" الحياة موقف عز، أو موقف سيارات".
في موقف العز يعلو الصوت، ليكون صاحبه محط اهتمام الجميع؛ تثمينا وإشادة.. موقف يحسد عليه..
وقفت وما في الموت شك لواقف
كأنك في جفن الردى وهو نائم!
موقف العز يسجله التاريخ بأحرف من ذهب ويعز فيه الواقفون: منتصب القامة أمشي.. مرفوع الهامة أمشي.. في كفي قبضة زيتون.. وعلى كتفي نعشي...
موقف العز شامخ؛ كأنه علم في رأسه نار..
موقف السيارات وهاد مسطح، يكثر فيه الزحام، تركن فيه السيارة وتطفأ، يدير لها صاحبها ظهره فتصبح نكرة بين النكرات.. شيء تم التخلص من عبئه إلى حين..
موقف السيارات تسجله كامرا المراقبة، و"يخلده" عامل البلدية بوصل مخالصة بلا اسم ولا عنوان مثل مقبرة الأرقام..
موقف السيارات يبدأ بالنزول، وينتهي بالخروج...
اختارت أم الدنيا موقف العز حين تسلل آخرون لركن ضمائرهم في زاوية مظلمة وانشغلوا بالتسوق في بازار اللغة يساومون على "التنديد" حين غلا سعر الإدانة!!!
ذاك قدر أم الدنيا أن تكون مثابة العرب، وجند الاسلام، قادت حروبنا كلها؛ صمدت في ٥٦ فصمدنا، وانتكست في ٦٧ فانتكسنا، وانتصرت في ٧٣ فانتصرنا.. هي بوصلتنا وعنواننا الدائم.. استعادت أرضها باتفاقية سلام لم تدفع فيها سوى شقة في عمارة، وشرفة تطل على حائط أصم في وجه التطبيع.
أن تهب مصر الكنانة لنجدة غزة هاشم فهذا ليس بخبر"عاجل"، وإنما هو موقف عز يتجدد في كل المناسبات.. فخير أجناد الأرض مستمسكون بعقيدتهم العسكرية من عبد الناصر، وعبد المنعم رياض، وسعد الدين الشاذلي، وسليمان خاطر... حتى عبد الفتاح السيسي، وعشرات آلاف المصريين الذين قدموا أرواحهم رخيصة في مواقف العز والشهامة...
د. محمد اسحاق الكنتي