صور من مصراته
لا ننسى بعض الخوف الذي سبّبه لنا الأخ الكبير الأطلسي أمس ليلا قُبيل مُنتصف الليل بينما كنا ما نزال في منطقة المعارك عندما طلب منا على قناة VHF العامّة إن كنا نستطيع تأكيد وجود قارب وراءنا على اليمين يقترب منا بسرعة كبيرة. قال القبطان: نعم كان يرى في الواقع بقعة مضيئة على شاشته وبالتالي أطلق «ضابط ارتباط الحلف»؛ على نفس الخط العام نداء إلى كل سفينة تبحر في المنطقة وإخطارها كي تُعرّف بنفسها. وهذّه السفينة إما أن ليس فيها جهاز استقبال؛ وإما أنها صمّمت على انتهاك الإخطار ولم تستجب وتابعت اقترابها، فكرّر ضابط الارتباط نداءه: «أنا ضابط ارتباط حلف الناتو هنا السفينة الحربية للحلف, تُكرّر إخطار الهدف غير المعروف»، فوجدنا أنفسنا مرّة أخرى، مثلما حصل لنا في رحلة الذهاب في غرفة القيادة أقل قلقا وأكثر ارتباكا بينما لم تعّد عينا باس تُفارقان شاشة مَتنهِ حيث استقرّت البقعة المضيئة.
ألحّ الصوت: «هنا ضابط ارتباط حلف الناتو هنا ضابط ارتباط حلف الناتو. هذا هو الإنذار الأخير المروحيّات الحربيّة في الطريق». ولا جواب أبداً. فعلا الصوت للمرّة الأخيرة: "هدف غير معروف! هنا ضابط ارتباط حلف الناتو! كان هذا آخر إخطار! سنْطلق النار خلال دقيقتين!"
مضت دقيقتان. دقيقتان تماماً. واختفت البقعة المضيئة عن الشاشة كانطفاء الفانوس. فسكت الصوت أخيراً، فهل تراجعت السفينة غير المعروفة؟ هل عادت من حيث أتت؟ أمّ أنّ ضابط ارتباط حلف الناتو نقذ تهديده وأغرقها؟ لا أحد سوف يعرف شيئاً عنها. «كل شيء ممكِن»؛ قال باس وهو يأخذ مقبض الدقة: «فكل مساء هناك قوارب سريعة؛ من ماركة زودياك عموما تنطلق من الشواطئ في منطقة مصراطة؛ وتطارد إمَا قوارب كقاربنا وإما القوارب الْمعاديَة إن وُحِدتْ. لا أعرف مصير هذه القوارب. ولا أحد يعلم عنها شيئاه.
ولا ننسى أبداً الخوف المرتدٌ الذي سبّبه لنا يان بّاس عن طريق المُسارّة: "هل تذكرون لحظة وصولنا عندما أخبرتنا مروحية حلف الناتو بأنّ جهاز الاستقبال على متننا مُطفأ وأنّه لم يكن طبيعياً؟». لكنْ ما معنى هذا إذا تذكّرنا! ذهبتٌ أمس إلى قمريّة القيادة لأبحث عن قطعة تبديل وأملا خزّان الوقود، فقيل لي هناك إِنّ قصة جهاز الاستقبال المطفأ كادت بالفعل تكون وخيمة العواقب، فطيّار المروحية حين رأى أننا لا نُجيب وحين أجبناه قائلين إننا قادمون من مالطة بينما كانت لديه وثائق تُثبت أننا قادمون من البحرين انتهى بالاتصال إلى مصراتة وطلب من المسؤولين: "هل تنتظرون مركباً قادماً من البحرين؟ فأجابوه في مصراتة لا لا ننتظر أي مركب قادم من البحرين. فقال هل تُريدون أن نحيّد هذا المركب القادم من البحرين ويدّعي أنّه قادم من مالطة قبل أن يدخل في الميناء؟ فأجاب موظف الحراسة في مصراتة: في تلك الليلة بوحي منه رُبْما نتيجة تردٌّده أو نتيجة موازنته بين أن يكون مع تحييد المركب وضد تحييده بعد أن استولت عليه الريبة أو نتيجة قراره بأن الشباب في الميناء سيّسوٌون المسألة بأنفسهم، ولا بُدَ أنه قال: "لا شكرأ سوف نهتمٌ بالأمر" وهكذا أنقذنا من ورطة من دون أن يعلم (ومن ثم كان القصف علينا حين وصلنا الذي أفهم الآن أنّه كان من مُعسكرنا وكي يتوقّفوا عن قصفنا كانت كلمات سليمان لازمة إذ صرخ أنه سُليمان وأننا في مركب صديق...)
لاحظوا قبل أن أنسى الفوضى التي كانت تُهيمن على الميناء ساعة إقلاعنا الثاني.
لاحظوا أنه على حواجز الميناء هناك حيث كان يخيم قبل مساء أمس ساعة وصولنا من الطبقة السوداء (انعدام الضوء وظلّال خفيّة وإطلاق الرصاص من الكلاشنكوف غير المُحدّد والتهديد غير الملموس... والازدحام الهائل الذي تشكّل وكان يُمكن أو يوقفنا عن الإبحار عدّة ساعات ورُبَّا طيلة الليل لولا أنْ تولّى الأمر بشير وسليمان هرع أحدهما إلى قيادة الميناء ليقول من كنا وأمسك الثاني بمقود السيّارة محاولا بالقوّة التي يستمدّها من كونه عضواً في المجلس الوطني الانتقالي أن يشقٌ طريقاً إلى خليفة عزواوي؛ رئيس المجلس المحلي الانتقالي الذي نزل من السيارة كي يوقف السير مع الجنرال رمضان زرموح وتأمين ممرٌ لنا، وحين وصلنا إلى الرصيف الأوّل حيث ينتظرنا مركبنا وجدنا بجانبه سفينة ضخمة ثلاثية الجسور طولهًا مائة متر تُظهره أصغر أكثر أيضاً. إنه يوم السفينة المعدّيّة. اليوم الذي يتكرّر مرّتين كل أسبوع منذ أسبوعَين حيث تتهيّأ فيه هذه السفينة التي أتى بها بشير من تركيا لتأمين المكّوك مع بنغازي للإبحار إلى العاصمة المتَمرّدة والناس الذين يسرعون إلى حواجز الميناء هؤلاء الرجال والنساء الذين سبق أن حضروا إلى هناك قبل اثنتي عشرة ساعة من الإقلاع؛ في الريح الرطبة الباردة لعل الحظّ يوفقهم في إيجاد مكان على ما هو في رأيهم: خط بسيط من حياة رئة تتنفس منها المدينة المحاصّرة؛ حريّة؛ هؤلاء الناس غاضبون يائسون وغاضبون؛ مستعدون لفعل أي شيء من أجل الخروج من المدينة. شعرت بالعار فجأة. بالعار الكبير. مثلما حصل لي في سراييفو حيث اعتقد جيل أنّه فقد جواز سفره وحيث راح الأصدقاء البوسنيون المحبوسون كالحيوانات في زريبة ولم يكن لهم بجوازات سفر أم من دونها أيّ حظ في الهروب من الفخ الذي تحوّلت إليه المدينة راحوا يبحثون معنا تحت طاولات المطعم حيث كنا نتناول غداءنا الأخير فوجدت أنه لم يكن مدعاةً للفخر أن نُسارع إلى الاحتيال. فوداعاً يا أصدقائي. مع قبّلاتي. وفّقهم الله سوف نُسافر مغمومين.
