منذ مدة و لا حديث في الرجمة و اكنافها إلا عن الإستعداد للاحتفال بعيد استراد معركة كرامة حفتر التي نسي أنها سلبت منه في أول اذعان لمطالب الاستخبارات الأمريكية في انجامينا قبل 44 سنة، فمنذ إن قهرت المرأة الحديدية المشاغبين في بنغازي و طرابلس و اجبرتهم على القبول بالحكومة القيصرية التي ولدت في جنيف، شعر حفتر انه هو الخاسر الأكبر في هذا الاتفاق، فهو يعلم تمام العلم انه عنصر خلافي مع الماضي الذي لا مفر من العودة إليه، و الحاضر الذي يفرض نفسه، والمستقبل الذي لا يتسع لكهل توشح بكل وشائح الهزائم في جميع الميادين العسكرية، و السياسية، و الإجتماعية و الأخلاقية أيضا ، و يحاول أن يجمع أشلاء ما بقي له من مليشيات وعناصر مقاتلة؛ ويعزف على النغمة الجهوية، لعلُه يجد له مكانا في معركة المساومات مع حكومة المقاولات والعطاءات، غير إن الاخوان المفلسين؛ و تركيا و بعض المناطق الجهوية سوف يجدون ضالتهم في هذا التصرف الغبي الذي هبط عليهم من السماء لكي يوظفوه في عرقلة المسار الوطني الذي اذا تعافى سوف يقذف بهم الى حانات مانشستر؛ و بحفتر الى منفى فرجينيا او السجون لانه عميل فاشل لا مكان له إلا السجن، سوف يعمل الإخوان بكل قوة على تجريد حفتر من اي مكسب سياسي اومنصب عسكري في الحاضر والمستقبل، فاحتفال السبت القادم هدية بدون اي مقابل قدمها المشير الذي يبدو انه لم يستشر احد من مستشاريه؛ فقدم لخصومه هدية في الوقت الذي صاروا في طور الإقرار بالهزيمة.
إن قيامه بالاحتفال بمعركة الكرامة خطوة يعوزها التخطيط، و الحنكة، والتدبر فمعركة الكرامة هي أحد المواضيع الخلافية في ليبيا، و تركت آثار سلبية على الصعيد الإجتماعي في الشرق الليبي تحتاج إلى عقود من الزمن حتى تندمل، فدعوته للاحتفال بعيد كرامته بدون إذن من المجلس الرئاسي بقيادة المنفي؛ يعتبر عدم اكتراث من قيادة الجيش وحضرة القائد العام بالقائد الأعلى؛ و هنا يستوجب معاقبتة من خلال وضعه تحت الإقامة الجبرية، و عزله من منصبه، و تشكيل محكمة عسكرية لما قام به لأن الأمر يصنف في القوانين العسكرية تمردا و عدم امتثال للاوامر الصادرة و اخلالا بالضبط و الربط العسكري، و تهديد السلم الوطني والإجتماعي.
اما إذا كان المنفي اخذ علما مسبقا بهذا الاحتفال و وافق عليه فهو أيضا موضوع مربك له؛ و إلى أعضاء حكومة الدبيبه الهشة أصلا ، و هنا وجب أن تكون رسائل الدعوة للحضور صادرة من القائد الأعلى وليس العام.
على اي حال إذا حضر المنفي و الدبيبه مشكلة و إذا غابوا معضلة؛ فالدبيبة سبق له ان لبى دعوة لحضور حفل عسكري في طرابلس؛ فإذا غاب عن حفل الرجمة سوف يتم رجمه بالجهوية، كما ستعزف الفرقة نشيد برقة بدلا من (( نشيد بلادي يا بلادي)) و هذا يعتبر شهادة وفاة لحكومته، و للميزانية التي يسعى للحصول عليها بكل التعوايذ التي اعتاد على قراءتها ، كما إن المنفي أيضا في موقف لا يحسد عليه؛ فإذا غاب تعالت الأصوات ضده بأنه من الخلايا النائمة للقاعدة و الإخوان في الشرق، و إذا حضر فهو جهوي منحاز إلى حفتر و قرمطي مندس؛ و تصبح طرابلس و العودة إليها شيئا من وحي الخيال فالمليشيات هذه المرة لن تسمح له بالخروج من باب المطبخ بفندق المهاري؛ بل سوف يحل عليهم ضيفا في احد الاستراحات؛ و ما ادراك ما الاستراحات ،فاذا قرر الحضور فعليه أن يبحث من الآن على غرفة مجاورة لعقيلة صالح بطبرق و يأخذ صفة المجلس الرئاسي بطبرق أو في أفضل الحالات مجلس الشرق الرئاسي؛ كما لا يفوتنا ان ننوه إلى نقطة بروتكولية مهمة سوف تكون موضوع تنازع إذا حضر القائد الأعلى؛ ففي مثل هذه الاحتفالات عند حضور القائد الأعلى هو من يأمر ببدأ العرض و إن القائد العام يقدم له التحية العسكرية، و هو الذي يستقبل الضيوف .. و حفتر المتيم بالشكليات لن يتنازل عنها و هنا يصبح المنفي حاله كحال ابوسهمين مع هيثم في حفلة معركة حنين.
ان المنفي اليوم اما إن يبرهن انه حفيد المختار الذي افتخر به قبل أيام و قال رفيقه في المجلس الكوني نحن على درب عمر المختار؛ ذلك الدرب الشاق و المؤلم ، فيقوم باصدار الأوامر العسكرية الصارمة بحكم منصبه كقائد أعلى، و يلغي هذا العرض الذي لن يغني و لا يرد كرامة الوطن المفجوع، بل هو آسفين في جسد الوطن الممزق، و يثبت بهذه الخطوة انه رجل وطني لا يكترث لا باخوان الغرب أو خوان الشرق فهم كلهم سبب بلا الوطن؛ أو يلبي الدعوة و يكون شاهد زور في حفل معركة لا تحمل من صفات الكرامة إلا إسمها، و بذلك يتحول إلى كرزاي ليبيا الذي سوف يعيش تحت رحمة الشهيد الحي بطل معركة مصرف الأمان صدام، و خالد قائد الهروب المبين من الزواية .
إن السبت لناظره لقريب
سالم بن عبدالله