إعلان

تابعنا على فيسبوك

سيناريوهات وتداعيات أزمة الجزائر مع دول الساحل

اثنين, 14/04/2025 - 11:26

تهدف محاولات تأزيم العلاقات بين الجزائر ودول منطقة الساحل، إلى إحداث نقطة تحوّل فارقة في معادلة التوازنات الإقليمية، وجعلها تتجاوز الخلاف الدبلوماسي العابر، إلى كونها "تعبيرا عن تصدُّع عميق في مفاهيم التحالف والنفوذ داخل منطقة الساحل التي تعيش على وقع أزمات متراكمة".

توصلت دراسة مستفيضة نشرتها، أمس الأحد، مجلة "قراءات إفريقية"، للتطورات التي وقعت في الساحل، وبالضبط على مستوى العلاقات بين الجزائر ومالي وارتداداتها على جوارهما، إلى عدة فرضيات أو سيناريوهات، في ظل محاولات تأزيم العلاقات في منطقة الساحل وجوارها، أبرزها "استمرار التصعيد الدبلوماسي والعسكري".

كما توقع صاحب الدراسة، فاروق حسين أبو ضيف، وهو باحث سياسي متخصص في الشؤون الإفريقية، وساطة إقليمية أو دولية لاحتواء التوتر، عبر "تدخل أطراف مثل الاتحاد الإفريقي أو الأمم المتحدة للوساطة، خاصة إذا استشعرت الأطراف أن الاستمرار في الأزمة قد يهدّد مصالحها الحيوية". إلى جانب ذلك، طُرحت أيضا فرضية "انزلاق إلى مواجهة غير مباشرة أو صراع بالوكالة، كاستخدام حركات انفصالية أو مرتزقة".

وكسيناريو إيجابي، توقعت الدراسة إعادة تشكيل التحالفات والمواقف الإقليمية، وقالت: "تحت ضغط التحديات الأمنية والاقتصادية، قد تُعيد بعض الأطراف النظر في تحالفاتها الراهنة، فتنفتح مجددًا على الجزائر أو تُعيد التوازن في علاقاتها، خصوصا إذا ثبت فشل المقاربات العسكرية في معالجة أزمات الداخل".

واشتغل الباحث أيضا، على رصد تداعيات محتملة للأزمة، قائلا إنها قد تمثل "تهديدا مباشرا لحالة التوازن الهش في المنطقة الإفريقية، لاسيما في منطقة الساحل التي تعاني أساسا من اختلالات أمنية وهيمنة جماعات مسلحة"، و"تُضعف التعاون الأمني الإقليمي، وتُعزّز الاستقطاب السياسي، مما يمنح مساحة أكبر للتنظيمات الإرهابية للتحرك واستغلال الفراغات بين القوى الإقليمية".

كما قد تضعف، في نظره، مشاريع التعاون الاقتصادي الكبرى، وعلى رأسها مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، الذي من المفترض أن يربط بين نيجيريا والجزائر مرورا بالنيجر. وبالمقابل، تضيف الورقة البحثية: "فإن تعليق المشاريع الجزائرية في مجال الطاقة وتوليد الكهرباء في النيجر، يُهدد أمن الطاقة في بلد يعاني من انقطاعات متكررة واحتجاجات داخلية".

وفي الشّق السياسي للأزمة، قد تخلف الأزمة "تعميق حالة الاستقطاب داخل القارة، وتقوِّض العمل الإفريقي المشترك داخل الكيانات القارية، مثل الاتحاد الإفريقي، الذي يجد نفسه أمام معضلة الحياد أو الانحياز، ما يُهدِّد بجعل الأزمة أكثر تعقيدا وامتدادا، تتجاوز حدود الدول المتأثرة لتصل إلى عمق القارة وتهدد استقرارها ككل"، تقول الدراسة.

واستخلصت الدراسة أن الأزمة كشفت عن هشاشة الأطر التعاونية، وعن صعود فاعلين جدد يعملون على تغيير قواعد اللعبة، وعن أن "السيناريوهات المعقدة، يتطلب تفكيكها إرادة سياسية جماعية تتجاوز الحسابات الضيقة نحو بناء منظومة أمنية وتنموية جديدة، أكثر واقعية واستيعابا لتحولات الزمن الجيوسياسي الراهن".

فالأزمة لا تتعلق فقط بخلاف سياسي أو حادثة عسكرية عابرة، وفق مُعد الدراسة، بل تُعبِّر عن تصدُّع هيكلي في التحالفات الإقليمية، وانهيار لقنوات الحوار التقليدي، فضلا عن أن تراجع الوساطات، وتزايد الاستقطاب الجيوسياسي، وغياب الثقة بين الأطراف، وكلها عوامل تؤدي إلى "فراغ أمني وسياسي، تستغله الجماعات المسلحة والإرهابية لتوسيع نفوذها".

الخبر الجزائرية