إعلان

تابعنا على فيسبوك

ولد عبد العزيز: سحبنا منجم "تمايه" من شركة تازيازت لعدم وفائها بالتزاماتها

أربعاء, 16/06/2021 - 21:27

كثر الحديث في الأسابيع الماضية عن قطاع المعادن و اتفاقياته، لذلك قررت توضيح عدة جوانب قد تكون غائبة عن غالبية الشعب، في ظل دخان التضليل الذي أصبح النظام يحيط به كل التساؤلات و الشبه التي يثيرها المواطن، فينسبون كل الفساد والإهمال و تفشي ظاهرة الرشوة و مجمل أسباب فشلهم إلى العشرية.

لا بأس، يمكننا تجاوز ذلك و قد نتقبله، لأن التهرب من المسؤولية لا يسقطها، ونتحمل كغيرنا كامل مسؤولياتنا و التي تتوزع على الجميع بدء بالرئيس وانتهاء بالبواب، كلٌ له نصيب بحسب مسؤوليته، إلا أن إلقاء الملامة وتبادل التهم جزافا  ليس بأنجع ترياق لحل المشاكل و الأزمات.

و لأنني سمعت بعض المسؤولين تحدثوا عن المعادن و وتازيازت و إهمال العشرية، أردت إنارة الرأي بجملة من الحقائق عن هذا الموضوع ولقد تسلمنا قطاع المعادن في بداية العشرية وكانت الرسوم شبه معدمة، و الاستفادة من الثروة الوطنية ضعيفة جدا، وكانت يافطة تشجيع المستثمرين واستجلاب الشركات الاجنبية هي التي يتم تحت ظلها استنزاف الثروات الوطنية، دون فرض وجود قانوني للدولة تستفيد بموجبه من ثرواتها. 

#أولا: وجدنا أن رسوم نقل الملكية لم تكن موجودة، واكتشفنا ذلك  عندما تمت عملية بيع شركة (ريد_باك) المختصة في استخراج معدن الذهب: بسبعة ملايير وستة مائة مليون دولار، وعندما علمتُ بأن الدولة الموريتانية لا تستفيد من هذه المبالغ في مثل هذه الحالات  و لا وجود لقوانين تضمن ذلك، أمرت حينها بسن قانون يضمن للدولة نسبة 10% من كل معاملة تجارية بيع أو شراء لأي شركة أجنبية على أرض الوطن، إلا أن بعض المسؤولين كان ولاءه لجيبه أكثر من وطنه للأسف، لذلك تم التحايل على الأوامر و صياغة القانون بطريقة قد لا تستفيد معها موريتانيا من أي تعويض، حيث طبق القانون على صافي الأرباح. 
ولحسن الحظ اكتشفنا الأمر قبل الوقوع في الفخ و أعدنا صياغة القانون لتطبق نسبة العشرة في المائة على القيمة الإجمالية للشركة. 

و لا شك أن مثل هذه القوانين تساهم في الحد من فوضى التلاعب التي كانت منتشرة، حيث يتم الترخيص لشركة و بعد فترة لا تقدم خلالها أي فائدة للبلد تبرم صفقة مربحة مع أخرى و تبيعها الترخيص، وقد تكررت هذه الحالة عدة مرات، لكن الأنظمة السابقة لم توقف هذا النزيف عن قصد أو لم تنتبه له، وظل الوطن الخاسر الوحيد من هذه الفوضى خلال سنوات كثيرة.

#ثانيا: كانت مداخيل الرخص للدولة خلال عام كامل   لا تتعدى 50 مليون أوقية، ويمكن الرجوع إلى أصحاب المعالي الوزراء الذين تعاقبوا على وزارتي:المعادن و المالية منذ 2008 وحتى 2019 لتأكيد هذه المعلومات.

شددنا الرقابة على مجال الرخص واكتشفنا أن الرخص كانت تسوق قبل دفع رسومها للدولة و لذلك أصدرت تعليمات إلى الوزراء بعدم تقديم رخصة خلال مجلس الوزراء إلا بعد استكمالها للشروط ودفع كامل الرسوم للدولة، بهذه الاستراتيجية قفزنا من الخمسين 50 مليونا سنويا سنة 2008 إلى 2 المليارين خلال آخر سنة من العشرية. 

