إعلان

تابعنا على فيسبوك

ربى شاهين للبديل: سوريا تدفع ثمن ارتباطها بقضايا الشعوب المضطهدة في فلسطين واليمن والعراق ولبنان وليبيا

سبت, 17/04/2021 - 13:30

ربى يوسف شاهين، إعلامية وكاتبة من سوريا، مهتمة بالشأن السياسي، ولديها مقالات ومعالجات فكرية وسياسية منشورة في كبريات الصحف العربية والعالمية..

"البديل" ضمن سلسلة الحوارات التي تجريها مع المثقفين والكتاب العرب، اجرت الحوار التالي- عن بعد- مع السيدة ربى حول القضايا العربية الراهنة..

 أمام ما يجري في الوطن العربي من خراب واقتتال هل بقي ثمة أمل وسط هذا الركام للنهوض من جديد؟.

ما يجري في الوطن العربي من حروب إرهابية لا تختلف عن ما جرى في حقبة المستعمرين البريطاني والفرنسي، وعن الحربين العالميتين أو عن حرب المغول والإبادات بحق الجماعات أو الأقليات، لكن الاختلاف يكمن بمن أراد صُنع الدمار والخراب في المنطقة، فجمع كل أساليب الاقتتال والحروب والنزاعات لتحقيق المخطط الغربي في المنطقة، فالغرب حريص على استكمال السيطرة على مقدرات وخيرات الشعوب في الوطن العربي، وهو على تتابع منذ النكبة الفلسطينية حتى يومنا هذا، وإذا ما نظرنا إلى التسمية التي رافقت الحروب نجد أنّ أشرسها واكثرها ضراوة الحرب الارهابية على سوريا واليمن، تحت مسمى الربيع العربي الذي مزق ليبيا والسودان، وهز أركان تونس وعصف بمصر، إلى أن استقر بكل أدواته على دولتين فكان يخرج كل سمومه عليهما في اليمن وسوريا، لكن الدفاع عن الحق استطاع أن يحقق انتصاراً مدوياً  على صانعي الارهاب، رغم أن هذا الانتصار لم يكتمل بعد نتيجة عدة عوامل داخلية وخارجية، إلا أن الأكيد أن الوطن العربي لابد له من النهوض وتحرير نفسه من براثن المحتل كل بحسب وضعه، وهنا أقصد أن بعض الدول يحتلها الغرب فكريًا عبر ساستها والارتماء بأحضان القوى الغربية، والبعض يقدم فروض الطاعة، والاخر رفض التبعية، فُشنت عليه الحروب.

تسارعت خطوات التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني بشكل لافت، هل ترون أن ذلك يعود إلى تحييد قوى الممانعة " العراق، سوريا، ليبيا"؟.

لا أبداً الموضوع لا يتوقف فقط عن تحييد الدول الممانعة، بل ايضاً هو التبعية التي فرضها الغرب لخدمة الكيان الصهيوني عبر ما يسمى الأمن القومي للدول، ناهيك عن سيطرة القوى الرأسمالية على الاقتصاد العالمي، ومحاولة فرض الهيمنة السياسية للرضوخ لشروط اسرائيل، فـ عملية ارساء القواعد في بلدان الخليج والضغط على الدول اقتصادياً والتحكم بالممرات المائية وخلق نزاعات بين الدول عبر افتعال سيناريوهات الاستقلال والديمقراطية والحروب التي تُشن على المنطقة، كلها ساهمت في اضعاف وحدة الصف العربي، فهم يُدركون أهمية التضامن العربي، وإن امكانية تأسيس حلف عربي اسلامي جامع سيُعيق تحقيق وبناء دولة "اسرائيل" من البحر الى النهر.

المخطط الأمريكي الصهيوني أكبر بكثير من عملية التطبيع التي تقوم بين الساسة الحكام، وما تم خلال الحرب الارهابية على سوريا من عملية تطبيع ممنهجة هي بند من البنود الاساسية لاستكمال التمزيق وشرذمة للشعوب العربية كي تفقد الحق للمطالبة بحق للشعب الفلسطيني في استعادة ارضه وعودة شعبه المهجر في أصقاع الأرض.