لاحظوا «المؤتمر الصحفي» بالضبط قبل الرحيل في مسرح مصراتة حيث احتشد مئة وربما مائتا صحفي ومُثقّف وشخصيات من المدينة. فكيف حُدّه موعده في مدينة بلا هاتف ولا إنترنت حيث تعيش العائلات النادرة الباقية فيها محشورةٌ في الأقبية؟
هذا غير مفهوم. لكنهم هنا متيقُّظون. مُتأمّلون. سُعّداء. يبدو لي كلما تذكرتُ أطروحتي؛ سراييفو وحدها من دون مُساعدة خارجية تقريبأ فكت الخناق عنها وغداً سوف تتحرّر مصراتة وبعدها ليبيا كلّها. لقد علا التصفيق حين قلتٌ إن جيش ليبيا الحرّة حاضرٌ هنا في مصراته التي زادها هذا الانتصار العريض صلابةٌ الجيش الذي يبحث عنه المُتحالِفون في بنغازي عبَثا حاضرٌ هنا وسوف يزحف في الوقت الُمناسب على طرابلس. وشعرتٌ بالحيرة على نحو غريب بل تقريباً بالشكٌ عندما حاولتٌ أن أشرح لهم أن فرنسا التي أنقذت بنغازي، فرنسا هذه التي لا يتوقفون عن تحياتهم الهادرة بالقول "شكراً يا ساركوزي" لا تلخصهم ذلك، بساركوزي؛ لأنها تتضمن أغلبية كبيرة من الُمعارّضة في السلطة، في عديد من مدنها تُديرها إمرأة نقلتٌ منها قبل ساعات إلى المجلس المحلي الانتقالي المنعقد في اجتماع استثنائي رسالة رائعة من التضامن والدّعم.
لاحظوا عدّم تصديق أعضاء المجلس المح الانتقالي حين قرأتُ عليهم؛ في وقتٍ متأخر خلال النهار في مباني المصرف التي تراجعوا إليها بعد إحراق CITY HALH: بعد أن أعدت بالجبس على عجّل قاعة الاجتماعات؛ خمس رسائل نصيّة من رولان لي؛ عمدة ستراسبو وعٌمدة تولوز بيير كوهن وجيرار كولومب عُمدة ليون وبرتران دو لا نويه وأخيراً مارتين أوبري وضمنت لكي أقطع هتافاتهم بالشكر أن إسراع مدينة أوروبية حُرة وسعيدة إلى نجدة مصراتة شرف كبير بل واجب ومفخرة.
وفي ما يتَصل بالشرف تثبّت تماماً انفعالي الذي غمرني عندما أعلن لي الرئيس بعد نقاش باللغة العربية التي كدت أَسييءٌ تفسيره بقدر ما كان يبدو لي أنّهِ يُقصيني؛ أن المجلس انتخبي بالإجماع مواطن شرّفي في بنغازي. «سأتمكن من التصويت » قلت له وأنا أتذكّر عن قصد كلمات ميتران على هامش الأرشيف الذي أعددناه في فيلم بوسنة! حيث نرى ردّة فعله لكن بنغمة طالما بدت لي زاجرة ومُثقلة بالتهديد على نحو غريب) على قرار تسميته مواطن شرفي في سراييفو. فأجابني رئيس المجلس فوراً ليس التصويت فقط بل تستطيع أن تترشٌح وتباشر عمّلاً سياسياً أيضاً فأجبتُ: غير ممكن علي أن أنافسك، ولن أفعل هذا أبدا. فضحك الجميع..
لاحظوا مرورنا بمستشفى المدينة وفيض سيارات الإسعاف والعائلات التي تُحاول الدخول والازدحام المّمل وصمت الأموات المُفاجئى في غرفة الإسعاف؛ فلا صوت, ولا حركة ماعدا أصوات عجلات الحمّالات وأنين قادم من سرير في أقصى القاعة يقطعه نحيب رجل مقطوع الذراع وقد ضمّد صدره ورأسه بالكامل وصراخه وحدّه هو الذي يبدو حيا.
التقط مارك صُوّراً لا أعرف كيف يفعل. فخرجت كما فعلت في اجدابيا كي لا أتجشأ والطبيب خالد أبو فلاقة المُرهقَ بالعمل الذي ينقصه كل شيء؛ وبالدرجة الأول مسكنات الالم والمُخدّرات وعلى افتراض توفرها في ذلك اليوم الاثنين 30 أيّار/ مايو حيث كان هناك ستّون جريحاً جروحهم خطيرة نُقِلوا من الجبهة وأضيفوا إلى ستة آلاف جريح آخر وإلى 1600 قتيل في الأسابيع الماضية. الجرحى خطيرون في مصراطة؛ أي رؤوس شبه مقطوعة؛ ووجوه مهروسة., وأجساد مُقطّعة وجذوع مبقورة وعويل. ثّم لاحظوا أخيرا سعادتي الخالصة عندما عثرتُ في قلب الليل على حجرة مالطة الجافة بمظهرها المبلل كأنها مغموسة بالعرّق.
الثلاثاء 31 آيار/مايو (حكم الوجوه المسبق)
أعدت قراءة ملاحظاتي عن مصراتة، ليس هناك ما يكفي من الوجوه، خرائب كثيرة جدا وليس هناك كفاية من البشر. هذه هي اللعبة وبالتالي سأترك كل شيء كما هو غير أني حاقد على نفسي. آه يا ليفيناس! و«أودين»! كلمته الصحيحة كليا وهي بمثابة برنامج في رسالته إلى اللورد بايرون: «المنظر هو بالضبط ديكور للأجساد»... والكلمة الأخرى في نفس الرّباعية أستشهد من الذاكرة وبالفرنسية وكانت هذه الكلمة شعاري الدائم: "أعطي سيزان كلّه كل لوحاته عن الطبيعة الصامتة؛ مقابل لوحة لدوميبه أو لِغويا". لكنني خالفتٌ شعاري.
الثلاثاء 31 أيار/مايو (رسالة إلى إسرائيل)
بدأ هذا بمكالمة هاتفية غريبة واحتفالية على نحو غريب. ثم موعد ليس أقلّ غرابة واحتفاليّة في بار فُندقٍ كبير مع إنسان ودود وكيس بطبيعة الحال، لكنه مُستعار ومُتصنّع قليلأ وبهيئة أكاديمية مُفرطة بقفازاتٍ بيضاء وقبعة.
بدأ محدثي بالقول: "هذا شيء أردنا أن نقوله لك منذ زمنٍ طويل. ولم نجد الوقت المناسب، وها نحن الآن نجد الفرصة المواتية. الأمر مُتعلّق بأصدقائك الإسرائيليّين. بودّنا أن نمرّر إليهم رسالة، أوه ليست رسالة سياسية! بل رسالة عامة، إنسانية. رسالة تقول لهم باختصار إِنْ ليبيا الجديدة لن تُناصِبّهم العداء ولن نُفرج طبعا عن شيء من الملفٌ الفلسطيني، وسوف نعمده في النهاية إلى أن تُحتَرم الحقوق المشروعة لإخوتنا الفلسطينيين.
