يخشى الليبيون في أغلبهم تأثير المال الفاسد على الانتخابات التي قد تجرى نهاية العام.. ولذلك مبررات قوية.. فدور المال في تزوير إرادة الناس في الديمقراطية التمثيلية لا يمكن إخفاؤه حتى في أكثر الدول ادعاءً للديمقراطية.. ولعل فوز الملياردير ترامب برئاسة الولايات المتحدة نتيجة لدور المال الفاسد ليس بعيدا عن الأذهان، فكل مؤهلاته الانتخابية كانت العجرفة ومليارات الدولارات!
في العالم عموما لا توجد انتخابات نزيهة بعيدة عن تأثير المال الفاسد الخارجي والداخلي، ولعل فضيحة ساركوزي ليست بخافية أيضا.. أما العالم الثالث فمن الغباء تصور إجراء انتخابات دون أن تكون النتائج محسومة سلفا بتأثير القوى الأجنبية المهيمنة وما تغدقه من أموال!!
أما في الدويلات الصورية التي تنشأ بحكم الحاجة الدعائية بعد التدخلات العسكرية للقوى الكبرى النافذة فالحديث عن الانتخابات أصلا قد يحسب نوعا من الوهم، وان أجريت فلا بد أن تصب نتائجها في مصلحة المحتل، ولا شك في أن المحتل سيستخدم كل الوسائل المعروفة والتدابير السرية التي يضعها لكل دولة على حدة!
المثل أمامنا الانتخابات في ليبيا وتأجيل إجرائها لسنوات والاستعاضة عنها بتدابير غريبة عجيبة.. وانتخابات الصومال غير المباشرة.. ومسرحيات انتخابات العراق في ظل شريعة الحاكم العسكري الأمريكي بول بريمر، حيث يعتلي أحد مترجميه هرم السلطة فيه.. وحتى أفغانستان بعد تمثيلية اللوياجيركا سيناريو المخرج الألماني… وبروز كرازاي الذي صار نموذجا للحكام المحليين الذين يريدهم المحتل!!.
لكن بمجرد خروج المعامل الأجنبي من المعادلة تعود الأمور الى مجريات محلية طبيعية.. المحتل عندما يخرج يترك عملاءه مرميين في الشوارع تدوسهم الشعوب بأقدامها.. لننظر إلى ما يجري في أفغانستان اليوم، مباشرة بعد أن أعلن بايدن سحب قواته وشركاته الأمنية سيئة السمعة، حتى عادت طالبان للسيطرة على أفغانستان في لمح البصر، فقبل انتهاء عمليات الانسحـــــــاب المعلنة بشهور صــــــار أكثر من 90 % من أرض الأفغان خارج سيطرة السلطات المنتخبة صوريا!!
نحن لا ننسى فتلك حقائق التاريخ، لقد حاول الفرنسيون تكوين حكومة بديلة لهم من الجزائريين لكن أعضاءها فروا مع آخر جندي فرنسي يغادر الجزائر، أما في فيتنام فكانت الصورة أوضح وأكثر فظاعة، عندما نشرت صور لمجموعة من العملاء الفيتناميين وهم يحاولون التشبث بقواعد طائرات الهليكوبتر التي أرغمت على نقل الجنود الأمريكان والهروب تحت ضربات ثوار الفيتكونغ!!
في ليبيا لن تختلف الصورة، فبمجرد أن ينتهي التواجد الأجنبي عاجلا بإذن الله فلن تجدوا هؤلاء السفهاء الذين يلوثون الوطن، وسيلقي بهم الغرب الى المزابل، إذ لن يكونوا بحاجة لهم.
أرجو ألا يفهم هذا المقال مبررا للتقاعس عن التسجيل في قوائم الناخبين، ولا للعزوف عن المشاركة، بل دافعا لذلك.. لأننا قد نطردهم وأسيادهم بواسطة الصناديق التي سيعملون على تغيير نتائجها بلا شك وبكل الوسائل.. على الأقل نحرجهم فيلجؤون إلى عمليات تزوير مفضوحة، كاستخدام سلاح الميليشيات لمنع الناس من اختيار من يريدون!!
أنا أثق جدا في وعي الليبيين.. فلن تجدي بضعة دريهمات في شراء إرادتهم وذممهم ولن تنجح في تغيير آرائهم.. الأعداء يدركون ذلك جيدا.. فيتهربون من إجراء الانتخابات لخوفهم الشديد منها!
أيها الليبيون شيبا وشبابا، نساء ورجالا، علينا جميعا الوحدة لافتكاك بلادنا من براثن الفوضى ومن بين أنياب الأعداء الذين يعبثون ببلادنا ويقهروننا دون رحمة.. ليكن شعارنا الحرية للوطن والسيادة للشعب.
د. مصطفى الزايدي