(لقد صنعت جائحة كورونا مفهوما قاسيا للمجتمع الدولي وللامم المتحدة وللمدرسة الليبرالية البائسة).
لقد ركعت الليبرالية اليوم امام الحقيقة المطلقة.
وسقطت اسوارها العالية لحماية الذات من الاخرين .
وانهار مبدأ ( البقاء للاقوي )
ان الحقيقة المطلقة هي : قيمة الانسان وليس قيمة الربح وتعظيمه.
الحقيقة المطلقة هي : ان الشعوب اهم من الدول وليس العكس كما يؤمن صندوق النقد الدولي الذي يؤمن بذلك المبدا الخبيث ( الدول اهم من شعوبها ).
اليوم سجدت الليبرالية بكل جبروتها وعنفوانها الرهيب.
سجدت عندما اجاز (الكونغرس الامريكي) بشقيه مجلس الشيوخ ومجلس النواب قانون يسمح بدعم الاقتصاد الامريكي بمبلغ (3.2 ) تيريليون دولار علي ان يتم تخصيص ما مقداره ( 250 ) مليار دولار لدعم قطاع العائلات.
لماذا تعترفون بسياسة الدعم الحكومي الان ؟
ما الجديد الذي جعلكم تركعون للحقيقة المطلقة؟
هل مازال هناك من ينادي او يتجرأ برفع سياسة الدعم الحكومي وزيادة معدل الضرائب وتخلي الدولة تدريجيا عن ادارة الاقتصاد وتركه لخطل الليبرالية الفاشل ( اقتصاد السوق الحر - السيد مستر ماركت )؟.
اين السيد (مستر ماركت) الان ؟ هل اكله الذئب الذي قالوا انه اكل سيدنا يوسف عليه السلام من قبل؟
اين اقتصاد السوق والنقود الائتمانية والشركات متعددة الجنسية وسياسات الخصخصة وسياسات تعويم اسعار الصرف غير المدروسة بعناية فائقة ؟
ان الاصل العلمي في القاعدة النقدية هو : تعويم سعر الصرف عندما تتوفر الشروطة اللازمة لذلك.
اين السيد (مستر - ماركت)؟
لماذا اصبح انصار ( مستر ماركت ) كأهل الكهف يحملون ورقهم يبحثون في تصاريف الازمنة عن قطعة خبز حافية ؟.
ان الاثار الاقتصادية الوخيمة والمزدوجة التي نتجت بفعل جانحة كورونا وحرب النفط في المنطقة العربية وشمال افريقيا والشرق الاوسط خلال الفترة من اول يناير وحتي منتصف شهر مارس الحالي اصبحت مميتة ومدمرة للحد الذي لم يتخيله عباقرة الليبرالية قط وتمثل ذلك في:
- لقد فقد ( 1.7 ) مليون شخص حول العالم وظائفهم وارتفع علي اثر ذلك معدل البطالة العام العالمي الي 20% مقارنة بمعدل البطالة العالمي البالغ 5% في العام الفائت خلال نفس الفترة.
- انخفض معدل النمو الاقتصادي ( نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي) بما يعادل (42 ) مليار دولار.
- انهيار وانكشاف الانظمة الصحية وانظمة التعليم
- انهيار راس المال السوقي (قطاع الشركات ) وحقق خسارة بلغت ( 452 ) مليار دولار علي مستوي الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم.
- انهيار الاقتصاد المالي الممثل بقطاع الخدمات : ( النقل بكل انواعه ، السياحة والفندقة ) وكل الصناعات المرتبطة بهذا النوع من الاقتصادات .
- ارتفاع معدل التضخم العام العالمي الي حدود 46% وبالتالي اقترن مع معدل البطالة العام العالمي البالغ 20% مما نتج عنه وقوع الاقتصاد العالمي في فخ ظاهرة (الركود التضخمي) القاتلة.
واذا لم يجد العالم علاجا لفايروس كورونا في قادم المواعيد فان الكارثة والطوفان حتما قادمان؟؟
ان السؤال الذي مازال قائما هو : من يتجرأ الان وبعد الان لينادي برفع سياسة الدعم الحكومي وزيادة معدل الضرائب ؟ من ؟
وباي حق وباي مبدا وباي نظرية اقتصادية ينادي ويستند الي ذلك؟
قال البروفسور : ( كميل الساري ) الخبير الاقتصادي واستاذ الاقتصاد الكلي بقسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد بجامعة ( السربون ) لمدة 30 عاما: "لقد انهارت جميع نظريات الليبرالية التي درستها ودرستها لطلابي علي مدي 40 عاما أمام فايروس ( كورونا ) ثم ختم قوله انني ارسلت رسالة للرئيس الفرنسي (ايمانويل ماكرون ) قلت له ان هنالك معالجتين فقط لهذا الوضع هما:
- المعالجة الاولي : تبني النموذج الاقتصادي الصيني .
- المعالجة الثانية : التاميم
اليوم قام ( 12 ) من علماء الاقتصاد الحائزين علي جائزة نوبل في الاقتصاد بتبليغ مجلة ( فورن بوليسي ) بانهم سيقومون باعداد مجموعة من الدراسات الاقتصادية الجديدة التي سوف تلغي معظم مباديء الليبرالية الحمقاء .
وقالوا ان من بين هذه الدراسات (النموذج الصيني ) لانه نموذج جدير بالدراسة والنقاش والاعتماد .
السؤال الذي مازال قائما هو : من يتجرا بعد الان لينادي برفع الدعم بالاعتماد علي تمويل بنود الموازنة العامة وفقا لنظربات الليبرالية التي تهاوت وعجزت عن انقاذ نفسها امام تقلبات فايروس كورونا المميت ؟
بالاضافة الي ذلك ان السؤال الذي مازال قائما هو: من يتجرأ الان لسن سياسة مالية حمقاء تقضي بزيادة معدل الضرائب لتمويل بنود الموازنة العامة ؟ وماهي النظرية الاقتصادية التي استند اليها ليتخذ مثل هذا القرار الاخطل ؟
من يتجرا؟.
من ينادي برفع سياسة الدعم الحكومي بعد الان يجب ان تطبق فيه عقوبة الرجم ؟
لقد افلت وانهارت النظريات التي تبرر رفع سياسة الدعم السلعي الحكومي ثم سجدت اليوم وتخلت عن كبرياءها الاجوف واقرت بتخصيص مبلغ ( 250 ) مليار دولار لدعم قطاع العائلات في امريكا و800 مليار دولار في دول الاتحاد الاوربي؟
ان العالم بعد جانحة كورونا ليس كقبله.
وعلى بعض الذين ينتمون الي ( مدرسة شيكاغو الاقتصادية ) التي اثبتت فشلها .
عليهم ان يتوبوا ثم يركعوا امام ارادة الشعوب وامام ارادة الحياة التي تقدس قيمة الانسان اولا وليس قيمة الربح اولا او الدولة اولا.
د حافظ الزين دكتوراه في الاقتصاد والتجارة