#ثالثا: قمنا بمضاعفة رسوم التنقيب على الكلم المربع تسعة أضعاف، حيث كان يدفع مبلغ  250 أوقية للسنة و رفعنا المبلغ إلى 2400 أوقية للسنة عن كل كيلوميتر مربع، وقد  تحتوي كل رخصة على عشرة أو مائة أو ألف كلم متربع، و يكون الفرق في المردودية على الدولة نفس الفرق بين مبلغ 250 أوقية و 2400 أوقية. 
  
#رابعا: كانت رسوم الرخصة زهيدة مقارنة بقيمتها حيث يدفع مقابلها مبلغ 8 آلاف أوقية فقط،  و تمت مضاعفة المبلغ ليصل إلى 50 ألف أوقية. 

#خامسا: راجعنا إتفاقية وقعت بين الدولة و شركة MCM  قبل العشرية تمنح الشركة بموجبها 500 مليون للدولة مخصصة لصيانة  طريق أكجوجت نواكشوط، و كان التلاعب بهذا المبلغ يتضح في محاولات ترقيع للطريق بمواد رديئة، في سنة 2008/2009 أمرت بوقف هذه الاتفاقية و خصصنا 300 مليون -بقيت من المبلغ لتلك السنة- لتعبيد خمسة كيلومترات داخل مدينة اكجوجت التي لم يكن بها طريق واحد و هي المدينة التي تستخرج منها ثروة النحاس.

و فرضنا على الشركة اتفاقية بموجبها تنجز للدولة 30 كلم من الطرق المعبدة سنويا، فاقترحت الشركة إنجاز حصيلة 8 سنوات  مقدما، لعدم قدرتها على الالتزام بتنفيذ الاتفاق كل سنة، وقد أنجزت طريق اكجوجت~نواكشوط، وكان من المفترض استئناف الشركة لتطبيق الاتفاقية ابتداء من نهاية سنة 2018 بانجاز 30كلم من الطرق سنويا. 

#سادسا: شهدت العشرية عدة تحسينات على وضعية  اليد العاملة الوطنية في مجال قطاع المعادن، فشركة MCM وحدها كانت توظف 130 أجنبي يقدمون لها خدمات تتوزع بين بوابين و سائقين و حمالين وحراس، تفاهمنا مع إدارتها على إعطاء الأولوية في التوظيف للمواطنين، و قمنا بالقضاء على هذا المشكل.

واجهتنا بعض الصعوبات مع شركة تازيازت نتيجة لسوء التسيير و الفساد الإداري الذي يسودها، وهذه الحقائق يعرفها ملاك الشركة الذين كانوا ينظمون لنا عدة زيارات للتفاوض، لم نتوصل في النهاية إلى تفاهم معهم، لأنهم كانوا يرجحون مصلحة الشركة واستفادة بلدانهم على مصالح الوطن و المواطنين الموريتانيين، وهذا الفساد له عدة أسباب منها تدخل ونفوذ بعض الموريتانيين المستفيدين من الشركة، وله عدة أوجه منها:

- عدم قبولها توضيح معاملاتها و كشف ملابسات تسييرها الذي انعكس على أرباحها وعلى علاقتها بالدولة، وقد أجري تحقيق حول هذا الموضوع من طرف المكتب الفيدرالي الأمريكي على إثر اتهامهم بالرشوة، غيروا بعدها الطاقم الإداري ومع ذلك لم يلحظ أي تحسن.

- انفجار أزمة المحروقات التي كانت تنص الاتفاقية على استيرادها لحاجيات الاستهلاك فقط، غير أنها ضاعفت الكمية بالتواطئ مع شركائها لإعفائهم من الضرائب في تحايل فاضح على الدولة، وعند اكتشافنا للاستنزاف الذي تقوم به من خلال توفير المحروقات المعفية من الضرائب لعدة شركات اجنبية ومحلية تتعامل معهم أوقفنا تلك العملية و رفعنا عنها ذلك الامتياز حيث كانت يسمح لها بشراء حاجياتها من المحروقات بدون ضرائب، واستمرت الوضعية طوال الفترة الأخيرة من العشرية، كانوا خلالها يدفعون من كل ثلاثة أشهر قرابة أربعة مليارات أوقية للدولة عن المحروقات. وكان المتعاونون معهم يطمئنونهم بتغير هذه الوضعية حال مغادرتي للحكم.

- رخصة منجم التَّمَايَ، هذه الرخصة كانت فعلا للشركة لاستغلالها لكن الشركة لم تتبع القانون و لم تفي بتعهداتها للدولة، لذلك تم سحبها منها طبقا للمساطر القانونية و أصبح معدن التمايَ منجم للجمهورية الاسلامية الموريتانية و أي عملية منح له لشركة اجنبية بمقابل زهيد كما حصل هو تفريط في المصلحة العامة لهذا البلد، وبالتالي أعتبره خيانة للأمانة التي حمل الشعب لهذا النظام.

