أيها الإخوة والأخوات..تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام في هذا الشهر المبارك. أود أولا أن أشكركم على تلبية دعوتنا لتشاركونا هذا الحدث الهام، في وقت تقطع فيه البلاد خطوات واثقة نحو المستقبل متسلحة بإرادة فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، وبتطبيق محكم وفعال لبرنامجه "تعهداتي"، الذي ثبت بعد ما يزيد على سنة من تنفيذه، أنه نابع من احتياجات الموريتانيين، وقيمهم ودينهم الإسلامي الحنيف، ومنطلق من متطلباتهم، ورغبتهم في العيش الكريم.
إخوتي الحضور
لقد شكل المؤتمر الثاني العادي للحزب منعطفا سياسيا بارزا، حُسمت من خلاله مجموعة من ألإشكالات التي واكبت انعقاده، من خلال تجاوز مرحلة التجاذب بين تيار عريض ومتجدد يتوق إلى مراجعات واسعة وجذرية لمسار الحزب، وفك الارتباط مع القيادة السابقة، من أجل التنصل من بعض المعيقات البنيوية التي طالما وقفت أمام العمل الحزبي، واتخذت من الحزب أداة لإشاعة الشحناء والتطاحن بين فعالياته، وتسخيره للصدام مع نفسه ومع كافة القوى السياسية الوطنية، وصرفه عن دوره السياسي الذي كان من المفترض أن يضطلع به. إن فوز رؤية هذا التيار أتاحت فرصة لتجاوز أطروحات المطالبين بالوصاية على الشأن العام وشخصنة التوجه الحزبي.
وهكذا انطلقنا مع مشروع قديم في شكله، جديد في رؤيته وتوجهه ومرجعيته، قائم في فلسفته السياسية على رؤية فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني المسطرة في ثنايا برنامج "تعهداتي"، كما يتبني في عمقه الجماهيري احتضان كل داعمي هذا البرنامج، فانصهرت فيه كافة الفعاليات والقوى المؤمنة بهذا الفجر الذي أبان عنه سيادته من خلال برنامجه الانتخابي، تناغما مع متطلبات وتطلعات الشعب الموريتاني، وسعيه إلى بناء دولة قوية، وقد جسدنا في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية هذا الخيار، من خلال عملنا على احتضان كل المؤمنين بهذا المشروع داخل كافة هيئات ومفاصل الحزب.
وانسجاما مع هذا الجو الذي أرسى دعائمه فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، أطلقنا مبادرة تشكيل منسقية الأحزاب الممثلة في البرلمان، كتجسيد لفكرة التعاطي السلس مع الطيف السياسي في البلد، وهو ما أثمر جوا من الإجماع والانفتاح، ساعد على تفرغ أجهزة الدولة لأداء مهامها الأساسية في البناء وخدمة الإنسان الموريتاني.
لقد تمكن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية خلال مؤتمره الثاني العادي هذا من تحديد رؤيته الجديدة والنهائية وصحح مساره انسجاما مع رؤية مناضليه وجماهيره العريضة، مؤكدا بذلك تلاحم قواه خلف فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وفلسفته في الحكم القائمة على القرب من المواطنين عموما والأكثر هشاشة منهم خصوصا، وهو ما جعل هذا البرنامج يستقطب أغلب الخيرين ومعظم المهتمين بالشأن العام في البلد، وقد قمنا، مواكبة لذلك، بالعمل على تقوية الهيئات الحزبية لبناء حزب قوي ومنظم، متسلح بفكر وسطي يراعي خصوصيتنا وهويتنا الثقافية والاجتماعية.
إننا بكل ذلك نؤكد على الارتباط الوثيق والعضوي بين برنامج حزبنا والبرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، باعتباره الحافز والمحرك القوي، وعامل الجذب والاستقطاب لأهم القوى السياسية العريضة في البلد، وقد تعزز ذلك ميدانيا من خلال التناغم والتنسيق المستمر بين الحزب والحكومة، ساهم إلى حد كبير في تهيئة الأرضية الصالحة لتضافر الجهود من أجل تطبيق هذا البرنامج الرائد وبطريقة متسارعة وفعالة.
لقد كان انطلاق تنفيذ برنامج "تعهداتي" بالنسبة لنا بداية مرحلة جديدة من الإصلاح والأمل والتنمية والبناء والمصالحة مع الذات، لذلك واكبنا كل مراحل تنفيذه المنتظمة، من خلال مداومة رصدنا للأوضاع العامة للسكان في جميع أنحاء الوطن، ومن أجل تحديد المشكلات الرئيسية لكافة المناطق والتجمعات والقرى، بغية العمل مع السلطات العمومية على تحسين ظروف الساكنة على جميع الأصعدة، انطلاقا من اهتمامنا بالمواطن وهمومه اليومية في الصحة، والتعليم، والماء، والكهرباء، والطاقة المنزلية، وأسعار المواد الاستهلاكية، والتشغيل، ومستوى الأجور، والتأمين والأمن، وخاصة في ذروة تفاقم الوباء، التي أبى فخامة رئيس الجمهورية إلا أن يحولها إلى لحظة أمل وفرصة للتنمية، من خلال برنامج الإقلاع الاقتصادي (أولوياتي الموسع)، الذي أعلن عنه سيادته في يوم مشهود 25 مارس 2020.
