إعلان

 

تابعنا على فيسبوك

أيام الرشيد.. رئةُ "تكانت" التي تتنفسُ ثقافةً وأصالةً

أربعاء, 20/08/2025 - 07:04

نسخة أخرى من مهرجان "أيام الرشيد" وصفحة جديدة تُطوى من سجل التاريخ الذي تخطه هذه المدينة سطرا بعد سطر؛ منذ ظهورها على هذا الكوكب قبل زهاء 400 سنة.
نسخة العام 2025 مثلت إضافة نوعية لسابقاها؛ وإن اتسمت بتغييرات جديدة على مستوى الشكل والمضمون الذي يتجدد عاما بعد عام؛ تبعا لمتغيرات المشهد؛ وحركية الزمان؛ الذي لا يتوقف في هذا المنكب العالي من الأرض.
"ايام الرشيد" أكبر من مجرد مهرجان؛ فهي ملقتى سنوي للإبداع والتميز؛ ورئة تتنفس بها ولاية تكانت؛ ثقافةً وأصالةً؛ فيها شيئ من عبق التاريخ وسحر المكان.
***
يختزل الشق الثقافي لأيام الرشيد في مسابقات القرءان؛ والرماية؛ والشعر؛ والتراث؛ مرورا بسهرات الطرب الأصيل؛ تحت سماء ترصعها النجوم؛ السابحة في فضاء الكون اللا متناهي.
وبعيدا عن الأضواء والتسويق الإعلامي؛ تدب في أوصال المدينة حركية غير عادية؛ ذات طابع اجتماعي صرف؛ قوامه عمليات تشخيص؛ ومعاينة ووصفات طبية؛ وأدوية مجانية؛ للمئات من المواطنين داخل قلعة الرشيد ومن خارج أسوارها المنيعة أيضا..
يوفر المهرجان؛ فرصة سنوية دائمة للعشرات من العمال للاستفادة من ضخ أموال جديدة في السوق المحلي منها يستفيد التاجر والمنمي والسمكري وسائق سيارة الأجرة... إلخ.
ثمة بعد آخر يمكن للقائمين على المهرجان التفكير فيه؛ شريطة توفير الحد الأدنى من المرافق الخدمية؛ ويتعلق باستثمار التظاهرة لجذب السياحة الداخلية والخارجية؛ خاصة وأن المنطقة غنية بالمقدرات السياحية؛ والكنوز التاريخية؛ والطبيعة التي ما تزال بكرا في اغلبها. وهو أمر- إن حدث-سينعكس إيجابا ليس على الرشيد وحدها؛ بل على ولاية تكانت بشكل عام؛ وسيساهم في تسويق المهرجان بشكل أفضل؛ وقد يوفر في المستقبل تمويلا ذاتيا له بشكل دائم.
***
كانت الرشيد العصية العنيدة الثائرة تعاني ظلما إعلاميا فاقمته العزلة الجغرافية -نسبيا- لكنها بدأت تستعيد جزءا يسيرا من ألقها؛ خلال السنوات الأخيرة؛ ليتدفق معبن عطائها الذي لا ينضب؛ مجددا عبر "أيام الرشيد" ممزقا حاجز الصمت الذي خيم طويلا على المنطقة بعد عملية الهدم والتدمير الذي تعرصت له على يد الاستعمار الفرنسي بداية القرن العشرين.
***
الإنسان في الرشيد كإخوته في حواضر تكانت وآدرار ومدن البلاد التاريخية؛ قُدَّ من صخور جبال المدينة الشمِّ الغرابيب؛ من هذه الصحراء التي لاتنبت العشب إلا نادرا؛ رضعَ القيم النبيلة؛ وكل المعاني السامية.. وعلى صهوة هضبة تكانت تعلم الصبر والفتوة والجلاد والعناد، فكان إنسانا اسطوريا؛ وحالة استثنائية بين ساكنة الصحراء الكبرى.
الطبيعة هنا كالإنسان أيضا؛ مختلفة تماما؛ لا البدر في سماء "الرشيد" كالبدر في غيرها؛ ولا ريح الصبا هناك كغيرها؛ ولا المطر فيها كأي مطر..
سيدي محمد ولد ابه