غير أننا سنُقيم علاقاتٍ حضارية؛ طبيعية؛ مع جيراننا كل جيراننا بها فيهم الإسرائيليون،ومن المهم في نظرنا أن يعلموا بهذا ومن المهم أيضاً أن تعلم به أنت أيضاً يا سيّد برنار هنري ليفي بصفتك يهودياً فعلت الكثير للدفاع عن قضيّتنا وخصوصاً في الأيام الأخيرة في مصراتة".
طبعاً فاجأتني الخطوة.
تساءلتٌ أولاً إن كانت هذه الخطوة مُرتبطة بدفتر ملاحظاتي حيث طرحتٌ بالتحديد سؤالاً عن علاقة إسرائيل بالربيع العربي وعلاقة الربيع العربي بإسرائيل.. محدثي لم يقرأ هذا الدفتر ولم يسمع أحداً يتحدّث عنه ولا يبدو أن لرسالته إلى إسرائيل أي رابط به.
قلت لنفسي لاحقاً: "قد تكون هذه طريقة خرقاء وفاتنة في آنِ معا كي يُعبر لي عن عُرفانه بجميلي وعرفان المجلس الوطني الانتقالي أيضا من أجل ما استطعت أن أقوم به كما قال للدفاع عن القضية الليبية" لم لا؟ الخطوة لا تنقصها اللباقة وقد تكون رائعة ومؤثّرة لكنني موقنٌ بأنّ الأمر ليس كذلك أبداً؛ فأنا في نظره فرنسي قبل كل شيء وصديق ساركوزي ومُشارك في المسؤولية عن زلزال 10 آذار/ مارس طبعاً لا يخفى عليه ارتباطي بإسرائيل لكن هذا يأتي في مرتبة لاحقة.
أحياناً تراودني فكرة أن أصدقائي يبحثون عن مساعدة وعن مساعدة عسكرية بوجه خاص لذا طرحت عليه صراحة السؤال فأين السوء في هذا؟ لكنّه أجابني إجابة لا تقل صراحة عن سؤالي أنهم تلقّوا سلّفاً مُساعدات كثيرة وصلت أوَّلاً من فرنسا وثانياً من الدول العربية التي دخلت في التحالف والمشكلة من الآن وصاعداً ليست في إيجاد مصدر جديد للمساعدة؛ بل في أن تصل الُمساعدات الجاهزة للإرسال مثلاً إلى مصراتة والزاوية وغاريان إلى هذه المدّن المحاصرة الشهيدة.
لا أعتقد أن هذه الخطوة تريد فقط أن تقول إن ليبيا حين تتحرّر ستكون بلّداً طبيعياً.
الرسالة هي أنَّ ليبيا ستصير بلّداً مُعتدلآ وتلتحق بمحور البلاد العربية الأخرى المعتدلة التي تُكافح ضدّ كل أشكال الإرهاب والتطرّف.
ولئن كانت ثمّة رسالة تحت الرسالة فهي الآتية: ينبغي عدم الإصغاء إلى ما ُيحكى وإلى ما يحكيه القذَّافي خاصة عن النزعة الإسلامية في برقة.
طلبتٌ من المبعوث درجة استعجال الرسالة.
سألته إن كان علي وحدي أن أنقلها أو إن كان يودٌ أن ينقلها معي.
وإذا قدّمتٌ له مسوّغا فهل يظنُ أن هذا يستحقٌ أن أقوم برحلة خاصّة أم أن بإمكاني أن أستغِلٌ هذه الفرصة أم تلك؟
قال لي: باختصار لا أعرف أترك هذا لفطنتك.
ولما قلتٌ له إن علي أن أكون في إسرائيل غداً على أية حال للحديث مع رئيسة المعارضة تسفني ليفني وبما أن موضوع الحديث سيكون بالتحديد «على إسرائيل أن تخاف من الثورات العربية» فبإمكاني أن أستغِل الفرصة وأذهب على عجل لرؤية المسئولين هناك..
أجابني: «هذا مُناسب» ولا نستطيع أن نفعل أفضل من ذلك في الواقع فافعل ما يحلو لك.
سأفعل هذا. سأستغل فرصة حديثي مع ليفني وأذهب لرؤية باراك؛ ونتنياهو إذا كان مُتواجداً في القدس.
تركتٌ هذا الرجل مُتأثّراً بالتفاتته التي هزّت أعماق مشاعري فها أنا الذي لم أتوقّف لحظة منذ ثلاثين عامآ عن الحلّم بسلام القلوب بين أبناء إبراهيم يُفْوّضني حاكم عربي للمرّة الأولى كي أذهب لأقول كذلك، على الطرف الآخر، لم يعد الحقد قدّراً محتوماً.
الأربعاء 1 حزيران/يونيو (مكالمة من نيكولا ساركوزي)
الانطلاق إلى تل أبيب.
في الطريق إلى مطار شارل ديغول اتصل بي الرئيس. إِنها لحظة التخوّف التي تلِمّ بي كالعادة الخشية من أن يتصل ليُعلِن لي أو يجعلني أفهم أن هذا طويل للغاية ومُكلف جدَّا وورطة؛ ومشكلات كثيرة إِنه وقتُ عدم التراجع بالضبط ولا القتال مع التراجع بل وقت إيجاد مخرّج بإنقاذ ماء الوجه؛ الخ..
لكنْ لاربما أنه سمع فقط بمٌداخلتي أمس مساء في برنامج روت ايلكريف على BFM
حيث وجهِتٌ للرئيس ساركوزي في آخر البرنامج سؤالاً من طرف القائد العام لجبهة عبد الرؤوف: أين المروحيّات؟؛ لأنّه أعلن لي من دون مُقدّمات: "تم الأمر فالمروحيّات التي تحدّثنا عنها في آخر لقاء صارت هناك..."
في الساعة الُمناسبة! لكنْ لماذا أخذت كلّ هذا الوقت؟ فالناس في مصراتة لا يفهمون السبب، وليس عل أفواه الّقاتلين على الجبهة إلا جملة واحدة... لم يتركني أكمل.
"كان يجب انتظار البريطانيّين كان في طيّاراتهم بعض المشاكل التقنيّة ونحن لم نرِد أن نبدأ من دونهم."
"كنت أتَخيّل على العكس مُنافسة شريفة ستسبقهم فيها فرنسا والتفاهّم واجب من أجل خير الليبيين."
"أنا بالتأكيد لا أفعل هذا فأنا وكاميرون نعمل يداً بيد، منذ البداية يدا بيد، ولن أغيّر رأبي اليوم. ثم..."
لن أحلف بأنه كان صادقاً في تلك اللحظة.
..." م إنَّ هذه التسريبات الصحفية... لم تخدمنا يجب أن نقول ذلك".
وبالفعل رأيت قبل عدة أَيَامٍ مقالة ضخمة. في جريدة الفيغارو دقيقة للغاية ومُستعلمة جدا فهل يوحي لي بأنني قد أكون وراء إفشاء السِرٌ؟
-رأيتٌ هذا نعم. غير أن هذه التسريبات جاءت من الإليزيه! قلتُ لنفسي...
