بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على النبي الكريم
معالي الوزير الاول؛
السيد رئيس المجلس الدستوري؛
السيد زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية؛
السادة والسيدات الوزراء؛
السادة رؤساء الهيئات الأمنية والعسكرية،
السادة والسيدات السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية وممثلو المنظمات الدولية؛
السادة القضاة؛
السادة المحامون؛
السادة والسيدات العاملون في حقل العدالة؛
أيها الحضور الكريم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
إن العمل البشري، بطبيعته، لا يخلو من النقص والقصور، وهو يحتاج دائما للمراجعة النقدية المنتظمة، التي هي بوابة تقدم وتطور المجتمعات، وأساس السعي المستمر إلى ما هو أتم وأكمل مما عليه الواقع.
وغالبا ما يكون إلحاح هذه الحاجة إلى المراجعة على قدر أهمية العمل المعتبر في حياة المجتمعات والشعوب.
وليس ثمة ما هو أكثر تأثيرا، ومحورية، في حياة الفرد والمجتمع، من العمل القضائي.
ذلك أنه به تناط مهمة تحقيق العدل. وهو، بهذا الاعتبار، يمثل دعامة استمرار العقد الاجتماعي، وركيزة السلم الأهلي، وأساس الوحدة الوطنية، واللحمة الاجتماعية.
فهو الذي يفصل في النزاعات، ويمكن من استيفاء الحقوق، ويرسخ مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، ويصون كرامتهم، وحقوقهم، وحرياتهم. وبه تتكرس دولة القانون، والحكامة الرشيدة، وتترسخ الديمقراطية وحقوق الإنسان.
هذا علاوة على دوره البارز في ضبط المعاملات والعقود، وتحفيزه النشاط الاقتصادي ببعثه الثقة لدى المستثمرين والشركاء في التنمية.
ويستوجب في القضاء لتأدية هذه المهام الجسيمة، والنبيلة، على الوجه المنشود، أن يكون قضاء مهنيا بما يتطلبه ذلك من تنويع التخصص والتكوين المستمر ودوام تحسين الخبرة، وأن يكون كذلك، في ذات الوقت قضاء مستقلا ونزيها، سهل الولوج، وسريع البت في القضايا من غير تسرع.
وإدراكا منا لذلك، بذلنا جهودا كبيرة في دعم استقلالية القضاء، بترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وفى تحسين ظروف عمل القضاة، وإصلاح وضعياتهم القانونية، وإعادة تنظيم مسارهم المهني، تمكينا لهم من أداء مهامهم على الوجه المطلوب.
وتأسيسا على ما تقدمت الإشارة إليه، من كون حاجة العمل البشري إلى المراجعة النقدية المنتظمة، تزداد إلحاحا كلما تعاظم دوره، وحرصا منا على دعم قضائنا في مهنيته ونجاعته، وجهنا بتنظيم المنتديات العامة حول العدالة، التي نشرف اليوم على افتتاحها.
ويهدف تنظيم هذه المنتديات، إلى تمكين كافة الفاعلين في قطاع العدل، من تشخيص واقع القضاء، والتداول حول أبرز التحديات التي يواجهها، وتدارس كبريات القضايا المطروحة من قبيل التكوين والتخصص وحماية حقوق المتقاضين وتسهيل الولوج إلى الخدمة القضائية وغيرها.
وننتظر من هذه المنتديات، رسم خارطة طريق على شكل وثيقة وطنية، حول إصلاح وتطوير العدالة، وكذلك ترجمتها إلى برنامج عمل مفصل، مقرون بآجال تنفيذ محددة، ومؤشرات متابعة دقيقة.
وإننا، إذ نعلن، على بركة الله، افتتاح المنتديات العامة حول العدالة، راجين لأعمالها كل التوفيق والنجاح، لنؤكد عزمنا على أخذ مخرجاتها بعين الاعتبار، في سعينا إلى تطوير منظومتنا القضائية باستمرار، ترسيخا لقضاء مهني، عادل ونزيه، يكرس دولة القانون، ويضمن الحقوق والحريات، ويكون مصدر طمأنينة للجميع، في الداخل، والخارج.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.