فى السابع والعشرين من فبراير ٢٠١٩ توفي الوزير السابق محمدو ولد الليل، بعد وعكة صحية مفاجئة بالعاصمة تونس، تاركا خلفه تركة ثقيلة من الحضور ، واجهها رفاقه ومناهضوه بقدر كبير من الرعونة وضعف التدبير.
غير أن أغلب الذين عايشوه خلال العشرية الأخيرة، أو تابعوا حراكه بمسقط رأسه، تأكدوا فعليا يوم الثالث عشر من مارس ٢٠٢١ بأن المفوض والنائب والسياسي العروبى قد رحل بالفعل.
لقد باتت أنشطة السياسية بتمبدغه منزوعة الدسم، خالية من أي جديد. لقد أرتكس الفعل السياسي وتصدر المشهد ناشئة المدينة وبعض عوام الريف.
لم يرث محمدو ولد الليل الزعامة فى تمبدغه، ولم يك ابن ضابط فى الجيش، أو عالم معروف، أو أمير ورث الإمارة والرياسة ، لكنه ساس مجمل الذين ورثوا القيادة بالمنطقة، وأدار المعركة الانتخابية لصالح حزبه خلال السنوات الأخيرة، بجدارة كبيرة وتوازن بين مجمل الحساسيات، فارضا نفسه كأبرز من تصدر المشهد باسم حزب الدولة فى تمبدغه وأخواتها، وأعطي الوزارة حقها طيلة توزيره، بعدما كان السند الأبرز لمن راهنوا عليه من أبناء مجلسه المحلي، قبل أن يمتد نفوذه إلى مجالس المقاطعة الخمسة، فى حالة استثنائية بكل المقاييس.
كان حلف الوزير محمدو ولد الليل ، يمتلك أغلب عمد المجالس المحلية ورؤساء الفروع والقسم ومنه النواب والحاضر بالمجلس الجهوي، وفيه وجهاء وصلحاء وبعض التجار والعاملون فى مختلف الحرف المهنية بالمنطقة.
اليوم برحيله سقط القناع عن النخبة السياسية بالمنطقة، وتوزعت بين طلاب النفوذ وأدعياء الحضور، وعز وجود فاعل لديه القدرة على تصدر المشهد أو الوقوف بين الجماهير ليقول هذا حلفي، وهذه رؤيتي لما يجب أن يكون ...
كانت ٢٠١٣ حاسمة فى مسار الرجل القادم للسياسية من رحم العمل التنفيذى، ولم تطح إقالته المفاجئة بداية الحملة بأحلامه فى مقاطعة بالغة التعقيد. لقد عبر من الشوط الأول بنسبة هي الأعلي من بين كل المرشحين للمناصب الانتخابية فى الشرق الموريتانى على الإطلاق.
كانت لدي منه مواقف حدية طيلة فترة توزيره وتوليه مقاليد نائب رئيس الجمعية الوطنية، رغم الصداقة التى جمعتنا خلال فترات سابقة ، بيد أن السنوات الأخيرة التى عايشت فيها الواقع عن قرب، وأستمعت فيها إلى أحاديث الناس، وبعض أحاديث السياسيين بالمنطقة، وبعض كواليس العملية السياسية ، أدركت فعلا أني كنت أكثر من مخطئ، وأن تمبدغه برحيله فقدت أحد خيرة أبنائها، وساستها الذين ينجزون مايمكث فى الأرض وينفع الناس، وأن المقاطعة بعده تحتاج إلى برحيله خسرت الكثير.
زهرة شنقيط