فأوقفني بسرعة؛ وقال: "لا من وزارة الدفاع خرجت التسريبات من وزارة الدفاع."
-هذا لا يُدهشني كثيراً. لأنّ لونغيه ضدّ التدخل منذ البداية.
لم يجب بشيء مثلما فعل في أوّل يوم اثنين حين حدّثتّه عن جوبيه إذ أصمٌ أَذنّه. فكرّرت: "هذا مُزِعجٌ لوزير ولكنني واثق بأنه كان ضد التدخل."
غير الموضوع طالباً مني متى أستطيع المجيء كي أحكي له ما رأيته في مصراتة. ولما قلتُ له إن الوقت ليس مُناسباً بحكم أنني مُنطلق إلى تل أبيب حيث سأسعى لإقناع الإسرائيليين بأن يُظهروا أنهم أقل وجلاً مما يحدث في ليبيا سخر قائلاً: هذه مبادرة طيّبة ولكن...
-نعم؟
-... فقط يجب أن تعلّم أن جوبيه سيكون في إسرائيل في الوقت نفسه. انَّصِل بي عند عودتك.
-بالتأكيد.
الخميس 2 حزيران/يونيو (عاصفة في تل أبيب)
كيف أمكن أن أرتكب خطأ كهذا؟
ومن باب آخر أقول: هل هو حتمّاً خطأ؟
1- الساعة السابعة والنصف. كنت صاعداً في السيارة من تل أبيب إلى القدس حيث كان عندي موعد بعد ساعة مع بنيامين نتنياهو الضوء ساطع لونه ذهبي. هذه الصباحات على جبال الجليل حيث تكوّن لديّ دوماً انطباع وقد أضناني الليل أنْ هذه المناظر تنتفض وتبدأ بالابتهاج. كانت ترافقني آنيت ليفي فيلار، طلبتُ منها أن تنسى خلال عدة ساعات أنّها مُستشارة في سفارة فرنسا وأن تبقى فقط مُتنبّهة معي إلى القصّة الاستثنائية الرائعة لهؤلاء الثائرين العرب الذين قطعوا مع أبالسة الماضي؛ وفي هذه الحال مع مُعاداة الساميّة، ولكي أكون مُتأكداً تماماً من قضيّتي اتصلتٌ أمامها بزائري في ذلك اليوم. كان مُكبّر الصوت في هاتفي المحمول شغالا كي أتمكّن, في الوقت الذي يُردّد لِي كلامه حين وسّطني لإيصال رسالة إلى إسرائيل من تدوينه على جهازي تتضمّن هذه الرسالة ثلاث نقاط جوهريّة أسجّلها هنا بأمانة: النقطة الأولى: ليس على إسرائيل أن تخاف شيئاً مما يحدث حالياً في ليبيا. والنقطة الثانية: النظام الذي سيحلٌ محل نظام القذّافي سيكون نظاماً مُعتدلا قائمأ على احترام حقوق الإنسان وعلى الكفاح ضدّ الإرهاب والعُنّف والنقطة الثالثة:سوف يعترف بحقٌ كل شعب أن يعيش في سلام؛ وأمن؛ وأوَّله إخوتنا الفلسطينيون الذين لا يُمكِن المساومة على حقهم في إقامة دولة؛ وكذلك حق الجيران، الجيران كلهم، من دون استثناء.
هذا بسيط ولكنّه صريح، هذا مُتواضع لكنّه واضح. وأنا سعيد حقاً بكوني حامل هذه الرسالة. لا فالليبيون الأحرار ليسوا أولئك الإسلاميين الذين يصفونهم لنا هنا وهناك نعم؛ كان معنا حقٌ بأن نثق من اليوم الأوّل بهؤلاء الديمقراطيين الجدّد.
2- شارع كابلان الحي الذي يسكن فيه رئيس الوزراء حشّدٌ من النساء المُجِنّدات المنُشغلات في الحُجرات المجاورة. رئيس الوزراء كما يُقال هنا خلافاً لعادته في موعده المُحدّد، وجدثه قد نَحُف، سحنته غضّة، وباقي سماكة الاكتناز لم يُمتصّ بل توزّع في الوجه على نحو يدعو إلى الظنّ أنه استعاد في النهاية وجهه الطبيعي. بالإضافة إلى مرح الرجل العائد من واشنطن بعد أن منحه مجلس النواب الأميركي. على ما بدا ستة وعشرين وقفة تصفيق حماسي. تحدّثنا أوْلاً عن السلام، انطباع رهيب من أننا نكرّر نفس الحديث بالضبط مع نفس الثوابت نفس المعطيات نفس الاعتراضات من الجهتين منذ أكثر من أربعين عاماً.
اقترحت من جانبي ألف مرّة إلقاء خطاب عظيم «تاريخيٌ» حيث يقوم رئيس الوزراء الإسرائيل (نتنياهو اليوم لكن أمس بيغن وشامير ورابين وباراك وأولرت - إِنّه رئيس وزراء بأسماء مُتعدّدة اسم سياسي مُستعار. شعرت في تلك اللحظة أنني أتوجّه إليه) في النهاية بصياغة عرضه للسلام على الفلسطينيّين بطريقة ليست واضحة وحسب بل إيجابية أيضاً. نفس المصلحة لرئيس الوزراء ولمرافقه الذي يجلس إلى جانبه والذي يدعوه خفية كالعادة لكي يدون محضر الجلسة (هو شاب عمره أقلّ من أربعين سنة لكن هنا أيضا تصادّم كل أشباح المرافقين الذين رأيتهم يأخذون نفس الملاحظات التي لديهم وبالطريقة ذاتها وكما سيفعل هذا المُرافق حيث سيّدرَجٍ في المحفوظات فور افتراقنا.( اليقين نفسه للأسف بأن هذه المحاضر كلها لن تُفيد في شيء. في أيّ شيء قطعاً لأن نتنياهو مثل الآخرين سوف يجانب قدره ولن يجد لا الكليات ولا الإيماءات وسوف يُتابع من دون تأثر الإعلان عن برامجه "للتسوية" والاحتفاظ بحواجز التفتيش؟ في الأراضي وتكرار أن «الضفة الغربية» وكأنها هي المشكلة تشهد نموا اقتصادياً استثنائيا. ثم أخيراً الرسالة التي وجدت الوقت لأترجمها إلى اللغة الإنجليزية وقرأتها على جهاز هاتفي ببطء وتهمّل مُتحققاً بدقة في نهاية كل نقطة من النقاط الثلاث من أن رئيس الوزراء فهمني جيّدا، والحقيقة أنه كان يسمع مبتسما ابتسامة عرّضية في البداية ثّمَ بفُضول ثم بمُفاجأة أستاذ قديم في الحديث المُسجّل مُسبقا وتسلسّل الأفكار المجهز قبلا يجد نفسه في مواجهة إشكال غريب، وحتى مُستجد كان التعبير عنه يعوم بيننا نحن الاثنين.