فثقتنا المطلقة في الآفاق الواعدة لبرنامج "تعهداتي"، وما نعقد عليه من أمل في خلق طبقة متوسطة وتوسيعها، كلما تقدمت مراحل تنفيذه تجعلنا على يقين أنه سيسهم بشكل كبير في تقليص دائرة الفقر، ويقضي على الغبن والإقصاء في بلادنا، تكريسا لتحقق المساواة وبناء دولة العدل والقانون، ومعالجة الاختلالات البنيوية الموروثة، والدفع بالتي هي أحسن في التعاطي والتعامل مع كافة الشركاء في الوطن، من خلال إشاعة جو من التهدئة والثقة المتبادلة بين السلطة والجهاز السياسي والمدني في البلد.
وهو مناخ هيأ الأرضية لنعمل على تعميق التشاور مع كافة القوى الوطنية، إذ تم إنشاء منسقية للأحزاب الممثلة في البرلمان، كإطار أولي عمل على مواكبة السلطات العمومية في تطبيق الإجراءات الاحترازية ضد انتشار الوباء، وقد قامت هذه المنسقية بدور تعبوي وتحسيسي مميز وهام، ليتطور التفاهم والتشاور بين الأطراف المشكلة لهذه المنسقية إلى العمل على بلورة عقد جمهوري قوامه العدالة، والمساواة والديمقراطية، والعمل على إرساء جبهة داخلية تهيئ الظروف الملائمة للقيام بالإصلاحات الضرورية، بما في ذلك دعم ما قامت به لجنة التحقيق البرلمانية، وما عملت عليه من استرجاع لثروات الشعب المنهوبة خلال الأعوام الماضية. أيها الجمع الكريم لقد واكبنا الإجراءات التي قامت بها الدولة، تزامنا مع تفشي الوباء، والتي أعلن عنها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، في خطاب رسم ملامح التعامل مع المرحلة، على جميع الأصعدة، من تطبيق صارم للإجراءات وتنفيذ حزمة القرارات الهادفة إلى الحد من آثار الجائحة، من خلال وضع برنامج إقلاع اقتصادي واضح المعالم، الفكرة منه هي دخول مئات المليارات من الأوقية لوضع البلاد على السكة الصحيحة بعد الجائحة، فقد كلف صندوق التضامن الاجتماعي ومحاربة الجائحة ما يناهز 70 مليارا من الأوقية القديمة، لذلك ظلت آثار الجائحة محدودة مقارنة بالدول المشابهة لنا من حيث الإمكانات.
ورغم جو الوباء هذا وما يفرضه من حذر وتعطيل للنشاطات، ظلت أغلب هيئات الحزب في نشاط دؤوب تؤدي عملها اليومي المنتظم، بطريقة تراعي الإجراءات الاحترازية، حيث نظمنا ورشات تناولت قضايا وطنية كبرى بغية العمل على حلحلتها، مثل تعزيز الوحدة الوطني، وأهم السبل للقضاء على كافة مخلفات الرق، والمزايا التي يتيحها تموقع موريتانيا في شبه المنطقة، تحدث فيها خبراء وشخصيات مستقلة وطنية، وصدرت توصيات هامة انضافت إلى الوثائق المرجعية للحزب. كما عقدنا عدة ندوات ومهرجانات تناولنا فيها مختلف القضايا الوطنية الكبرى ، وخاصة تثمين المنجز الحكومي، وتبيين مدى النجاحات التي حققتها بلادنا على درب بناء دولة قوية ومتصالحة مع شعبها، ومنشغلة بهمومه، وفق رؤية ثاقبة لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
وقد واكبنا زيارات فخامة رئيس الجمهورية الاستطلاعية التي قام بها سيادته لبعض ولايات الوطن من أجل الاطلاع على أوضاع السكان وأحوالهم، ومن أجل تدشين مشاريع تنموية هامة، عملت على الرفع من مستوى معيشتهم بصفة خاصة، وساهمت في تطوير البنية الاقتصادية الوطنية بصفة عامة. وهكذا عملنا خلال هذه الزيارات على تعبئة السكان حول أهمية هذه الزيارات، ومدى ما ستخلفه من منافع وخير سيطالهم ويطال البلد بصفة عامة، كما عملنا على حشد جماهيرنا ومناضلينا في هذه المناطق لاستقبال فخامة رئيس الجمهورية، الذي طالما برهنوا على تعلقهم به، وتشبثهم ببرنامجه الرائد.
