دأبت الحركات الغربية متمثلة ببعض الدول التي اجتمعت فيما مضى، على اختراق بعضها عبر حروب مدمرة، كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسلطنة العثمانية، في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وعلى اصطناع تحالفات، في الظاهر، عبرت من خلالها عن قوة الدول المتحالفة، ولكنها في المضمون لا تختلف عن مجموعة من السارقين، تتقاسم الغنائم وفق تفاهمات واتفاقيات العصابات، وهي بعيدة كل البعد عن الاستراتيجية السياسية المتبعة باتفاقيات الدول عبر الحروب، كما حدث يوم سلخ لواء إسكندرون عن سوريا الأم. ففي عام 1938 قامت فرنسا "بخطوة غير مسبوقة واستفزازية" إذ أعادت منح اللواء حكمًا ذاتيًا مع بقاءه مرتبط من ناحية شكلية بالجمهورية السورية، ثم أعادت إلغاء هذا الرباط الشكلي؛ وفي العام التالي 1939، انسحبت فرنسا بشكل نهائي، في حين دخلت اللواء قوات تركية، وقامت بضمه وإعلانه جزءًا من الجمهورية التركية تحت اسم "هاتاي"؛ وهو ما يعتبر مخالفة لصك الانتداب الذي يلزم الدولة المنتدبة بالحفاظ على أراضي الدولة المنتدب عليها.
إذا هي مشهديه تتكرر الأن في سوريا، وبإشراف ذات الدول، عبر محاولة كل من الولايات المتحدة وتركيا اقتسام الشمال والشمال الشرقي؛ واشنطن عبر وكلائها من ميليشيا قسد، والذين قدموا الأرض للقوات الأمريكية لإنشاء قواعد لهم في سوريا، مع ما تم الاستيلاء عليه على يد الإرهابيين في منطقة التنف، التي تحاول واشنطن استخدامها مركزا لتدريبهم، وإعادة إحيائهم ليقوموا بإعادة نشر الإرهاب في المناطق المتحررة، لعلهم يستطيعون تغيير قواعد لعبتهم القذرة.
في الشمال السوري، وفي مناطق تواجد ميليشيا قسد، يتم سرقة القمح السوري، بواسطة أرتال من الشاحنات المتوجهة عبر المعابر اللا شرعية كمعبر "الوليد"، ومنها إلى العراق، كما تقوم وعبر هذه الشاحنات، والتي كثفت عملها بشكل كبير في العام 2019 عبر إتمام عمليات الدخول لهذه الشاحنات، وخروجها تارة من داخل الأراضي السورية إلى العراق وتارة من العراق إلى سورية، وذلك عبر عمليات سرق ونهب ونقل معدات وأدوات لوجستية وعسكرية وحتى أفراد من المنظمات الإرهابية "داعش"، هذا كله بالإضافة إلى سرقة النفط السوري عبر شركات أمريكية صهيونية تركية، والاستقواء على الأهالي الصابرين الصامدين عبر أدواتهم من عصابات قسد أو المجموعات الإرهابية في الترويع والتهجير والتجنيد الاجباري للنساء في صفوفهم.
أما تركيا فتستكمل خريطتها الإرهابية، عبر احتوائها لعناصر القاعدة في إدلب، والتي تعتبر المعقل الأساسي لعناصر القاعدة و داعش الإرهابيين، بالإضافة إلى العناصر الإرهابية من المجموعات الأخرى من جبهة النصرة وغيرها، التي انتشرت عبر سنوات الإرهاب، ووضعت سيطرتها على الريف الشمالي لحلب، في تل أبيض وعفرين ومنبج والباب، وفي الحسكة عبر السيطرة على مدينة رأس العين، والتي يعاني سكانها من أبشع أنواع الانتهاكات والتهجير وسرقة المحاصيل الزراعية، وعلى رأسها القمح، ونقله إلى تركيا عبر سماسرة وتجار أتراك.
هذا ناهيك عن قطع المياه عن أهل الحسكة، وريفها والقامشلي عبر سرقة بطاريات التشغيل لمحطة علوك على مدى سنوات، والتي تعتبر المصدر الوحيد لمياه الشرب، لأكثر من مليون مواطن سوري، بالتوازي مع ما تفعله قسد الإرهابية لأهل الجزيرة العربية السورية.
هي عصابات ترتدي رداء الدول، لكن تتساقط هيبتها الدولية تباعاً بفضل شعب صابر وجيش عظيم وقائد وفيّ لذاته ولوطنه.
في المحصلة سوريا كانت وستبقى الدولة الشرق أوسطية التي لا تقبل التبعية والارتهان لقرارات مجموعات دولية لا تمتلك من الذمم سوى الشعارات.
ربى يوسف شاهين
كاتبة سورية