تسارعت السياسات الأمريكية الضاغطة على المحور المقاوم، خلال العقد الأخير من زمن الإرهاب الأمريكي، وعلى الرغم من قساوة أحداثه، فقد شهدت منطقة غرب أسيا تحولات عديدة في الكثير من القضايا الهامة داخلياً وخارجيًا، و على عدة أصعدة منها العسكري والأمني والاقتصادي والسياسي، ولعل أبرزها أن ما خُطط على مستوى أجهزة الاستخبارات الدولية، بالنسبة لفرض متغيرات ديموغرافية تصب في المقام الأول لمصلحة المستعمرة الصهيونية، كل ذلك لم يحقق إحدى أهم بنوده ألا وهو تفكيك محور المقاومة.
شكّل انتصار الدولة السورية على الإرهاب العسكري والسياسي، في الجزء الأكبر من سورية، صفعة أمنية وعسكرية وسياسية كبيرة، لمجموعة الشر الغربي، يضاف إلى ذلك، صمود الجمهورية الإسلامية الإيرانية في وجه الإرهاب الاقتصادي، وعدم الامتثال لضغوط واشنطن لفك ارتباط إيران مع سورية والعراق وحزب الله واليمن، بل كان لانتصار اليمن على حلفاء واشنطن ووكلاءهم، سقوط مدويّ لقوى الشر التي زرعتها يد الأخطبوط الأمريكي، والأهم أن معركة القدس التي استطاعت أن تُحدث متغيراً مختلفاً ورعباً للداخل الإسرائيلي، وفوضى في التفكير العسكري والأمني للساسة والعسكريين في الكيان الصهيوني، وذلك لجهة التغيرات التي فرضها قوى المقاومة، نتيجة عدة عوامل أسست وتؤسس لها وحدات المقاومة منذ أن وطأة يد المحتل أرض فلسطين.
ملفات الحرب الإرهابية هُندست لمنطقة الشرق الأوسط وفق أجندة صهيو أمريكية، محسوبة الغاية والهدف، وبات الملف الاقتصادي يشغل العقل الغربي المدمر لتحقيق أهداف الحرب الباردة ، أو الردع المرن، والذي يُشبه كرة الثلج المتدحرجة، التي تزداد ضخامة، كلما ازدادت مسافة وسرعة السقوط، وهذا ما ينطبق على مفردات وعناوين الحرب الاقتصادية التي شُنت على المحور المقاوم، بعد انتهاء عناوين الحروب السياسية والعسكرية.
المشهد الإقليمي في سورية والعراق، آخذ في التعافي، وإعادة تشكيل وترتيب بيت التعاون الاقتصادي، وذلك عبر زيارات على مستوى الوزراء الاقتصاد، لتكون ثمرة التعاون بين البلدين الشقيقين، أولى روافع إعادة النهوض، وفي لبنان الشقيق حيث التقى وفد المسؤولين اللبنانيين وأعضاء مجلس النواب بوزير الخارجية السوري الدكتور فيصل المقداد مساء الأحد20/يونيو/، وناقشا القضايا المتعلقة بالتنسيق الاقتصادي، وأهميته بالنسبة للبلدين، وخاصة بالنسبة لمواجهة العقوبات والانكماش الاقتصادي، وكان السيد حسن نصر الله، قد أعلن مؤخرا عن استعداد المقاومة لحل بعض المشاكل الاقتصادية، من خلال العلاقات الجيدة مع طهران.
أما بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية وسورية، فإن الميزان التجاري لعام 2020، قد بلغ 170 مليون دولار، وسيصل بحسب “كيفان كاشفي” رئيس غرفة التجارة الإيرانية السورية المشتركة إلى 300 مليون دولار هذا العام، الأمر الذي سيحقق نمواً اقتصادياً لكلا البلدين، فالعلاقات لم تنقطع بين دمشق وطهران، على الرغم من الألغام التي زُرعت في مسار هذه العلاقة، بل توطدت بشكل كبير لتصبح إيران من الشركاء الأساسيين في عملية إعادة الإعمار في سورية.
في المحصلة، رغم سنوات الحرب الإرهابية التي عصفت بشرقنا العربي، ما زالت قوى المحور المقاوم، تُشكّل السد المنيع في وجه هذا المخطط الإرهابي، بدعامات أمريكية اسرائيلية، والذي لم ولن ينتهي ما دام على أرض الشرق الأوسط، كيان مصطنع يسمى إسرائيل، وفي العمق، فإن قوى محور المقاومة تسعى إلى معادلة التشبيك الاقتصادي والسياسي وحتى العسكري، بُغية إيجاد منظومة تكون نداً للمنظومة الإرهابية الأمريكية، كل ذلك، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، وعلى الرغم من الأزمات السياسية والاقتصادية التي تشهدها قوى محور المقاومة، أن القادم سيكون بامتياز مرحلة التعافي الاقتصادي، وستوضع كل المُخططات الأمريكية والاسرائيلية تُجاه محور المقاومة، في بوتقة الصهر المقاوم.
ربى يوسف شاهين
كاتبة سورية