و هذا الملف من الملفات القليلة التي حرصت على توضيحها للرئيس الحالي و عندما علمت بمحاولات لبعض الأشخاص من خارج وزارة المعادن في هذا الاتجاه اتصلت بالرئيس و تحدثت معه حصرا في هذا الموضوع، فلم أتدخل له في تسيير البلد و لم أقترح عليه تعيين فلان ولا علان من قبل، لكن لما أعي من أهمية هذا المنجم و ما له من مردودية على الوطن و لما فيه من مصلحة تهم المواطن، حدثته عنه و أوصيته بعدم التفريط فيه و في مصلحة البلد من خلاله، وواصلت التأكيد عليه حتى آخر عهد للعلاقة بيننا، و ترون ما حدث خلال العام الموالي.

و إذا قمنا بتحكيم مصلحة الوطن فالمنجم للشعب الموريتاني ويجب بذل الجهود من أجل تحقيق أقصى استغلال له يعود بالفائدة على المواطنين، و الشركة لن تزيد على أمرين: استثمار و هنالك العديد من الفرص الاستثمارية التي تضمن استفادة مضاعفة، أو الخبرة و اليد العاملة فقد أصبحت لدينا تجارب وخبرات وطنية أثبتت كفاءتها في المجال وهي أحق بخيرات أرضها.

و حين نقوم بعملية حسابية بسيطة نجد أن التنقيب بآليات بدائية يستخرج بواسطته المواطنون حسب المعطيات المتوفرة ما يربو عن 20 كلغ من الذهب يوميا، تباع بقرابة 400 مليون أوقية أي معدل 144 مليار أوقية يستفيد منها كل الشعب وخاصة مجموعات من المواطنين العاطلين عن العمل، لذلك لا مبرر لاستعجال النظام في منح هذا المعدن للشركة التي لم تستغله في الوقت حسب القوانين، لأن هذه الرخصة رخصة استغلال منجم وليست رخصة تنقيب و الفرق شاسع. 

يتجلى احتقار هذه الشركة للبلد في الكثير من الصور نذكر منها:

- رفض الشركة لاستخدام طائرات الشركة الموريتانية للطيرات، وتفضيل الخطوط الأجنبية.

- يحرصون على استيراد اللحوم من الدول المجاورة في حين تصدر موريتانيا البقر و المواشي لبعض تلك الدول.

- يوفرون الإقامة لعمالهم في دولة أجنبية بدل موريتانيا التي ينهلون من ذهبها و ثروتها.

هذه العوامل و التجليات هي الأسباب التي  جعلتني أرفض التعامل مع هذه الشركة  إلا في حال تراجعها و عملها بما يخدم مصلحة الشعب و الوطن وقد فرضت عليها ضغوطات مالية في سبيل ذلك.

و ترون، فقد أعلنوا أنهم يخوضون  مفاوضات مع الشركة إلا أن الحقيقة وحسب ما وردني من معلومات فإنها تشير إلى أنهم أعادوا لها رخصة التمايَ وستعوض لها الدولة كل الضرائب التي دفعتها خلال العشرية عن المحروقات، وهذا رزء كبير للدولة، كل هذه التنازلات بمقابل 25 مليون دولار ونسبة مئوية ضئيلة، و هذا تجسيد للمثل: (أقْطَعْ من شَاربُه ولَقْمُه).

وسبق للشركة أن هددت خلال العشرية بتقديم شكوى من الدولة الموريتانية لكنها سرعان ما اكتشفت أنها لاتمتلك الحق في ذلك قانونيا، وسبقتها لمسار التقاضي شركة أخرى ربحت أمامها الدولة الموريتانية الدعوى و دفعت لموريتانيا تعويضا يتراوح بين 6 و 7 ملايين دولار، التجربة  التي  حالت بين شركة تازيازت مع التشجع على التقاضي لعدم تأكدهم من ربح الدعوى.

و بالتالي فإن هذه الشركة لاتملك الحق في هذا المنجم و يجب منحها إياه بأعلى ثمن ممكن أو تركه لأبناء هذا الوطن الأحق به من الشركات الأجنبية و جيوب الوسطاء الخونة.

#بقوة_شعبها_موريتانيا_ستنتصر

من صفحة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز