دعاة العنصرية أوالشرائحية أوالقبلية أوالفئوية ليسوا جديرين فكريا وسياسيا وأخلاقيا بتبوء مناصب سيادية متقدمة، خاصة في بلد لم ينتشر فيه بعد الوعي الوطني والمؤسسي بالنسبة المطلوبة ؛ فحيث ما حل هؤلاء الدعاة، كرسوا حوَلهم المبدئي. فضيق الأفق السياسي لم يولد قط متسعا مؤسسيا أو تنظيميا، والأمثلة على ذلك قديمة قدم التاريخ، ولعل أقربها إلى الأذهان ما حدث في البلقان وجنوب إفريقيا وجنوب السودان ويحدث -مع الأسف- في إحدى الدول العربية التي ابتُليّت بالطائفية السياسية والتي تعرف اليوم أزمة معقدة لا عهدللعالم بها منذ .١٨٦.
فالنظر -من وقت لآخر- في "مرآة الخلف" أساسي لقيادة آمنة، خاصة عندما تتجاوز الحمولة توصيةَ التشغيل وخلال التفاوض مع المنعطفات الحادة أو عندما تتزايد السرعة بشكل مفرط.
فالدولة مفهوم أسمى ونبتة أنبل من أن تتعايش دستوريا مع المنخفضات البدائية وحشائش العقليات البائدة. وهناك خطورة كامنة حقيقية في استقالة النخب في وجه تغول العصبيات ورديفه الشحن الشعبوي أو تواطئها مع دعاته؛ إن بلادنا في أمس الحاجة اليوم إلى طبقةسياسية معاصرة، قادرة على التمييز بين الرهانات الحيوية الجامعة وغيرها من الاعتبارات الضيقة، طبقة ملمة بمنهج وآليات القرار العمومي الصائب وبأخلاقيات دولة العدل والمواطنة والاستحقاق...