مرت على ليبيا 10 سنوات لما يسمونه ثورة "فبراير" والبلاد تعيش حالة انقسام فعلية إلى ثلاث أقاليم "شرقية، وغربية، وجنوبية" هل ترون أن الليبيين كانوا ضحية لشعارات الثورة والحرية والانفتاح؟ أم أنكم مع من يقول بأن ما يجري هو المخاض الطبيعي لدولة الحرية والقانون؟

تُعد ليبيا من أغنى الدول العربية بالنفط والغاز ويعد امتلاكها أطول ساحل على البحر المتوسط وموقعها الجغرافي المميز لحدودها مع مصر والسودان وتونس والجزائر وتشاد والنيجر، أسباب أساسية للسيطرة عليها ضمن خطة الشرق الأوسط الجديد، والذي تعمل عليه خلايا الكيان الصهيوني برئاسة الولايات المتحدة عبر مجموعاتها من الاتحاد الأوروبي كفرنسا وتركيا وبريطانيا، وكان للدور الليبي الداعم القضية الفلسطينية أحد الاسباب لمحاربتها واسقاط حكم القذافي عبر ما يسمى الربيع العربي الذي قسم ليبيا لإضعافها وتحقيق السيطرة عبر حكومات لا تناهض الأسرلة، وبالتالي يتم الولوج إلى الداخل الليبي وتنفيذ السيطرة وانشاء قواعد عسكرية لمواجهة أي اعتداء على السفن الإسرائيلية، بعد أن يتم تقسيم السودان واخضاعه وكذلك الدول المجاورة لليبيا.

كانت سوريا الأسد خير سند للمقاومة في لبنان وفلسطين على وجه التحديد، لكن الراي العام فوجئ بمواقف لهذه القوى "الممانعة" تتناغم حد التماهي مع العدو الصهيوني و"التحالف" الإرهابي العالمي الذي غزا هذا البلد؟ لماذا هذا الانقلاب في المواقف؛ والتنافض الصارخ مع الشعارات؟

سوريا كانت وما زالت الدولة التي تحترم القوانين والمواثيق الدولية، ولا تتعامل مع الدول من باب المصلحة السياسية على حساب سيادة ووحدة الدول، بل قدمت منذ النكبة الفلسطينية كل الدعم وحتى خلال الحرب الارهابية عليها، لم تغير مواقفها تُجاه قضايا الحق للشعوب، ولكن الغرب المتصهين استطاع استمالة ضعاف النفوس عبر اغراءات عديدة منها المال وامكانية اسقاط الدولة السورية في أقرب وقت، وهذا ما تم دحضه خلال هذه السنوات بانتصار قائد سوريا وجيشها العظيم في 65% من الأراضي السورية، أما يخص لبنان فالعلاقة القائمة مع الدولة اللبنانية كانت وما زالت قوية عبر حزب الله القوة الأهم في لبنان، ارتماء بعض الساسة اللبنانيين وتغيير مواقفهم ارتد عليهم، فسوريا تدفع ثمن ارتباطها بقضايا الحق للشعوب المضطهدة في فلسطين واليمن والعراق ولبنان وليبيا، وكل دولة تعاني من غطرسة الغرب الامريكي.

هناك دعاية إعلامية قوية تهدف إلى لفت الأنظار عن الكيان الصهيوني وتوجيهها إلى إيران باعتبارها العدو الحقيقي للأمة، إلى أي حد نجحت هذه الدعاية؟

نعم دائماً المُعتدي يحاول أن يوجه أصابع الاتهام إلى الضحية، والكيان الإسرائيلي يحاول أن يُظهر الجمهورية الاسلامية الايرانية أنها المهدد الاول للأمن القومي للدول المحيطة به، فيتعمد التشكيك بعلاقاتها وبرامجها السياسية  والعسكرية والنووية متناسياً أنه المُعتدي الأول على الشعب الفلسطيني، والذي يمتلك أكبر مفاعل نووي في المنطقة "ديمونة"، والحقيقة أن الدول التي تُطبع مع إسرائيل تُدرك جيداً حقيقة الأمر، ولكن لعبة المصالح الزائفة تُجبرها على تقديم الطاعة أو القبول بادعاءات الكيان الصهيوني لتحقيق مصالحها، فلا تقدر على المجابهة، فأسطورة القوة الصهيونية ما زالت تُسيطر على الساحة نتيجة الدعم الامريكي للترسانة الصهيونية.

