
الحقيقة انني مندهش بل ومذهول جدا من إصرار المنظرين والمحللين الفلسطينيين والعرب على شاشات الفضائيات على أن "اسرائيل" فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة وهذا فيه قدر كبير من السطحية، ولذلك نعود لنذكر ثانية وثالثة بان ما يعلنه نتنياهو واعضاء المجلس الحربي الصهيوني على مدار الساعة عن اهداف الحرب لديهم وهي: القضاء على قدرات حماس العسكرية وتحرير الرهائن-الاسرى- ماهي الا اهداف كاذبة واستهلاكية للرأي العام، فالاهداف الحقيقية غير معلنة لديهم وهي الإبادة الجماعية للفلسطينيين وخاصة للنساء والاطفال والتدمير الشامل للبنى التحتية بمعنى تسوية كل ما هو فوق الارض بالارض، والتهجير الجماعي للفلسطينيين، كي يتحول قطاع غزة بكامله الى مكان غير صالح للسكن والحياة، وفي ذلك هناك الكثير من الوثائق الصهيونية التي تذهب الى العمق في تحليل الأهداف الحقيقية لحرب الإبادة، فأكد رونين برغمان معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" على سبيل المثال أن "الضغط العسكري لا يؤدي إلى إطلاق سراح المختطفين في غزة والقيادة الإسرائيلية تعلم ذلك جيدًا، ولكنها تستخدمه كمبرر لاستمرار الحرب البرية-الإبادية والتدميرية-". بينما نشرت مجلة "ذي نيشين" مقالا ل"جوشوا فرانك" قال فيه "إن الوحشية بالنسبة لإسرائيل هي الهدف من حملتها ضد غزة"، وأكد في مقاله "أن هدف إسرائيل من قصفها للقطاع هو جعله مكانا غير صالح للعيش بنهاية حملتها العسكرية التي لا ترحم- واشنطن-وكالات - الثلاثاء : 16-1- 2024". كما جاء في مقالٍ مشترك نشرته صحيفة معاريف- الثلاثاء 07 يناير 2025 تقول الأستاذتان الإسرائيليتان، دافنا هاكر ودافنا يوئيل إنَّ مواصلة الحرب في القطاع تتناقض مع أهدافها المعلنة، وإنه كلما مرَّ الوقت يتصاعد الشكُّ بأن حكومة نتنياهو تدفع نحو تحقيق هدفٍ آخر، وهو الاحتلال والاستيطان في غزة.
وحتى لا يبقى الكثيرون تائهين او متسائلين عن الاهداف الصهيونية الحقيقية وراء هذه الحرب الإبادية على شعبنا في غزة، وكي نتابع الاحداث في ظل قراءة استراتيجية لتطورات الميدان والأجندات السياسية الراهنة والمحتملة، نستحضر ايضا ما كان الكاتب الاسرائيلي يوفال أبراهام قد وثقه حول الاهداف المرسومة في المخطط الحربي الاسرائيلي فأوضح:"وفقا للمصادر التي تحدثت إلى فريق البحث المشترك، يمكن تقسيم الأهداف في غزة التي قصفتها الطائرات الإسرائيلية إلى أربع فئات تقريباً:
تتضمن الفئة الأولى ما يعرف بـ “الأهداف التكتيكية”، وتشمل أهدافا عسكرية معيارية مثل الخلايا العسكرية المسلحة، ومستودعات الأسلحة، وقاذفات الصواريخ الأرضية والصواريخ المضادة للدبابات، وحفر الإطلاق، وقذائف الهاون، والمقرات العسكرية، ومراكز المراقبة، وما إلى ذلك.
وتشير الفئة الثانية إلى “الأهداف تحت الأرض”؛ وبشكل أساسي الأنفاق التي حفرتها حماس تحت أحياء غزة، بما فيها الأنفاق تحت منازل المدنيين، ويمكن أن تؤدي الغارات الجوية على هذه الأهداف إلى انهيار المنازل فوق الأنفاق أو بالقرب منها.
اما الفئة الثالثة من الأهداف- وهي الاهم والاخطر-هي “أهداف القوة”، وتشمل المباني الشاهقة والأبراج السكنية في قلب المدن، والمباني العامة مثل الجامعات والبنوك والمكاتب الحكومية، والغاية أو الفكرة وراء القصف والتدميرالمتعمد لمثل هذه الأهداف هي دفع المجتمع الفلسطيني إلى الهجرة.
أما الفئة الأخيرة فتتألف من “منازل العائلات” والغرض المعلن من هذه الهجمات هو تدمير المساكن الخاصة من أجل اغتيال أحد السكان المشتبه في أنه ناشط في حماس أو الجهاد الإسلامي. إلا أن الإفادات الفلسطينية في الحرب الحالية تؤكد أن العائلات التي قتلت لم يكن من بينها أي ناشطين من هذه التنظيمات.
ويلاحظ أن الجيش الإسرائيلي يولى -كما يبرهن على مدار الساعة في غزة ولبنان-اهتماماً خاصاً ورئيسيا بالفئتين الثالثة والرابعة من "أهدافه التكتيكية"كما يزعم مع انها هي الاهداف الاستراتيجية الكبيرة الحقيقية التي تعني عمليا الإبادة الشاملة لكل شيء فلسطيني فوق ارض قطاع غزة......!
نواف الزرو