إعلان

تابعنا على فيسبوك

من الجماهيرية العظمى الى الفيدراليات الصغرى

أربعاء, 01/09/2021 - 00:01

عرف عن الشهيد معمر القذافي ارتباطه الوثيق بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وولعه الشديد بالوحدة العربية، حتى أطلق عليه الزعيم جمال عبد الناصر "لقب أمين القومية العربية والوحدة العربية " وذلك بسبب مبادراته الوحدوية وانشغاله بالهموم القومية، لقد كان القذافي من المتحمسين للوحدة الاندماجية بين الدول العربية المجاورة، ويسجل له التاريخ عشرات المبادرات الوحدوية منها على سبيل المثال : (1) ميثاق طرابلس الوحدوي بين مصر –السودان – ليبيا (2) اتحاد الجمهوريات العربية بين ليبيا-مصر-سوريا والتي اعتبرها النواه الاساسية لتحقيق الوحدة الشاملة (3)والوحدة الاندماجية بين ليبيا ومصر (4) المسيرة الوحدوية التي قادها من رأس أجدير متجهة إلى مصر تعبيرا عن إرادة الشعب العربي في تحقيق الوحدة العربية الاندماجية (5) بيان جربة لإقامة الجمهورية العربية الإسلامية بين ليبيا وتونس (6) بيان حاسي مسعود الوحدوي بين ليبيا والجزائر (7) وبيان وجدة الوحدوي بين المغرب وليبيا لإقامة الاتحاد العربي الإفريقي (8) دعوة الأقطار العربية في سنة 1988 إلى الانضمام للاتحاد العربي الإفريقي (9) بالاضافة الى مناداته بتطوير الجامعة العربية وتحويلها من اطار تنسيقى شكلى إلى اتحاد حقيقى بين البلدان .

شعر القذافي بخيبة امل في تحقيق الوحدة بين اقطار الدول العربية، فحول نظره نحو القارة الافريقية حيث وجد فيها ضالته فصار يدعو للوحدة الأفريقية ، لقد بذل القذافي جهودا كبيرة لتطوير منظمة الوحدة الأفريقية وتحويلها إلى الإتحاد الأفريقي من خلال اعلان سرت الشهير، وسعى ايضا إلى قيام الولايات المتحدة الأفريقية فاستحق بحق لقب " ملك ملوك افريقيا"، نجح القذافي في كسب ود شعوب وزعماء القارة الافريقية ونجح في تكوين الاتحاد الإفريقي، بالاضافة الى مبادراته الاخرى فيما يتعلق بالبرلمان الإفريقي الموحد و المصرف الإفريقي و الجيش الإفريقي الموحد، ولعل من اهم مبادرات القذافي واخطرها على السواء هي دعوة الدول الاسلامية والافريقية للانضمام الى تحالف لاعتماد "الدينار الذهبي" بدل اليورو والدولار كنظام مالي وعملة للتبادل الاجنبي حيث يتم بيع النفط والموارد الاخرى للولايات المتحدة وبقية العالم بالدينار الذهبي فقط، فكانت هذه المبادرة من الاسباب الرئيسية لتحريك قوات حلف شمال الاطلسي واحتلال ليبيا.

ان طموح القذافي ومساعيه ونشاطاته في القارة الإفريقية اثارت روح الفكاهة والتندر عند العرب الغافلين، لكنها في ذات الوقت اثارت حفيظة الغرب وسببت لديهم قلقا كبيراً خصوصا فرنسا التي لديها نفوذ كبير في القارة الافريقية واصبحت تشعر بتهديد مصالحها، وعلى الرغم من استخفاف كثير من العرب بنظريات القذافي وجهوده، الا ان القذافي في نظر الغرب يعتبر قائدا مستقلا ومؤثرا وخصما عنيدا يشكل عقبة في طريق مشاريعهم الاستعمارية المهيمنة.

عاش القذافي ومات وهو يحلم بالوحدة، وقبيل وفاته ازداد تاكيده على اهمية الوحدة العربية لمواجهة الفتن والاضطرابات التي يتعرض لها الوطن العربي، لقد استطاع القذافي خلال فترة حكمه الطويلة ان يحافظ على وحدة التراب الليبي ووحدة شعبه، ومن المؤسف ان نرى نهاية تلك الافكار العظيمة والمبادرات والمشاريع الوحدوية التي سعى اليها في ليبيا وفي القارة الافريقية تدمر باسم الثورة وعلى ايدي مجموعة من الخونة والعملاء والفئات المغرر بها.

لقد ذهبت ليبيا الجماهيرية العظمى بمجدها وعزها وشموخها ، وجاءت ليبيا الذليلة المحتلة المتناحرة التي ترزح تحت الاحتلال وتعاني من التشرذم والضياع والتهديد بالتقسيم وتمزيق الاوصال (.....)

سوسن أبو عجمية