أخصص بعض الوقت لمتابعة ما يجود به الموريتانيون من كتابات وسمعيات وصور، خاصة على وسائط التواصل الاجتماعي، قناعة مني بأن هذه الوسائط تمثل اليوم المسرح الرئيسي لمعركة "الخير والشر" الأزلية. أستاء من بعض المحتويات لسقوطها الأخلاقي أو عنصريتها المقيتة أو شرائحيتها "القرون-وسطية" أو قبليتها الشاخصة...، وأخجل من بعض المضامين "لسهولة" وسطحية طرحها، و"أستهلك" بعض المناشير "لكي لا أموت غبيا"... في المقابل، أسعد بمظاهر الذكاء والموضوعية والوعي الوطني في إنتاج بعض"المدونين" (بالمفهوم النبيل والعام لهذه الصفة...).
هناك "مهتمون" بالشأن العام الوطني يزدرون التدوين والكتابة بشكل عام، لأسباب ثقافية في المقام الأول؛ فمن الصعب جدا تخمين ما يفكرون فيه ذاتيا أو ما يقترحونه بخصوص الوطن، واقعه ومستقبله. وتشكل هذه الفئة الجزء المغمور من "جبل الجليد" السياسي الوطني...
أترك جانبا "الإعلام الرسمي" لنمطيته العقيمة والمكلفة...
هناك "آراء" فئوية ضيقة لا يستحي أهلها ومؤسساتها من الترويج لخصوصياتهم، داخل الفضاء العام في تحد للذائقة الأخلاقية العامة وللمصلحة العليا للبلاد وللقانون في بعض الأحيان ؛ ومن الصعب إيجاد قواسم مشتركة بين هذه "الآراء" التجزيئية.
فما هو يا ترى حيز المشتركات بين مكونات الطيف النخبوي الموريتاني؟ بعبارة أخرى، هل لدينا رأي عام وطني يتعامل بحرية ووعي مع الأحداث من منظور المصلحة العامة وبمنطق ترتيبي (الأهم والمهم والثانوي والكمالي والسلبي والضار...)؟ للتعرف على محددات ما يمكن اعتباره "رأيا عاما وطنيا”، علينا العودة إلى المشتركات الأساسية كما يحددها دستور البلاد، من احترام لديننا الإسلامي الحنيف و وحدة الشعب الموريتاني وحوزة البلاد الترابية وسيادتها ومبادئ الديمقراطية المعاصرة... أما التعرض لأداء الإدارة العمومية ومرافقها -فيما لا يصطدم بهذه المحددات- تقييما ونقدا إيجابيا وتشجيعا "لتقويم" بعض الاختلالات واقتراحا لبعض الحلول ونبذا "للحربائية" السياسية المزمنة، فيمكن اعتباره ديدن أي رأي عام واع ومستنير، ومساحة مشروعة لتنافس المتنافسين...
د. اسلكو ولد أحمد ازيد بيه