تراءتْ لنا خَلْفَ الغيومِ هِضابُها
وتلكَ حَوارِيها وهَذي قٍبابُها
تَنَفسَ فيها الصبحُ عند هبوطِنا
رياحَ صَباً يشفي السقيمَ هُبوبُها
بلادٌ ورثْنَا حُبَّها في دِمائنا
تَليدَ الليالي سالفًا وقَشيبَها
فكانتْ لنا "لَيْلىَ" تزيدُ تَنائيًّا
وكنَّا لها "قيسا" يرومُ اقترابَها
إلى أنْ بَلَغْنا العمرَ خمسينَ حِجةً
وشابتْ نواصينا وطارَ غُرابُها
ورَدْنَا بأعباء نَنُوءُ بحَمْلِهَا
ثِقالٍ لمن يعفو ويمحو ذُنوبَها
وفي روحنا شوقٌ إلى الطيبِ الذي
أضاءَ منَ الدنيا أحَمَّ دُروبِها
*
هنا طيبةُ المختار حِصْنُ أمانِنَا
إذا انشَبَتْ فينا المَنايا نُيوبَها
تَوطَّنَ فيها المجدُ والجاهُ والعُلا
وعزتُنا القَعْسَاءُ غَضٌّ شبابُها
بها خاتمُ الرسْلِ العظيمُ وصحْبُه
أسودٌ إذا الهَيْجاء شبَّ لهيبُها
إذا نَفَرُوا تَرْتَجُّ تحتَ نِعالهُمْ
حصونٌ وأجنادٌ عسيرٌ حِرابُها
وفي أُذُنِ الجَوْزَا صَلِيلُ سيوفِهُمْ
وحَمْحَمَةُ الخيلِ العرابِ انتسابُها
إذا حاربُوا ابْلَوْا وإنْ حَاوَرُوا أصْغَوْا
وإنْ جَنَحُوا افْشَوْا وحَطُّوا رِكابها
طيبة- نوفمبر 2023