وبعدما تأخرت بعثاتنا، بسبب الجائحة، والتي كان مقررا بعد المؤتمر الثاني العادي أن تتوجه إلى داخل الوطن، تم إطلاقها في الأسابيع الماضية على ثلاث مراحل، تم منها تنفيذ مرحلتي ولاياتنا الداخلية، ولا زالت مرحلة ولايات نواكشوط تنتظر توديع شهر رمضان المبارك بحول الله.
لقد عملت هذه البعثات على الاتصال بالمناضلين، والاطلاع على أحوالهم وهمومهم، ونقلت انشغالاتهم ومطالبهم، كما أطلعتهم على مخرجات المؤتمر الثاني العادي للحزب، وكيف اختار نهجه الجديد القائم على اختيار فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني مرجعية وحيدة للحزب، وكيف عمل على احتضان كل داعميه تجسيدا لهذا الخيار، الذي جعل من الحزب وجهة للكثير من التشكيلات السياسية، والشخصيات الوطنية، من خلال الانضمامات التي استقبلها الحزب تباعا. وفي إطار علاقات الحزب الخارجية، قمنا بإجراء عدة مقابلات عبر الفيديو كونفرانص، مع عدة أحزاب صديقة عبر العالم، تبادلنا معها الآراء حول تجارب دولها في مكافحة الوباء، وتناولنا قضايا إقليمية وعالمية مهمة كانت رؤية الحزب فيها واضحة وثاقبة، انسجاما مع توجهات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
كما عقدنا عدة لقاءات مع سفراء ودبلوماسيين مقيمين ببلادنا، تناولنا فيها مختلف القضايا المشتركة، وعرضنا فيها ما وصلت إليه بلادنا تحت قيادة فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، من وضوح في المقاربات التنموية، ونجاعة وفعالية لهذه المقاربات وأثرها الإيجابي على تحسين ظروف المواطنين. لقد لعب إعلامنا الوطني بكافة مشاربه دورا رائدا في مواكبة الإنجازات الوطنية، خلال ما يزيد على سنة من العطاء والتميز، برهن خلالها على مصداقيته، وجدارته بالاهتمام والدعم والاحتضان، وهي مناسبة لأدعو من خلالها كافة الفاعلين الوطنيين إلى دعم هذا الإعلام، ومساعدته على تجاوز كل العقبات البنيوية، والمؤسسية والمادية، كي يضطلع بدوره الطلائعي على أحسن وجه، ويسهم في التنمية الوطنية على الوجه المطلوب واللائق. أيها الجمع الموقر إننا والحالة هذه، لنتطلع إلى غد مشرق يليق بشعبنا ووطننا، غد رسم معالمه ووضع أسسه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، ونحن واعون لصعوبة الظرف الذي نعمل فيه، والتركة التي ورثناها وانعكاساتها البنيوية والهيكلية والأخلاقية، وأنه من واجبنا معالجة مخلفاتها، وواعون كذلك أن ما أنجز في فترة حكم الرئيس السابق محدودٌ، مقارنة مع موارد البلد، ومع الفرص التي أتيحت له، من عدم وجود كوارث صحية، أو بيئية ...، كما أننا واعون أكثر من كل ذلك أن الإجماع الذي حدث على فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني على كافة المستويات لا يمكن تغييره، لرؤيته المتبصرة من أجل بناء دولة قوية، ولقربه من الجميع، ولمشروعه المجتمعي المنبعث من احتياجات واهتمامات المواطنين، ولعمله على الفصل الحقيقي بين السلطات.
وإنه من واجبنا حماية مشروعه المجتمعي الكبير والدفاع عنه، ورد المتربصين به على أعقابهم، خاصة أمام من لم يستطع حتى الآن أن يثبت براءته أمام الشعب من تبديد أمواله وثرواته، وسيواصل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الدفاع عن هذه الخيارات الكبيرة، على جميع الأصعدة وضمن كافة الدوائر، وهنا نطالب الحكومة بمضاعفة الجهود من أجل ظهور التبني الواضح للحكم الرشيد، إذ لا بناء مع الفساد. وانطلاقا من ثقتنا الكبيرة في قضائنا نطالب باسترداد ثروات البلد المنهوبة، ونعتقد أن ما تم حجزه منها حتى الآن ليس إلا نزرا قليلا من ما تم نهبه، ولكنه يكفي للتدليل على ما تم من تبديد لثروات البلد، والتلاعب بمقدراته، ولأغراض شخصية، ونؤمن أن شعبنا لن يتخلى عن حقه في استرداد خيراته وحمايتها.
والله من وراء القصد. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.