منذ أيام المغفور له بإذن الله الدكتور الشيخ ولد حرمة العلوي، لم أحظ قبله ولا بعده بقراءة نص سطرته يد وزير، جادا كان ام هازلا، فكل ما يرسمون هو خطوط عرجاء "تواقيع" يُنظر إليها في الأغلب أنها ميسم نهب او تسويق مستحيل.
وفجأة وبدون مقدمات اطلعت على نصين لوزرين، بينهما قاسمان، الأول انهما ينتميان إلى ولاية الحوض الشرقي التي هجرت القلم مذ خبت مشاعل ولاتة وأحوازها في النصف الأول من القرن المنصرم، لتحترف هز رأس الموافقة على هوى كل نزقٍ فاسد مُفسدٍ يريد الشر والخراب لهذا البلد، ثم اكتشفت بعد لأي، أن رفع الأصابع أنجع وأفصح عن الولاء الأعمى، مفتخرة في المحافل بأنها الوحيدة التي لم تخذل صاحب سلطان، ولم تتأفف من لعق شَسَع نعل صاحب تمكينٍ، مطالبة بكل وقاحة بنظام ملكي، ثم تداعى كل منتخبيها راقصين" على سنفونية" ان لا شرعية لدستور يحول بين "جنكيز خان"- المخلد دائما - وما يهوى.
المشترك الثاني أنهما ينتميان إلى عائلتي القيادة والسيادة الزمنية، فوزير الدفاع حننه ينحدر من هنون ولد بيدة... ولدعميرات.. ولد بوعلي ولد علوش ولد داود عروق، وامه تنحدر من الشيخ محمد الأغظف ولد حماه الله ولد السالم الجعفري الداودي، مؤسس الفرع الشاذلي المحلي الموسوم ب"الغظفية"، التي يتلمس بعض منتحليها في هذا الظرف مياسم تفضي إلى إحياء دوارس الطريقة.
وزير التجهيز ينحدر من محمد محمود، ولد احمد محمود ولد المختار ولد امحيميد البُوهُمّادي المشظوفي.
مقال وزير الدفاع، قدم سردية، لمطلع على محطات سنوات تحدي محترفي القتل للدولة العميقة، وسرد عارف بأوضاع المؤسسة العسكرية التي كانت تنوء على ما يبدو بأثقال اهمال جعلها تخضع الإهانات " المغيطي وتورين"، وعارف بمفاصل وهن أجهزة أمن أٌذلت في أكثر من منازلة، أشهرها في قلب العاصمة رابعة النهار، "عملية لكصر"، وعلى قارعة طريق نواذيبو الأكثر حيوية، "اختطاف الاسبان" ومدخل مدينة ألاك الشمالي "مقتل الفرنسيين"، وتواصل إذلال المؤسستين على يد لعقة الدم، فاقتيد عنصر أمني من وسط إحدى كبريات مدن البلاد "عدل بكرو" إلى حيث يريد ملاعبو الأسنة، لم تحمل سردية وزير الدفاع اسراراً تسيل لعاب مستنبطي أغوار ما كان يحدث بالضبط؟ وذلك امر مستساغ ومفهوم وله أكثر من سبب.
كان المقال عرضا من خبير لم يشأ الإفصاح عن الوهن الذي كان ينخر جسم المؤسستين الضامنتين لوجود الدولة عند استلام ولد الشيخ الغزواني لقيادة الجيوش، ومعانتهما العميقة والمعقدة خلال عقود، وصمودهما في وجه أعتى تجار الموت المحمين بحواضن اجتماعية وقبلية، غير مجرمين من أذرع المؤسسات الدينية المتنفذة ، كان وهنهما واضحا حتى لغير الخبير خاصة يوم وزعت مدافع صالح ولد حننه الدروس والعبر داخل غرف نوم ولد الطائع.
جاء في المقال ان الرئيس ولد الشيخ الغزواني هو العقل الذي أخذ زمام المبادرة، فسلح ودرب، وجهز، ونازل الإرهاب في عرينه ليتوج جهده بملحمة وغادو الرهيبة، التي أعادت الامل والاعتبار وثأرت لضحايا " المعيطي، وحاس سيدي".
ما سكت عنه وزير الدفاع أنه كان شاهدا ومشاركا في صناعة هذه النقلة الجبارة شبه المستحيلة، وبصمةٍ وبعيدا عن أي ضوء، بحكم موقعه مساعدا لقائد الجيوش، في تلك اللحظة الحرجة والمفصلية من ترميم جيش منهك، ثم قائدا لجيوش مجموعة الخمسة المكلفة بأمن منطقة الساحل الخارجة على القانون والمتحصنة بكثبان الصحراء الكبرى الموحشة، أيام الانتصارات الكبرى لداعش المرعبة، وفي أيام عُتو قاعدة المغرب الإسلامي ويدها الطولى في المنطقة الرخوة المصاغبة لخيم أبناء عشيرة الوزير في أرض تيلمسي، في هذا المناخ جاءت مقاربة أمنية جنبت مأسي كل شروطها كانت متوفرة.
فقرات في المقال أشارت إلى أدوار لأصحاب العمائم في تخفيف قبضة تلاميذهم على الزناد، يوم خاطب ولد السمان بشكله الطالبني، من سيلقب ب"الوسطي!" بالقول كنت تحرضنا على قتال الدولة الكافرة، لم يستجب سوى ثلة من الصفوف الخلفية من الإرهابين لمقاربات أصحاب العمائم الذين كانت حججهم متساوغة مع طروحات التكفيرين.
قدم وزير التجهيز مقدمة لمقاله لا تختلف كثيرا ، عن تلك المعهودة في الوكالة، والتلفزة والإذاعة، لم يترك للذين سيكتبون من زملائه ما يطرزون به مقالاتهم، حيث تحدث عن الصحة والفقر ، والوباء العالمي والاقتصاد والصناعة وكل شيء، ليخصص فقرات شحيحة للتجهيز والنقل وشبكة الطرق، غاب عن تلك الفقرات مقاطع الموت من طريق الأمل، بوتلميت ألاك ، لخذيرات ، الطينطان ، العيون.
شكرا للوزيرين فقد كتبا ونبها أن ولاية الحوض الشرقي تكتب.
سيدي محمد ولد جعفر