سوريا تتعافي "عسكريا على الأقل" لكنها ما إن نجحت في تجاوز المحنة العسكرية حتى جوبهت بقانون قيصر الذي يخنق اقتصاد البلاد المنهك بسنوات الحرب، برأيكم أي دور للنخب العربية في مواجهة هذا القانون سياسيا وإعلاميا؟

حقيقة الأمر أن الحرب الارهابية على سوريا قد خصصت الجزء الاهم منها للإرهاب الاقتصادي، لأنها كانت تعلم منذ الخطوات الاولى للربيع العربي أن هذا الشعب يُشكل قوةً كبيرةً كانت الرادع الأكبر في الحرب الارهابية عبر الصمود وتقديم التضحيات، وكان لابد من معاقبته على ارتباطه الوثيق بقيادته وجيشه، فأتى ما يسمى قانون قيصر كأداة قاتلة يذبح بها الشعب السوري بكافة اطيافه من أعلى الهرم إلى أسفله لتحقيق اجندات سياسية لم يتمكنوا من تحقيقها عبر ادواتهم الارهابية ، وبالتالي لابد من تعاضد جميع الفرق والمؤسسات والجهات العامة والخاصة، للنخب العربية دور كبير في الحد من تداعيات هذا الإرهاب الاقتصادي عبر منصات حقوقية واعلامية وتقديم اعتراضات ووقفات احتجاجية عبر مجلس الامن والامم المتحدة، لرفع هذا الاجراء الاحادي القسري عن الشعب السوري، فما يسمى "قانون قيصر" لا يمت للقانون بصلة لأن من فرضه هو أبعد ما يكون عن الديمقراطية والقوانين والمنظمات الانسانية، وهو الذي صنع هذا الارهاب بكل اشكاله لخدمة اجندات الكيان الصهيوني في المنطقة.

يرى الشارع العربي في جزء منه أن دمشق تبالغ كثيرا في ضبط النفس اتجاه العدوان الصهيوني المتواصل عليها؛ هل من تفسير لهذا الموقف؟

سوريا التي خسرت الجولان العربي السوري في حرب 1967 لم تتنازل يوماً عن حقها في الدفاع عن أرضها، وما زالت تحترم قرار فصل القوات الذي نتج عن هذه الحرب وفق قرار اممي اعترف بحق سوريا في الجولان العربي السوري المحتل، على أن تقوم اسرائيل بتعهداتها وفق القانون الدولي، ليكون الحل السياسي وفق الامم المتحدة والمنظمة الدولية ومجلس الامن، إلا أن الكيان الاسرائيلي الشريك لتركيا والولايات المتحدة وادواتهم الارهابية يتعمد انتهاك السماء والارض السورية دعماً لفصائلهم الارهابية وانعاشهم لوجستيا ليتمكنوا من إعادة نشر ارهابهم، والقيادة السورية والجيش العربي السوري تتصدى لطائراتهم وصواريخهم، كما أنها تطالب مجلس الامن والامم المتحدة بالزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها واعتداءاتها على سوريا، لأنها كما قلت لكم دولة تحترم العلاقات والقوانين الدولية والأممية، ولكنها لن تبقى على صبرها والرد العسكري لاستعادة الجولان سيكون المفصل النهائي لإنهاء هذا الاعتداء، وانتصار سوريا على الارهاب يشكل انتصاراً كبيراً في حسابات الدول المعادية وأولهم الكيان الصهيوني.

أي دور للكيان الصهيوني في أزمة سد النهضة؟

علينا أن نتفق بداية أن الكيان الصهيوني يعتبر نفسه وفق مفهومه الايديولوجي والسياسي بانه المتحكم بقضايا الشرق الأوسط، وأن له الحق بأن يكون عراب أي اتفاق، خاصة وأن يد الكيان الصهيوني طالت مصر منذ زمن السادات، وهو بالتأكيد له مركز اقامة في السودان  وبالتالي لابد أن نذكر بداية أن الكيان الصهيوني يستكمل مشروعه لأنه ووفق فكره الايديولوجي والسياسي لابد من السيطرة على المنطقة ومنها القرن الأفريقي، وبات استغلال النزاعات بين الدول من أهم الركائز لتحقيق مصالحه لما هو أبعد من البحر الأبيض المتوسط، ويعتبر الخلاف القائم ما بين الثلاثي المصري والسوداني والاثيوبي إحدى أهم الخلافات التي يتمكن بها من تعزيز وجوده، فالعلاقة المصرية الإسرائيلية ليست كما تشتهي تل أبيب، فالشعب المصري منذ حرب 73 يقاطع المحتل الصهيوني.

أما ما يخص السودان فعملية تقسيمه التي فرضتها واشنطن استطاعت وعبر أثيوبيا من تقديم الدعم لاستقلال جنوب السودان حيث التواجد الإسرائيلي، إلا أن الكيان الصهيوني في هذه المرحلة يحاول تحقيق أهداف استراتيجية أساسية، منها التواجد الإسرائيلي في القرن الأفريقي، بما يمثله من قوة جيو-استراتيجية على البحر الأحمر، تسمح له بالمناورة والتهديد الدائم للخاصرة العربية في الشمال الأفريقي، وتحقيق الاستفادة الاقتصادية، من خلال التعاون مع الدول الأفريقية.