شهدت تشاد الجارة الجنوية لليبيا خلال هذا الشهر أحداثا متسارعة بسبب زحف قوات المعارضة القادمة من ليبيا التي كانت تشارك في الحرب الدائرة بين الليبيين منذ عقد من الزمن ، فبعد أن توقف صوت الرصاص و تدفق الأموال عليهم من الاطراف الليبية المتحاربة فيما بينها، فكر قادة تلك القوات في العودة و اقتلاع حكم إدريس ديبي ، فدارت معارك طاحنه بين قوات الرئيس الراحل و القوات الزاحفة من الشمال ، أسفرت عن استشهاد الرئيس التشادي في ساحة المعركة، فقامت القيادة العسكرية بتشكيل مجلس عسكري بقيادة العقيد محمد ديبي ، الذي كان في الصفوف الأمامية لصد زحف القوات المعارضة نحو العاصمة، ديبي الأبن في أول ظهور إعلامي له أكد حرصه على تشكيل حكومة مصالحة وطنية تستوعب الجميع، و دعا كل تشادي غيور على بلاده للعودة و المساهمة في تنميتها و الحفاظ على وحدتها التي تتعرض لمؤامرة خارجية تهدد سلمها و أمنها الأهلي و وحدة أراضيها، كما تعهد بالالتزام بإنهاء الفترة الانتقالية بأسرع وقت، في ذات الوقت أرسل رسالة حازمة و واضحة مفادها إن أمن تشاد، و وحدته أمر غير قابل للنقاش، و التهاون .
لقد برهن الإبن في إطلالته الأولى على إدراك و إلمام تام بكل ما يجري من حوله، و أفسح المجال أمام كل من يريد أن يستظل بظل خيمة الوطن أن يعود لها من خلال الحوار و التصالح ، أما الخونة والعملاء و أصحاب الأجندات الخارجية ، عليهم أن يدركوا إن محمد ديبي لن يتهاون معهم في الزج بتشاد في حروب خاسرة، بكل تأكيد و هو يلقي خطابه الأول كان المشهد الليبي ماثلا أمامه و يعرف أن اللغة الاقصائية، و الأستقواء بالأجنبي، و الإنصات لما تريده المخابرات الخارجية ، سوف يكلف بلاده ثمنا باهظا، و يعود بها إلى عام 1952 عام الظلام و الحروب الأهلية، و سوف يرسم مشهدا مماثلا للمشهد الليبي الذي جعل من ليبيا دولة فقيرة شعبها يعاني أصعب الظروف، و تحولت من دولة رائدة في إفريقيا تقود المصالحات بين الأفارقة إلى دولة مصدرة للارهاب و الفوضى لجيرانها و كل المنطقة.
إن ما قاله ديبي الابن هو رسالة واضحة وصريحة إن لغة التصالح و المصالحات، والحوار هي لغة أي ابن بار بوطنه، حريص عليه، يؤمن بأن الوطن يبنى للجميع و بالجميع، و بإرادة مستقلة حرة فلا يمكن لمن يفقد الاستقلالية في إرادته ، أن يؤسس وطنا مستقلا لان هذه مرتبطة بتلك ، و لا يمكن للابن البار أن يكون مطية يعبر بها الاستعمار . و ان لغة الاستئصال، والاقصاء، و الاستقواء ثمارها الدمار و الموت و ضياع الأوطان، و مهانة الأنسان..
فهل تعقلون ؟
سالم بن عبد الله