قال بعد صمت طويل: "أتصوّر أنْ هذه الرسالة ليست قابلة للنشر؟ ليس على الخصوص لا..." كان لا بدْ من أن أبدي بعض التردٌّد قبل أن أقول: "ليس على الخصوص». لأنه ألح بالقول: «لا لا ينبغي نشرها من أجلهم؛ لا داعي» بإمكاننا أن نساعدهم؛ طبعا لكنّ الإعلان عن ذلك سيّسيء إليهم. وكي أكون نزيها كدتُ في تلك اللحظة أستشعر وأظهر بعضاً من نفاد الصبر إزاء هذه النظرية التي يُسلّم بها العالم كلّه بدءاً بأصحاب الشأن أنفسهم، والتي مفادُها أنْ صوت الإسرائيليين ودعمهم. وصداقتهم من الأشياء المعيبة التي لا يُباح بها وينبغي إخفاؤها، فكدرت: هذا مماثل تقاماً لا يحصل في جمارك المطار حين نصل إلى مطار تل أبيب وتأتي الشرطية الشرّيرة التي طرحت عليك؛ بلا مُقدّمات ألف سؤال وسؤال محرج لماذا هذه الزيارة؟ هل لك عائلة في إسرائيل؟ أصدقاء؟ محبُونَ؟ هل جهّزت حقيبتّك وحدك؟ لا أحد دس لك فيها شيئاً؟ ثم تخفض صوتها تجعله متواضعاً ومؤثٌرأ وتطرح عليك السؤال الأخير: «هل يُمكن أن أختم جوازٌ سفرك؟» لطالما وجدثُ هذا باعثاً على الأسى! كم يرمز إلى أشياء وكم هو مُحزِن! لكنْ لا. ابتلعتٌ من جديد حُزني الُممكن، وأجبتٌ نتنياهو: "في الحقيقة الليبيُون لا ينتظرون شيئا لكنّ العالم في هذا الظرف ينتظر شيئاً ما من إسرائيل؛ إذ لا يُمكن أن تظلُوا هكذا في هذا الوضع المتشنّج خائفين ولا تستطيعون أن تكتفوا بالقول أو بترك الآخرين يقولون. إِنّه كان في عالم الأمس أناسٌ أخيار وإنكم تأسفون على زمن حسني مبارك فأمامكم الآن شعوب ليست شعوباً لاتهمكم؛ فهي جارتكم التي تدق باب ديمقراطية قَدَّمتم نموذجاً عنها لا تستطيعون أن تُغلقوا الباب في وجوهها ومن واجبكم أن تُصافحوا اليد الممدودة إليكم".
كان نتنياهو يسمع. وبدا مُنزعجاً ومُرتبكاً. أهكذا تكون ردّة فعل إنسان ذكي على معلومة جديدة تدعو إلى ردود فِعل مُختلفة عن تلك الردود الناتجة عن نقاشات مُعدّة مسبقاً؟ انتهى إلى القول وكأنّه ينبت قدميه على أرض صُلبة: "سأستقبل جوبّيه بعد قليل، أعرف، أليس في لقائه فرصة لأقول شيئاً مَا؟" بالفعل هذه فرصة هنَّئ نفسك بالموقف الفرنسي وبمبادرة ساركوزي؛ وبذلك تُكذّب بالفعل فكرة أنْ إسرائيل تخاف من هذه الثورة. قال في النهاية: "فهمت... فهمت...". وبعد ذلك حوّل الحديث مثلما فعلتُ لاحقا جبهة باراك ليفني وكل الإسرائيليين الذين تحدّثت معهم من دون استثناء إلى موضوع دومينيك ستروس كان الذي يفتنه أكثر بكثير مما يُذْهِله. انتهت القابلة. رافقني إلى غرفة الانتظار بكياسة، فبقي معي رئيس المكتب الذي قال له نتنياهو بعض الكلمات بالعبرية عشر دقائق؛ في مكتبه الخاص الْمتَصِل بمكتب رئيسه من أجل كشف السبّل لنشر البيان الصحفي الذي سوف يُعلّن هذا المساء الساعة السادسة مساء بعد زيارة ألان جوبيه.
3- الساعة الحادية عشرة والنصف، شرفة فندق الملك داوود مع السفير الفرنسى كريستوف بيغو تلقّيت رسالة نصيّة من رئيس مكتب نتنياهو الذي لا يعرف بعد إن كان سيصدر بيانا مشترّكا؛ أم بيان إسرائيلي فقط ولا حتى إن كان مجرى اللقاء سيأخذ الجميع باتجاه سبل جديدة لكنه في جو من الشك يُرسل لي مع ذلك مشروعاً. يتضمّن هذا المشروع (الذي سيكون. في النهاية البيان الذي سيّعلن بعد قليل في السادسة مساء؛ بعد بدء اللقاء) أربع نقاط تعكس بأمانة روح لقائنا وما قُلناه لاحقا خلال العشر دقائق الأخيرة..
هنأ رئيس الوزراء ألان جوبيه على قرار الرئيس الفرنسي ساركوزي في التحرّك في ليبيا. .
سمحت هذه المبادرة بتجنب مجزرة بحق الأبرياء وبعثت برسالة قويّة إلى العالم.
. للقذَّافي تاريخ طويل في دعم الإرهاب الدولي وفي ممارسة العنف ضدّ شعبه ولم يبد أبداً مشاعر الصداقة إزاء إسرائيل؛ والشعب اليهودي؛ لذا لن تأسف إسرائيل على رحيل القذّافي في أيّة حال من الأحوال ترجو إسرائيل أن تعمل الحكومة الجديدة بعد رحيل القذافي على دفع عملية السلام وتحقيق الأمن لكل شعوب المنطقة.
ثُمّ الحاشية الآتية: "هذا الصباح؛ التقى رئيس الوزراء ببرنار هنري ليفي الذي جاء إلى إسرائيل من المدينة الليبية الْمحاصّرة مصراتة."
كان من المِكن أن أستغني عن الحاشية لكنّ الباقي يُلائمني بل سأقول إنني مبسوط وفي النهاية حاكم إسرائيلي (لا يهمّ إن كان بنيامين نتنياهو) يعلّم بتحوّلات العام العربي ليسعد بها! ويرى أخيرأ= تكذيب الإشاعة اللئيمة. تكذيبها الرسمي حقّا الإشاعة المنتشرة في كل مكان: التي سمعتها أوّل مرّة من فم محمود جبريل في باريس مساء اليوم الذي التقى فيه مع كلينتون والتي تتحدث عن العلاقات السريّة بين القذّافي وإسرائيل! رُبّما قدّمتْ رحلتي هذه الفائدة. أو أنها على الأقلّ أزالت سوء التفاهٌم المقزّز. وأسعدني أنني قرأت للسفير "بيغو" على الرغم من الحذر والمهارة التي أذهلتني حين استعدتها في ذاكرتي الرسالة النصيّة التي وصلتني.
