أعلنت الجزائر الثلاثاء قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط، بعد شهور من التوتر، في قرار عزته إلى “قيام المغرب بأعمال عدائية ودنيئة ضد الجزائر”.
– لماذا اتّخذت الجزائر القرار الآن؟
لطالما كانت العلاقات بين الجزائر المغرب صعبة ومتوترة بسبب النزاع في الصحراء الغربية على وجه الخصوص.
واعتبر استاذ التاريخ في جامعة باريس 1 بيار فرمران المتخصص في منطقة المغرب أن “العلاقات بين البلدين سيئة منذ فترة طويلة جدًا، لقد سبق أن كانا في حالة حرب ولكن الخطوة التالية هي نزاع حدودي في الصحراء” مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بـ”فعل عنيف جدّا”.
وازداد التوتر بين الرباط والجزائر، الداعمة بشدة للقضية الفلسطينية، بعد تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل مقابل الاعتراف الأميركي بـ”سيادة” المملكة المغربية على الصحراء الغربية.
وبحسب فرمران فإن قرار الجزائر “رد متأخر على +اتفاقات أبراهام+ (بين إسرائيل وبعض الدول العربية برعاية أميركية) والتقارب بين المغرب وإسرائيل”.
– ما علاقة إسرائيل؟
لم تتقبل الجزائر تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد خلال زيارة رسمية أجراها للدار البيضاء في المغرب في 12 آب/أغسطس حول “قلق بلاده من التقارب بين إيران والجزائر، ورفضها قبول إسرائيل في الاتحاد الإفريقي بصفة مراقب”.
وقال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة الثلاثاء “تجب الاشارة إلى أنه منذ عام 1948 لم يُسمع أي عضو في +حكومة إسرائيلية+ يصدر أحكامًا أو يوجه شخصيا رسائل عدوانية من أراضي دولة عربية ضد دولة عربية أخرى مجاورة”
وأضاف في مؤتمر صحافي “على صعيد الأمن الإقليمي، فإن قيام السلطات المغربية بمنح موطئ قدم لقوة عسكرية أجنبية في المنطقة المغاربية وتحريض ممثلها على الإدلاء بتصريحات كاذبة وكيدية ضد دولة جارة، يشكل عملا خطيرا وغير مسؤول”.
وحملت صحيفة الشروق الجزائرية على المغرب قيامه “بتشكيل محور مع دولة الكيان الصهيوني ضد المصالح الجزائرية ووحدتها الترابية”.
بدوره، ندد مصدر دبلوماسي إسرائيلي الأربعاء باتهامات الجزائر التي اعتبر أن “لا أساس لها” قائلا إن “ما يهم، هو العلاقات الجيدة جدا بين إسرائيل والمغرب”.
واعتبر المصدر أن “إسرائيل والمغرب هما جزء أساسي من محور عملي وإيجابي قائم في المنطقة في مواجهة محور يسير في الاتجاه المعاكس يضم إيران والجزائر”.
وقال المصدر “نحن على تواصل دائم مع المغاربة (…) على الجزائر أن تصب تركيزها على مجموعة المشاكل التي تواجهها وخصوصا المشاكل الاقتصادية الجدية”.
– ما دور قضية منطقة القبائل في الأزمة؟
اعتبر بيار فرمران أن هذه القطيعة “إعادة تموقع حول مبادئ القومية العربية في مقابل الجميع: مقابل فرنسا وإسرائيل وقضية القبائل والإسلاميين، ودعما للوحدة العربية واتحاد المغرب العربي والفلسطينيين” مشيرا إلى ان هذه رسالة “للاستهلاك الداخلي”.
واتهم مجلس الأمن الجزائري — دون أدلة — أطرافا أجنبية وخاصة المغرب وإسرائيل بدعم حركة استقلال منطقة القبائل الانفصالية (ماك) التي مقرها باريس والحركة الاسلامية “رشاد” الموجودة في لندن.
واتهمت الجزائر “ماك” بإشعال الحرائق في منطقة القبائل (شمال شرق)، التي أسفرت عن 90 قتيلا.
وبالنسبة لفرمران فإن هذا “يبدو سرياليا، ففي منطقة المغرب (…) كلما ظهرت مشكلة، هناك مؤامرة. هذا يسمح بالتنصل (من المسؤولية). إنها استراتيجية كبش الفداء”.
لكن برأي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الجزائر إسماعيل معراف فإن ما جرى هو “رد فعل جزائري على فعل مغربي” إذ أراد المغرب أن “يقايض دعم الجزائر للصحراء الغربية بدعم حركة استقلال منطقة القبائل، وهذه فكرة مصدرها إسرائيل”.
– ما هو ردّ فعل المغرب؟ وفرنسا؟
أعرب المغرب الثلاثاء عن “أسفه لهذا القرار غير المبرّر تماماً” رافضا “بشكل قاطع المبررات الزائفة، بل العبثية التي انبنى عليها”.
ورأى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس بالرباط تاج الدين الحسيني أن الأسباب التي قدمتها الجزائر “غير جدية” مضيفا “لا نحتاج للتذكير بأن اتهام المغرب بإشعال الحرائق في غابات الجزائر، ليس سوى مزحة!”
وأشار إلى ان قطع العلاقات بين الجارين “لن يكون له أثر على الفور بما انها مقطوعة في الواقع”.
وكذلك اعتبر معراف ان “العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب لم تكن موجودة أصلا”.
بدورها، دعت فرنسا إلى “الحوار”. وعلّق بيار فرمران على الأمر قائلا إن فرنسا “محكوم عليها عدم الاختيار. لا يمكننا الغضب من أي من الدولتين. يمكن ان ننزعج من واحدة لكن لا يمكن أن نغضب (…) لا خيار أمام فرنسا. في جميع الاحوال لا يمكن أبدا مصالحة هذين البلدين. فرنسا أخذت علما بوضع ليس لها عليه أي سلطة”.
رأي اليوم