أعتقد ان الوقت قد حان لطرح هذا السؤال المنهجي للرد على جملة مغالطات متعمدة تختمر داخل الطبقة السياسية الموريتانية منذ العام 78 وحتى الآن حيث لايكاد يوجد نقاش سياسي او خرجة اعلامية إلا وكان للحكم العسكري والعسكر نصيب وافر منها وقد تجاوز الموضوع عند بعض الشخصيات السياسية المحسوبة على اليسار والفكر الشيوعي حد القدح في الأنظمة الى درجة ذم الجيش الوطني والمؤسسة العسكرية عموما ووصفها تحت قبة البرلمان وعبر الجلسات العلنية المنقولة على الهواء مباشرة بالطغمة العسكرية التي هزمت في حرب الصحراء وفي تورين والقلاوية ولمغيطي والتي لاتصلح الا للإنقلابات العسكرية حسب زعم ذالك المتقول.!!!!!!
وكأن الفكر الشيوعي الذي يشكل مصدر قناعة بالنسبة لمدرسته السياسية فكر ديمقراطي يتبنى الديمقراطية المباشرة وسلطة الشعب وليس الفكر الذي يفتخر بدكتاتورية الطبقة العاملة والذي يعتبر الحريات المدنية والسياسية مجرد مظهر من مظاهر وافرازات الصراع الطبقي في الدولة الرأسمالية وبماأن الدولة الشيوعية لاتوجدفيها طبقات حسب زعمهم فليست بحاجة الى جميع الحريات المدنية والسياسية ؟!!!!!
وكأن استالين ولينين وماوتوستونك كانوا نموذجا يحتذي في الديمقراطية المباشرة وسلطة الشعب ؟؟!!
بما أن الأمر قد وصل الى هذا الحد منالمغالطات فقد حان الوقت لتناول هذا الموضوع بشيئ من التفصيل
أولاطبيعة ومميزات الأنظمة العسكرية...
النظم السياسية في العالم اجمع تطلق علي الفلسفة والقواعد والقوانين والإجراءات التي تميز هذا النظام اوذاك ولاتطلق علي الأفراد وخلفياتهم الوظيفية والتاريخية وفي الأنظمة العسكرية تسيطر مجموعة من الضباط على السلطة والدولة فتعلق الدستور وتحل الأحزاب السياسية وتسحر الرخص الإعلامية وتجمع السلطات الثلاثة...التنفيذية والتشريعية والقضائية في جعبتهافتلغي مبدأ فصل السلطات والتعددية السياسية والتداول السلمي على السلطة عبر صناديق الإقتراع
واحيانا تطبق الأحكام العرفية واحيانا تشرع عبر المواثيق والمراسيم الصادرة عنها اذلاوجود لسلطة برلمانية تشرع. هذه هي هوية الأنظمة العسكرية وقد عاشتها موريتانيا منذ سنة 78.اثر الإنقلاب العسكري الذي اطاح بنظام الرئيس المختار ولد داداه رحمه الله وحتىسنة 1990 بعدها بدأت موريتانيا مرحلة جديدة
من الحكم المدني حيث تم اقرار وثيقة دستورية من ارقى دساتير العالم كفلت الحريات الفردية والمدنية وأقرت سيادة الشعب واعتباره مصدرا للسلطة وهوية النظام السياسي الرئاسي القائم على مبدأ فصل السلطات واستقلالية القضاء وحرية الصحافة ومبدأ التداول السلمي على السلطة وطبيعة النظام الإقتصادي الليبرالي فتم انشاء العديد من الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني وظهرت الرخص الصحفية الخ
طبعا هذا لايعني ابدا ان البلد دخل بالفعل في جو ديمقراطي نظيف بل كانت توجد شوائب كثيرة اهمها تغول الأمن في العهد المعاوي وسيطرة الداخلية على العملية الإنتخابية برمتها مما جعل المعارضة تشكو من خرقات كبيرة تتعلق بتزوير إرادة الناخب ؟
لكن هذا العيوب تمت معالجتها بعد ذالك عبر
إنشاء اللجنة الوطنية المستقلة للإنتخابات ومنع الترحال السياسي وجعل المنصب الإنتخابي للحزب الذي تم منه الترشح وليس لشخص المرشح واعتماد نظام النسبية
وكلها وسائل وآليات لتحسين التجربة الديمقراطية في بلادنا وعلى العموم فإن لكل دولة خصوصيتها وظروفها وطبيعة تعاملها مع المنظومة الديمقراطية بصيغها المختلفة لكن موريتا نيا ولله الحمد كانت ومازالت وستظل ان شاء الله الأفضل عربيا وإفريقيا وإسلاميا
رغم حداثة تجربتها الديمقراطية وبداوة شعبها.
سيدي الخير الناتي