يعدُّ معرض المدينة المنورة للكتاب "الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة في مركز الملك سلمان للمعارض والمؤتمرات خلال الفترة 16-25 يونيو الحالي بحضور واسع من دور النشر المحلية والعربية والدولية، ومشاركة نخبة من المثقفين والكتَّاب السعوديين والدوليين"، منارة ثقافية بامتياز.
ويسعى المعرض في نسخته الأولى إلى تجاوز الأزمات الأربع المحيطة بالمعارض التقليدية؛ (التأليف والحقوق والتوزيع والقراءة)، إذ يعكس المعرض؛ بوصفه نافذة لنتاج الفكر في مختلف العلوم والمعارف، غنىً أدبياً وحراكاً وتطوراً في صناعة التأليف والنشر، ويتجه بثبات نحو قائمة المنصات الأكبر لدور النشر، مستوعباً أوعية متعددة تواكب شغف مرتاديه، سعياً للحاق بإيقاع الحياة المتسارع في عصر الرقمنة، في تنافسية تفرض عناوين جديدة ومثيرة للاهتمام، وتؤكد أن الكتاب ليس صناعة ورقية أو رقمية، بل جزء من وعي الناس واحتياجاتهم اليومية.
وبعد عامين من الجائحة التي عصفت بالعالم، وأرخت بظلالها القاتمة على المشهد الثقافي، يبرز معرض المدينة المنورة بحُلة قشيبة وطابع استثنائي فريد، وسط شغف وترقب الرواد المدنيين لمؤلفات تلامس همومهم واتجاهاتهم الفكرية في مختلف العناوين الدينية والفلسفية، وشتى العلوم الإنسانية والتجريبية، كل ذلك يأتي في سياقات إبداعية تنهض بها وزارة الثقافة لرسم خارطة حديثة لبلد العلم والثقافة بدعم لا محدود من القيادة الرشيدة - حفظها الله -.
وفي هذا الإطار، يؤكد المدرب والمستشار الإداري المشارك في فعاليات المعرض غزاري أحمد، أن معرض الكتاب حديقة غنَّاء بزهوره المتباينة، وألوانه البراقة، يجذب الطيور المغردة من كل الأطياف؛ أكاديمي يبحث عن ضالته، وطالب علم متعطش، ومثقف متطلع، وسائح وباحث، ومتذوق يزين مكتبته بأغلفة الكتب. ويضيف: "في المعارض نحتاج مزيداً من التشويق عبر برامج فاعلة جاذبة نحو القراءة التحليلية التي تنعكس على السلوك والتوجه، لتدفع عجلة التنمية وتبني الوطن"، منوهاً بالحراك الثقافي المتسارع الذي يشهده معرض الكتاب من خلال تهيئة القاعات والأجنحة والأركان، وتعدد الفعاليات والأمسيات، وجذب المثقفين والمهتمين؛ احتفالاً بالبطل وهو الكتاب، لافتاً إلى علاقة الود والمحبة التي تربط جيلاً من مرتادي المعرض بالنسخة الورقية بلونها ورائحتها ومذاقها مع مزاحمة الكتاب الرقمي المرتبط بالتطور التقني والمعلوماتي في عالم متسارع نحتاج إلى مواكبته.
وأشار غزاري إلى أن صناعة قارئٍ ومثقفٍ جادٍّ وعميق المعرفة، تأثرت بوسائل التواصل الاجتماعي، فالسواد الأعظم يستقي ثقافته منها، ويتناقل أحياناً معلومات مضللة ومغلوطة، أو ناقصة ومبهمة تزيد تخبطه وحيرته التي لا تنجلي إلا بنبع الكتاب النقي، غوصاً في أعماقه ودرره وفوائده، موضحاً أن الاتجاهات المتعددة في اقتناء عناوين الكتب ترتبط بالمزاج والحالة النفسية أحياناً.
وكانت هيئة الأدب والنشر والترجمة قد كشفت عن البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض المدينة المنورة للكتاب، والذي سيشهد إقامة أكثر من 80 فعالية متنوعة تشتمل على جلسات حوارية، وندوات، وورش عمل، وأمسيات شعرية، ليعزز من خلالها المعرض مكانة المدينة المنورة ثقافياً، وتقوية قطاع النشر، وتشجيع التبادل الثقافي، إلى جانب تعميق أثر القراءة في زيادة الوعي وتحسين جودة الحياة.