعتبر حبي الأول ومحطتي الأولى في مجال الابداع، ونشرت بعض أشعاري في الصحف، كما كتبت المقال وبعض قصص الأطفال، بعدها انتقلت الى القاهرة وكانت رحلتي إلى القاهرة مغامرة مجهولة النتائج لأني انطلقت من الصفر متسلحة بالايمان والإرادة وبمنطق الخروج من منطقة الراحة لتحقيق الذات وصناعة التغيير وهذا ما حدث ففي القاهرة اتسعت تجربتي الاعلامية والابداعية وحصلت على العديد من التتويجات أبرزها حصولي على جائزة الشارقة للإبداع العربي في مجال أدب الطفل عام 2009، وجائزة الامتياز في القصة القصيرة في مسابقة “فوروم الكاتبات المتوسطيات” بمرسيليا بفرنسا، وصدر لي كتاب عن الملتقى ضم أعمال الكتابات الفائزة سنة 2008، لدي مجموعتان قصصيتان في مجال أدب الطفل، تحمل المجموعة الأولى عنوان "أميرة النجوم" 2009. وتحمل المجموعة الثانية عنوان "لعبة الألغاز"الصادرة بالقاهرة سنة 2013. كما درست بعض قصصي للأطفال في المناهج المدرسية لتلاميذ الصف الثالث والرابع بالجزائر والخامس بلبنان.
متى بدأت كتابة الرواية؟
صراحة لم أتوقع يوما أن أصبح روائية لأنني كنت مكتفية بالشعر بالدرجة الأولى وكتابة المقال والقصة القصيرة، وحتى الكتابة في مجال قصص الأطفال ورغم أنها كانت أكثر إلحاحا ومع ذلك تجاهلت هذا النداء كثيرا، وذات يوم ودون تخطيط رافقتني أشباح أبطال قصة للأطفال في كل مكان، ولم أتحرر منها الا بتحريرها وكتابتها، وكانت أول قصة كتبتها هي "أميرة النجوم" سنة 1996 بالجزائر، انها المنطلق الحقيقي في مجال تخصصي في الكتابة للطفل، ثم شعرت أن هذه القصة القصيرة تحتاج الى تتمة وكأن أبطالها يطالبونني بحقهم في النضج والمغامرة بعد مرور أزيد من عشرين عاما فقررت أن أخوض تجربة الرواية.
أي أصناف الرواية تكتبين "السياسية، العاطفية، البوليسية، الواقعية.. إلخ"؟
رواية مملكة الأمنيات تنتمي الى أدب الخيال وهي موجهة لفئة الشباب صدرت بالقاهرة سنة 2019 وقد قمت مؤخرا بترجمتها إلى اللغة الانجليزية، وقريبا ستصدر في كتاب صوتي لفائدة المكفوفين وضعاف البصر . وهنا أفتح قوسا وأشير إلى واقع الكتابة في مجال أدب الشباب في الوطن العربي، هذا المجال غير مطروق بكثرة بالمقارنة مع الروايات الموجهة للكبار لذلك أتمنى المزيد من الاهتمام بهذه الفئة المحاصرة بين أدب الصغار والكبار، كذلك هناك نظرة مجتمعية قاصرة للكاتب المتخصص في أدب الطفل والشباب حيث لاينظر اليه بنفس الطريقة التي ينظر إليها الى الروائي والشاعر وهذا يعكس ضمنيا عدم الاهتمام بكتب الأطفال إلا في حدود ضيقة كالتعليم. أو في مناسبات ثقافية تتعلق بهذا المجال. كذلك عدم وعي الأسرة بأهمية تعويد الاطفال على القراءة منذ الصغر ، إضافة الى قصور المناهج التعليمية في الحث على القراءة واعتمادها على الحفظ والتلقين وإضافة الى صعوبة الكتابة الى هذه الفئة فالكاتب المتخصص في أدب الطفل والشباب يفتقر الى الدعم والتشجيع ما أدى الى العزوف عن الكتابة وحتى الكتابات الموجودة فبعضها يغلب عليها المضمون النمطي والميل نحو الوعظ في بعض الأحيان لإضفاء صفة المثالية وإهمال البطلة الفتاة.
بأي من رواد الرواية العربية تأثرت؟
دون شك تأثرت في مساري الأدبي بالعديد من الرواد تأثرت بفلاسفة وعلماء من مختلف المجالات وبالنسبة لرواد الأدب العربي أذكر على سبيل المثال جبران خليل جبران ومي زيادة ونجيب محفوظ وبهاء طاهر والروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، كما تأثرت بكتاب عالميين كالروائي الياباني هاروكيموراكامي، والروائية التركية اليف شافاك وغيرهم، القراءة هي وقود الابداع ولذلك اضفاء صفة التنوع في المطالعة من أهم أدوات الكتابة.
بم تفسرين عزوف الشارع العربي عن الفعل الثقافي؟
ربما الشارع العربي أثقلته الهموم والمتغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة العربية ما جعلته يبتعد عن الفعل الثقافي إضافة إلى غياب دور نخبة ثقافية فاعلة تدعم وتشجع الحراك الثقافي في المجتمع، لأن الثقافة هي المحرك الرئيسي للوعي المجتمعي وكسر العديد من الأفكار والصور النمطية التي تسيطر على الثقافة المجتمعية وتعرقل صناعة التغيير الذي يحتاجه الشارع العربي .
ثمة حالة من الركود يعيشها الكتاب العربي منذ تسعينيات القرن الماضي ما السبب في رأيك؟
دون شك هناك عوامل كثيرة وراء ركود الكتاب العربي منها ارتفاع نسبة الأمية في الوطن العربي والمتغيرات السياسية التي أثرت على المناخ الثقافي في الوطن العربي، وغياب استراتيجيات ثقافية فاعلة لصناعة مجتمع قارىء. كانت الأجيال السابقة رغم الظروف الصعبة تقرأ ، ولكن الأجيال الجديدة لا تهتم بالقراءة كثيرا فلكي نصنع مجتمعا قارئا يجب تضافر جميع الجهود الأسرة ، المدرسة، المجتمع، الاعلام، الدولة، وقد أظهر تقرير أصدرته مؤسسة الفكر العربي أن متوسط قراءة الفرد الاوروبي يبلغ نحو 200 ساعة سنويا بينما لا يتعدى المتوسط العربي 6 دقائق وحسب احصاءات منظمة اليونيسكو، لا يتجاوز متوسط القراءة الحرة للطفل العربي بضع دقائق في السنة، مقابل 12 ألف دقيقة في العالم الغربي، والآن مع التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الاتصال زاد ركود الكتاب والقراءة .فالطفل الصغير قد يحسن استعمال اللوحات الرقمية والوسائط الالكترونية الأكثر تعقيدا وهو لم يقرأ كتابا في حياته.
هناك سطوة عامة للأغاني السريعة والقصص القصيرة والقصيدة الومضة، هل هي مواكبة لعصر السرعة أم هو نوع من التجديد في المنتوج الثقافي؟
هي مواكبة لعصر السرعة وفي نفس الوقت نوع من التجديد في المنتوج الثقافي ،الذي يساهم في التراكم المعرفي لكن وفق أطر مدروسة وبعيدا عن الرداءة ، لأن التجديد والتنوع صفتان متلازمتان للتطور.
حاورها سيدي محمد ابه