4 - الساعة الحادية عشرة والنصف. ودوماً في فندق الملك داؤد ودوماً مع السفير بيغو. ودوماً الجو نفسه الخاص في نظري بهذا المكان من الشمس والعُطلة ما الذي حصل؟ ومن أين يُمكن أن يكون التسريب قد جاء؟ ثمّة ثلاثة مصادر ممكنة. ساركوزي الذي نبهِتّه منذ أمس عبر الهاتف من مطار شارل دوغول: لكي لا أتوقّع أن يتّبع الإليزيه معي هذه العادة السيّئة، ولا نتنياهو قطعاً، لكن هناك عرّض الجُمركية وعقدة جواز السّفر غير المختوم ولا أتوقّع أنه فشا السِرٌ الذي طالبني بحفظه، وأخيراً جوبّيه الذي علِم حتماً بأنتي سبقته إلى نتنياهو وسوف أسبقه بعد قليل إلى يهود باراك في وزارة الدفاع لا أتوقع أنه هو إذ لا أعتقد أنه يفعل هذا...كبرياؤه لا تسمح له بذلك...لكنْ هل من غير المعقول أن يكون أحد من وزارته في «الوفد» قد قال في نفسه لقد طفح الكيل ولا يُمكن لوزارة الخارجية أن تقضي وقتها في جعل قنّاص يتجاوزها وهل من غير الممكن أن يكون سر همس في أذن أحد الصحفيّين في فوضى موكب رسميّ قد صب الزيتٌ على النار؟ ومع هذا رن هاتفي. كان
على الطرف الآخر من الخط صحفي باغتّني ولم يترك لي الوقت كي اتخذ إجراءات احتياطية المعتادة (نتكلّم...أفّ...أتكلّم معك لكن لم نتكلّم... معلومة» نعم استشهاد لا...). ديا سيّد هل بإمكانك تأكيد أنك التقيت بتنتياهو؟
نعم بالتأكيد هذا صحيح. .
وأنك حملت رسالة من المجلس الوطني الانتقالي الليبي؟
من المجلس الوطني الانتقالي نفسه لا بالتأكيد ورسالة؛ يجب ألا نُضخم المسألة نقلت رسالة شفهيّة فقط.
لكنّها تُّفيد أن الليبيّين حين يستلمون السلطة سيلتزمون بالاعتراف بإسرائيل؟
كم أنت مُندفِع! أقول لك. هذه رسالة بسيطة حيث حُدّد فيها أولاً أن القضيّة الفلسطينية ليست قابلة للمُساومة, لكنّها تقول أيضاً إن الارتباط بقضية شقيقة لا يمنع إقامة علاقات طبيعية؛ في الوقت المناسب مع البلدان الديمقراطية وبالتالي مع إسرائيل.
شكراً أيّها السيد. إلى اللقاء».
وباُلمقابل بعد ثلاثين دقيقة يقع خبرعاجل ينقل بأمانة تامّة ما قلتّه لكنٌ المعلومة الأساسية هي وجود هذه الرسالة التي نقلها إلى نتنياهو الكاتب الفرنسي الذي الخ.
5 - في اللحظة الراهنة كان كل شيء على ما يُرام. إذ لم يتكرّر الخبر إلا قليلاً= ولم تخطر على بالي إمكانية أنني ارتكبتٌ عملاً أخرق. أجريت نقاشي مع ليفني في جامعة تل أبيب من دون أن أفكر في هذا الموضوع أكثر من ذلك (حتى هي ذاتها لم تفكر إلا بشيء واحد: إزالة الاعتراض الذي يبدو أنْ جماعة الحركة النسائية الإسرائيلية رفعته في وجهها قضية ستروس كان... إذ كيف يُمكنها هي ممثلة شرف نساء إسرائيل أن تناقّش مع كاتب كان قد دافع توّآ في جريدة هآرتز عن ستروس كان؟).
قضيتٌ ساعة مع باراك؛ في مكتبه في وزارة الدفاع أشرح له الرسالة وجرد قائمة الأسلحة التي لا يطلبُها الليبيون صراحة لكنّ إسرائيل في رأيي يُمكِن أن تُزْوّدهم بها ثُّمّ (وكان هذا مظهر الرهان ولكنّه هكذا) وأعيد التذكير بالقضية الحقيقية التي أشعر جيّداً أنه يتحرّق بدوره ومنذ اللحظة الأولى للتطرّق إليها وهي... قضية ستروس كان. وليس إلا هنا وقبل ساعة يأتيني اتصال من زائري في ذلك اليوم؛ من لندن, يحدّثني على تقدير الأضرار، إذ تلقَى عدّة اتصالات، وحوال مائة رسالة
إلكترونية ونصيّة. الصحافة العربية تُزمجر وأجواء الْمدوّنات تسخن والشارع في بنغازي يطلب توضيحات، حتى النساء الشابّات اللواتي تناقشت معهّنٌ في 9 نيسان/ أبريل» في تيبستي؛ جئنّ في وفد لُمقابلة أعضاء المجلس الوطني الانتقالي قائلات: «أبونا الذي في فرنسا...اتصلوا نتوسّل إليكم. بأبينا الذي في فرنسا... كيف هذا؟ قلتٌ: مَن يكون هذا الأبونا؟ أنتء طبعا أنت يا برنار؛ فهؤلاء الفتّيات يرّين أنّك كواحدٍ منّا وبالتالي كأبيهنٌ تقريبا ولا يستطِعنَّ تقبل أنك يُمكن أن تفعل هذا أن تقول هذا... لكنْ ما هذا ال «هذا»؟
التفاتة السلام هذه؟ كلمات المصالحة هذه؟ وفي النهاية هذا الدليل على أنكم لستم أولئك الإسلاميّين الذين باعوا أنفسهم للقاعدة الذين يُصِوّرهم الأوغاد؟». الحقيقة أنتي أعزٍف بسرعة عن النقاش، إذ شعرتٌ أن الأحداث تخطّت رسالتي ذاتها، وليس لي من خيارٍ آخر غير أن أتحمّل أعباء البيان الآخر بيان غوقة الذي سيّجبر على إعلانه والذي سينكر وجود رسالة من المجلس الوطني الانتقالي. غوقة... أوّل أوائل الذين التقيت بهم في بنغازي... هذا الذي يسر لقائي بعبد الجليل... الرجْل الذي أجرى أوَّل اتصال هاتفي بساركوزي والرجل الذي نظّم زيارة أوّل ثلاثة موفّدين من المجلس الوطني الانتقالي إلى باريس... يا للخسارة!
