إعلان

تابعنا على فيسبوك

الجزائر تستعيد عافيتها الدبلوماسية وترسم نموذجها الدفاعي بصورة تقلق إسرائيل وتعرقل التطبيع

اثنين, 06/06/2022 - 10:14

بعد سنوات من غياب العمل الدبلوماسي التي عانت منه الجزائر إبان السنوات الأخيرة من حكم الرئيس المقال عبد العزيز بوتفليقة، تسعى الان الى استعادة الزمن الضائع في عهد الرئيس الجديد عبد المجيد تبون وبناء نموذج دبلوماسي قائم على توظيف موارد البلاد وقوتها العسكرية.

وغابت الدبلوماسية الجزائرية لعدة سنوات، ما بين سنتي 2012 الى 2019، عن الساحة الدولية بسبب حالة المرض التي عانى منها الرئيس بوتفليقة وإصراره على عدم تفويض الصلاحيات الدبلوماسية الى غيره من المسؤولين، في ظل التطورات السياسية الهامة التي عاشها العالم خلال السنوات الأخيرة.
وما زالت الجزائر لا تتمتع باستقرار مثالي داخلي بعد الربيع العربي والاحتجاجات التي شهدتها البلاد سنتي 2018 حتى 2020 دليل على ذلك، ولكن يحاول الرئيس الجديد عبد المجيد تبون دعم الاستقرار بمبادرة “لم الشمل” التي اقترحها، بالاضافة الى سعي البلاد لرسم صورة جديدة لها في الخريطة الدولية، وتجد في مشاكل منطقة الساحل والعملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا الفرصة المناسبة.
وتحولت الجزائر الى وسيط للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في محاربة الإرهاب في منطقة الساحل، وهي الدولة الإقليمية الوحيدة القادرة على احتواء المد الإرهابي في مالي بفضل العلاقات الجيدة التي تجمعها بالسلطات العسكرية الحاكمة في مالي، وبالعلاقات المتينة مع روسيا التي عززت من نفوذها في منطقة الساحل، وعلقت جريدة “الشروق” الجزائرية على هذا التوجه في مقال لها اليوم الأحد بـ “دبلوماسية الجزائر أقوال لا أفعال”.
ويدق الاتحاد الأوروبي أبواب الجزائر للحصول على جزء من الغاز لتعويض التخفيض كعقوبات عن الغاز الروسي، وتظل الجزائر منفتحة على مطالب أوروبا في الطاقة دون الإضرار بمصالح حليفها الاستراتيجي الروسي.
وتحولت الجزائر الى قبلة لعدد من المسؤولين الأوروبيين والأفارقة والعرب خلال السنة الأخيرة، واستعادت رئاسة البلاد نشاطها بزيارات دول تحظى باهتمام مثل زيارة تبون الى تركيا وإيطاليا الشهر الماضي.
وتعمل الجزائر مع نيجيريا وجنوب إفريقيا وكينيا على رسم دور جديد للقارة الإفريقية في الخريطة الدولية.
وتنظر إسرائيل بعين القلق للنموذج الجزائري الذي يكرس لنفسه مثالا، فقد عمدت إسرائيل الى تطبيق خطة تجاه الأنظمة العربية تقتضي يإقناعها بالتطبيع لأن ضمان أمن الدول العربية يمر عبر التنسيق مع إسرائيل، وستفتح لها أبواب الغرب من باريس ولندن الى واشنطن بفضل اللوبي اليهودي العالمي.
وعمدت الجزائر الى اقتناء أسلحتها من دول مثل روسيا والصين التي لا تخضع  للوبي اليهودي ولا تأثيراته بدل فرنسا والولايات المتحدة، وإن كانت الإدارة الجزائرية الحالية تستمر في تعزيز تقليد شراء الأسلحة من الشرق.
وتعاني إسرائيل من الجزائر في قضايا منها أنها مازالت سدا نحو سقوط تونس في أحضان التطبيع رغم بعض مساعي مساعدي الرئيس قيس سعيد التقرب من الصهاينة لتخفيف الضغط عليه.
وتدرك سلطات تونس أن مصالحها قوية مع الجزائر في الطاقة والتبادل التجاري والقروض المالية، وستفقد كل شيء إذا اقتربت من إسرائيل.
 وتعرقل الجزائر حصول إسرائيل على صفة عضو مراقب في الاتحاد الإفريقي وبدأت حملة مع إفريقيا لطردها من المحفل الإفريقي.
وكادت إسرائيل في السنوات الماضية التسرب الى الجزائر بعدما بدأ فريق بوتفليقة يبحث عن دعم وصمت دولي للولاية الرابعة له، وبدأت في التقريب من مثقفين وصحافيين، وتغيرت الأوضاع، ولم تعد إسرائيل في موقف هجومي بل في موقف دفاعي أمام النموذج الذي تشيده الجزائر في المجال العسكري والدبلوماسي ويحول دون تغلغل التطبيع، بل وتحوله الى نموذج لباقي الدول لوقفه.

رأي اليوم