في عملية أشبه بمشهد من فيلم سينمائي، تمكنت مجموعة من الشبان المغاربة من الهروب من طائرة كانت تربط بين الدار البيضاء وإسطنبول، في مطار مايوركا بعد ادعاء أحدهم. عند بلوغ الأجواء الإسبانية، بأنه مريض، وفي لحظة هبوط الطائرة لنقله إلى المستشفى، اندفع 21 شابا نحو بوابة الطائرة، وتمكنوا من الهبوط إلى مدرج المطار.
ووثق ركاب لحظة قيام الشبان المغاربة من مقاعدهم للخروج من الطائرة، حيث أحدثوا فوضى وهم يحاولون الهروب، قبل أن يتمكنوا من الهروب؛ وهو ما خلق ارتباكا كبيرا في المطار، اضطرت معه سلطات الملاحة الجوية إلى إغلاقه لمدة أربع ساعات، بينما أفلحت السلطات الأمنية الإسبانية في اعتقال الشبان المغاربة “أبطال” محاولة الهجرة غير النظامية الفاشلة.
ويظهر أن عملية الهروب الجماعي التي حظيت باهتمام إعلامي كبير، من لدن وسائل الإعلام الإسبانية والعالمية، كان مخططا لها بعناية منذ مدة، قبل الإقدام على تنفيذها مساء الجمعة، حيث جرى تداول منشور سبق أن بُث في إحدى مجموعات التراسل الفوري، منذ 17 يوليوز الماضي، حدد فيه صاحبه بدقة تفاصيل خطة الهجرة غير النظامية عن طريق الجو، بعدما كانت عمليات الهجرة غير النظامية في السابق تتم عن طريق البحر.
وبدأت الخطة بالبحث عن “أربعين متطوعا” للقيام بالعملية، عبر الحجز على متن إحدى الطائرات التي تربط بين مطار محمد الخامس بالدار البيضاء ومطار إسطنبول بتركيا مرورا عبر الأجواء الإسبانية، على أساس أن يدّعي أحد “المتطوعين” أنه مريض، بعد دخول المجال الجوي لإسبانيا، وأن يصرخ بداعي أنه يتألّم بشدة، من أجل إيهام مضيفي الطائرة بأنه فعلا مريض، وبالتالي اضطرار الربان إلى إنزال الطائرة في إسبانيا لحمله إلى المستشفى.
ووضع منفذو العملية جميع الاحتمالات الواردة لتفادي فشل خطتهم، حيث تضمّن المنشور الممهد للعملية نصائح لمنفذيها بأن يجلسوا في أماكن متباعدة حتى لا يثيروا شكوك أحد. وفي حال طلبت المضيفات من الشخص الذي سيدّعي أنه مريض بأن يصبر إلى حين الوصول إلى تركيا، أن ينتفضوا ويطالبوا بإنزاله في إسبانيا.
ويبدو أن الحيلة انطلت على طاقم الطائرة التابعة لإحدى شركات الطيران الخاصة، إذ بمجرد أن استوت عجلات الطائرة على مدرج المطار، وتم إخراج الشاب الذي ادعى أنه مريض، حتى أحدث مرافقوه فوضى داخل الطائرة وغادروا البوابة دفعة واحدة، في عملية هي الأولى من نوعها تشهدها المطارات الإسبانية.
ويبدو أن مدبري العملية كانوا على دراية تامة بالمسالك التي يمكن أن تتم عبرها عملية الفرار، حيث تضمّن المنشور معلومات تفيد بأن الطائرة التي تنزل اضطراريا لنقل مريض إلى المستشفى تهبط في مدرج خاص وليس مدرج الركاب الواصلين، وأن هذا المدرج لا توجد فيه حراسة مشددة؛ ما سيسهل عليهم عملية الهروب.
وتدوولت، صباح الأحد، صورة الشاب الذي يرجح أنه مدبر عملية الهجرة غير النظامية الجماعية إلى إسبانيا عن طريق الجو، بعد إلقاء القبض عليه وهو مصفد اليدين، والذي تتهمه السلطات الأمنية الإسبانية بأنه ادّعى دخوله في غيبوبة؛ بينما يؤكد المعني أنه فعلا مريض، ريثما يكشف التحقيق الذي بوشر معه الحقيقة.
وتباينت ردود فعل المعلقين المغاربة في مواقع التواصل الاجتماعي حول العملية، حيث اعتبر بعض هؤلاء المعلقين أن الشبان الذين نفذوها “شوّهوا صورة المغرب أمام العالم”؛ بينما اعتبر معلقون آخرون العلمية “فعلا متوقعا، نظرا لانسداد الآفاق أمام الشباب في المغرب”.
هسبرس