6- منتصف الليل. أنا في غرفتي في فندق هلتون. إذا قمثُ بتوضيح القضية أستخلص درسّين، أو حتى ثلاثة. سذاجتي أوّلاً: ينبغي أن يبقى لي منها بعض الشيء؛ فالإستراتيجية لا يُمكِن أن تحتل دوما وفي كل مكان, مركز القيادة؛ حسنأ هو ذا نصيبي من الحياء؛ هذا أخرق لكن أنا هكذا؛ وماذا بمقدوري أن أفعل في هذا؟ وثاني حقيقة أننا عبّثاً قلنا وعبثاً فعلنا واعتقدنا وأردنا الاعتقاد وعبثاً راهنا على ذكاء الناس ووضوحهم وعقلهم: فهذا الاسم. "إسرائيل" لا ينفكٌ يعني مرادف العار نفس عامل الفضيحة في الأرض العربية: تقول إسرائيل؟ تكبس زر نتنياهو (لكنٌ نتنياهو هذا لايعني شيئا فهو اسم آخر لإسرائيل) تكبس على الزرٌ السحري أو على الأدقٌ الزرّ الشيطاني فتصير على الفور من جهة العفريت فأنت العفريت المشخّص فهذا تسونامي أخلاقي» نحس إنّه الشرّ الْمطلّق وهنا أيضا لاشيء نفعلّه. ثم خبر عن هؤلاء الأصدقاء الذين اخترتهم لنفسي هذا الشعب الذي وهبت نفسي له خبر عن هؤلاء الليبيين الذين تبنيت قضيّتهم بكثير من الحماسة: هم أبطال طبعا ومتنوّرون من دون شك؛ لكن فعلت بقدر ما استطعت؟ ألم أحسّب رغباتي على غير عادتي واقعاً؟ ألم أُقلّل من شأن الرواسب الباقية في الرؤوس من عقود من حشو الأدمغة القذّافية؟ أم أنني (وهذا يعود إلى الأمر نفسه) بالغت في تقدير مقدرتي الخاصّة على قشر نظام الأشياء وتحدّيه.. هذه القوّة التي لامني عليها "لانزمان" وبعد أنْ قادتني إلى انتهاك المستشاريّات والتقدّم على المستشارين العسكريينوتحدّي قوانين الجاذبية السياسية والجيو سياسية. رُبّما غذّت وهم انتهاك وعي الناس؟ فات الأوان. أنا مُكبّل قال مارلو عن لورانس في كتابه عفريتٌ الْمطلّق: «كان في جُهدٍ سيزيف الذي بذله للارتباط بالعرب الجزء المقلق من سيزيف الذي تجتمع فيه المصائر المأساوية». وهذا أيضاً إذ أَبدّل الاتجاه بالكاد: أعتقد نفسي «عميل
المصير» وإذ استقبله أصدقاؤه الخاصّون بوصفه عميل الصهيونية؛ (مالرو لا يقول عميل الصهيونية» بل «عميل وزارة الخارجية»... يا لَلسّخْرية ويا للحزن.
الأحد 5 حزيران/ يونيو (وماذا بشأن سورية؟)
أتت لمى أتاسي مع برنارد شلشا لتراني، كانت قادمة من تجمّع كبير لمعارضين سوريين في مدينة أنطاليا التركية. حكت لي عن القوى التي كانت هناك: الأكراد؛ والقبائل التي سلّحها السعوديون والممولون الكبار في البلد وهم يشكلون حزباً خاصًاً بهم ؛ ثُمّ من تسميهم الثوار أي الليبراليون والديمقراطيون الذين يجب تقويتهم أكثر من أي وقت مضى. أناء في نظرها السيد ليبيا الرجل الذي ساعد في تحرك بلده ثم العالم لأجل ليبيا وهي تحلم أن تراني أستنسخ الشيء نفسه في سورية. كان من المؤلم القول لها إن التاريخ لا يُعيد نفسه إلا نادرا والاحتمال ضعيف جداً بإيجاد نفس الكوكبة من الأشخاص والظروف أو من الخلافات والضرورات. ولكن في المحصلة لاندري.
الاثنين 6 حزيران/يونيو (اقتراح للرئيس تسليح مصراطة)
الإليزيه. الساعة الثانية عشرة والنصف صف من سائقي الدراجات النارية على الرصيف الحرس الجمهوري سيارات سوداء في ساحة الشرف بأعداد كبيرة نحِسٌ أنها هي أيضا على وشك الانطلاق. تقديم أوراق اعتماد عدد من السفراء شرح لي الحاجب الذي رافقني حتى الدرج. جان دافيد ليفيت ينتظرني، تأخر الرئيس عشر دقائق. كما يحدث عادة في مثل هذه المواقف اعتذار مع مجاملة فيها القليل من المبالغة، أحضرت هذا قلت دون مقدمات. ماداً له صوراً من مصراتة التقطها من أجله مارك روسيل.
-لا أشار بغرابة وهو يأخذ الصور مني كان يقوم بحركة مفادها أن يبعدنٍي معتقداً أنني سأجلس قريباً منه على أريكته. كلا سوف أتأمّلها بهدوء.
وفي الواقع كان مُستغرقاً في تأملات مديدة في كليشيهات وملصقات؛ مجموعها خمسة أغلبها تُظهر المدينة مُقفرة والصورة الأخيرة التي تهمه أكثر تظهر جموع المقاتلين على جبهة عبد الرؤوف في أعلى الكثيب الرملي تُلوّح بالعلم الفرنسي بينما كنت أنا أرفع علما ليبيا
قال: «هذا رائع؟.... رنَّ هاتف على مكتبه. رده ولكنه عندما عاد تأمّل نفس الصورة وبنفس الحمية كأنه شرّد أمام تلك الصورة لليبيين أحرار يجدون أنفسهم مع علم لم يحظ بذلك الشرف في فرنسا إلا فيما ندر.
ردد مرّة أخرى: هذا رائع... حقاً رائع ...
"انتقلنا إلى السرعة الأعلى قصفنا برقة".
رأيت ذلك بالطبع.
"أغلب الطلعات تكون في الليل لتصعيد الأثر الصاعق".
تذكّر الكليشة وينظر من جديد إليها.
لا أدري مارأى الناس هناك ولكن يجب أن يكون لضربات تلك الأيام الأخيرة نتيجة ماعلى الأقل...
رفع إصبعه والصورة ما تزال في يده، وابتسم كما لو أنه طرح سؤالاً عويصاً.
"قليل من الجهد أيضاً وسيكون أصدقاؤنا على مشارف راس لانوف. والحال أننا إذ نقول راس لانوف فمعنى ذلك المصبات النفطية. ومن يقول مصبات نفطية فهذا يعني تعود الثروة الوطنية إلى مالكيها الحقيقيين."
وضع الصورة؛ على مضض.
..." يستطيع الليبيون أن يبدؤوا أخيرا رغبتهم العميقة بتمويل جهودهم الحربية ذاتياً. لأننا مع ذلك أعددناهم لهذا اليوم..."
التفت من جديد إلى ليفيت الذي يبدو أنه أومأ له بإشارة لم ألتقطها؛ لأنه بدا أنه يستأنف حديثه بالقول.
أرسل 40 طناً من الأسلحة لبربر جبل نفوسة من البلدان العربية الصديقة بعد زيارة
يونس لباريس. نعم 40 طناً فقط في الأسابيع القليلة الماضية. هذا كمّ هائل.
أنا لا أنخدع بتعبير«البلدان العربية الصديقة». غير أني لا أكشف ذلك. وخصوصاً أنّه كان يتابع بنبرة الرجل الذي لم يفعل شيا خارقآ والذي يسعد فقط لأنه منسجم مع نفسه: "هذا ما قلناه دائماً. وقد وفينا بعهودنا إلا أن...
إلا أن... الوعد شيء. فقد كنا كثيرين يوم الوعد. ولكن عندما جاء وقت إيفاء الوعد» فليس من باب المصادفة ألا يبقى إلا القلائل. نعم إنها مشكلة. نحن وحدنا القذّافي يعرف ذلك. و..."
كما في كل مرّة اجتاحتني فكرة أنه يعبر لي عن أنه وحيد جدأ وأنّ هذا المْلف ثقيل وأن فرنسا وصلت إلى حافة ما يمكن أن تفعله لوحدها كذاء وكذا وكذا... يجب أن أنتبه إذ إن ليبيا دوّختني وأنا على وشّك أن أصبح مهووساً بها.
"مع ذلك يجب أن يفهم هذا النظام في النهاية أننا جادون"
قلت مرتاحاً: الا أنّه لم يفهم ذلك بعد؟
" ليس مؤكد لا. يعتقد أن الوقت لصالحه وبأننا سنمل وننهك وبأن التحالف سينفرط عقده. أوّ ليست الحال كذلك؟"
هذه المرّة هو الذي انتفض.
-بالطبع لا!
بعد ذلك: كما لو أنني هفوتٌ هفوةٌ كبيرة:
التقيتٌ منذ ساعات مدير مكتبه.
هنا؟
نعم هنا. أخيراً في باريس. بشكل سري؟
بالتأكيد استمر اللقاء عشر دقائق تماماً.
قلت له: "تذكروا غباغبو لقد عرضنا عليه فيلا في أبيدجان واقترحنا أن تُعيد له أملاكه غير المسروقة مع حمايته من اتهام المحكمة الجنائية الدوليّة؛ لم يشأ أن يفهم انظر أين هو الآن"...
خطرت ببالي فكرة أن من الغريب في النهاية أن يتصوّر كل العالم؛ ابتداء بنفسي؛ بسهولة فكرة مجرم ضد الإنسانية وجزار يمكن أن يفلت من العدالة وأن تبيّض صفحته؛ بشرط أن يكون مُتعاونا فهل نفعل ذلك مع مجرم عادي في نظر الحق العام؟ فهل يُمِكِن أن نقبل بإهداء منفىّ ذهبي لقاتل مُتمرّس لو تعهّد بألا يقتل مستقبلا؟ بالتأكيد لا؟
إذاً بشير صالح؟
أرجو أن يكون قد فهم؛ وأن يتجرأ بمجرد عودته أن يوضح ما فهمه.
هذه المرة هاتفه هو الذي رنَّ، رد بصوت شديد الخفوت واضعاً يديه أمام شفتيه دام
ذلك قليلآ ولكني استغليتٌ الفرصة لأتطرّق إلى موضوع زيارتي الحقيقي.
أعتقد أن هناك على الرغم من كل شيء عنصراً لا يتساوق مع الإستراتيجية.
-وكيف ذلك؟ ٠
استمع إلي بشرود من المحتمل أن المكالمة الهاتفية ما زالت تشغل ذهنه.
-هناك أشياء... لطالما عرفناهم رؤيتهم تُغيّر كل شيء...
-نعم
-هنا مثلآً تلك السفرة إلى مصراتة... التي كان لها في نظري وقع الوحي منذ شهرين أليس كذلك والعالم كلّه قلق, لمعرفة سبّب عدّم تقدّم المجلس الانتقالي؟
تناول الصورة من جديد عن الطاولة وتأمّلها بدقة. توقّف ليفيت عن الكتابة.
-بالنسبة لي؛ الإجابة بسيطة هي أنْ ثوار بنغازي وبرقة وراس لانوف خبثاء ولكن تنقصهم الخبرة وهم غير منضبطين وغير فعَالِين اليوم يتقدمون 10 كم...
-قال آليّاً كالصدى! ودون أن يهتمٌ إلا بالصورة: "ويخسروها في اليوم التالي"
-هذا ما يحدث ويمكن أن يستمر كذلك لزمنٍ طويل؛ حتى نهاية الزمن؛ بينما...
لم أكن واثقاً من أنه يسمعني.
-في مصراتة هناك أناس تقاتلوا في ما بينهم ودفعوا الدبابات خارج المدينة لقد فعلوا ذلك بمفردهم تقريباً.
-بلى إنه يسمعني وحتى إِنّه صحّح لي وهو ما يزال مُستغرٍقاً في تأمّل الصورة هذا غير صحيح؛ لقد ساعدناهُم.
-صحيح. في السوق مثلآً أو في المطار مثلاً نحن الذين حيّدنا المطار.
إجمالاٌ أقول بالضبط إجمالاً إنهم هم من استعادوا مدينتهم.
-لنسلم بذلك.
وهذا النصر عوّدهم على الحرب وضبّطهم وأعطاهم في نفس الوقت الشجاعة والثقة بأنفسهم والرغبة في المتابعة.
وأخيراً رفع رأسه عن تلك الصورة ووضعها ونظر إلي.
أضفتٌ بأنهم قريبون على مسافة 200 كم تقريباً بالمقارنة بالألف كيلو متر التي تفصل بنغازي عن طرابلس الغرب؟
-حقاً.
-لهذين السببين ولأنهم الأفضل ولأنهم في المرتبة الأولى أعتقد أن جيش التحرير هنا وليس في بنغازي هو الذي سيزحف في اللحظة القادمة إلى العاصمة.
وعند البربر يقاطعني بهيئة مّن لم يفهم 'ذاك الشخص الذي جاءه. منذ شهر ليبيعه نفس الحكاية وليعتمد المنطق ذاته: والذي بالتالي اختلطت عليه الأمور! عند بربر جبل نفوسة!
بالطبع. ولكن لنتخيل أن تُسلُّم مصراتة ما يعادل نفس المساعدة التي قُدمت لجبل نفوسة. لقد اكتفينا حتى الآن بالمساعدة على سد الرمق...
شكلت بحركة من يدي شكل الكماشة
-طرابلس ستكون حينئذٍ مهددة من الجنوب ومن الشرق على حدٍ سواء أي على جبهتين...
كان يبدو مطمئناً إلى أنني لست في وارد التنكر للإستراتيجية المثبتة والمطبقة في الجبل.
-آه فهمت. ماذا نفعل إذاً؟ وكيف نفعله لو فعلناه بحيث لا نعطي لأصدقائنا في مجلس الوطني الانتقالي الانطباع بأننا تتجاوزهم؟
-لا يمكننا أن نعطيهم هذا الانطباع. لأننا سنفعل ذلك بالتعاون معهم طبعآ بطلب صريح ورسميّ. هناك أعضاء في المجلس الوطني الانتقالي من مصراتة مثلأ فورتيه سليمان فورتيه الذي...
يتدخل ليفيت.
-لقد استقبلته سيادة الرئيس. مع عبد الفتاح يونس وكان مؤثّراً.
قام بنفس حركة ميتران عندما يكون منزعجاً: ليست حركة مداعبة اليد اليمنى باليسرى؛ لا بل الحركة الأخرى؛ تلك الحركة التي كان يطرد فيها الهواء من أمامه والتي تعني: «أعرف أنني استقبلته ومن غير المجدي القول إِنّهِ كان مؤثّراً..». وسأل بنظرة قاسية ومركزة:
-بشكل ملموس؟
-بشكل ملموس اقترحتٌ عليه مخططاً بسيطاً أساعد قادة جيش مصراتة على الخروج من المدينة المُحاصّرة وأصطحبهم إلى باريس فيستقبلهم في قصر الإليزيه ويستمع إليهم؛ ويقرر.
قال: أنا موافق.. موافق..
حقاً؟
طبعا موافق.
يتواصل