إعلان

 

تابعنا على فيسبوك

النفط الليبي.. ثروة على المحك وصفقات في الظل

خميس, 04/09/2025 - 17:03

أثار تعاقد المؤسسة الوطنية للنفط مع شركة “أركنو” جدلاً واسعاً، بعد أن تحولت الشركة من تفويض بتطوير حقول جانبية غير منتجة إلى شريك في الإنتاج بحقول عملاقة مثل مسلة والسرير، وهو ما اعتبره خبراء ونشطاء “إجحافاً لحق الدولة الليبية” و”صفقة مشبوهة” تمت بعيداً عن القواعد المتعارف عليها في صناعة النفط.

أصل القضية
الترخيص الممنوح لشركة “أركنو” كان يقتصر على تطوير حقول جانبية مكتشفة وغير مطورة، حيث خُصص لها ثلاثة حقول لم تنفذ فيها أي عمليات تُذكر. غير أن الشركة اتجهت مباشرة إلى حقلي مسلة والسرير، وهما من أكبر الحقول المنتجة في ليبيا، بطاقة تقارب 250 ألف برميل يومياً، لتصبح شريكاً في الإنتاج القائم، لا في الزيادة التي قد تحققها استثماراتها.

مبدأ المشاركة
المتعارف عليه في عقود التطوير أن يقتصر الشريك الأجنبي أو المحلي على المقاسمة في الزيادة المحققة نتيجة استثماراته وخبراته، لا أن يشارك في الإنتاج الكلي القائم منذ عقود. وبذلك، يرى مراقبون أن ما حدث مع “أركنو” يمثل خسارة مباشرة للخزانة العامة، ويصب في خانة الصفقات غير العادلة التي تُثقل كاهل الاقتصاد الوطني.

شلمبرجير.. شريك أم مقاول؟
أحد أبرز محاور الجدل تمثل في تصريحات وزير النفط الذي برر اختيار “أركنو” بشراكتها مع شركة “شلمبرجير” العالمية. غير أن مصادر فنية أوضحت أن شلمبرجير ليست شريكاً في الامتياز، بل تقدم خدماتها لأركنو بعقود خدمية فقط، مثلها مثل تعاملها مع الواحة أو الخليج، وبشروط دفع مسبق نتيجة ضعف التقييم الائتماني لأركنو.

تضارب المواقف الرسمية
وزير النفط أكد على شاشات التلفزيون أن هناك مفاضلة بين عدة شركات، وأن عرض “أركنو” تميز بشراكة مع شركة عالمية، في حين يرى معارضون أن الأمر لم يمر عبر عطاء عام ولا مفاضلة حقيقية، وأن رئيس الحكومة نفسه كان على علم بذلك. بل إن البعض اعتبر ما جرى “مسرحية سياسية” جرى خلالها تبادل الاتهامات والتنصل من المسؤولية بين رئاسة الحكومة ووزارة النفط والمؤسسة الوطنية.

ردود غاضبة
لم تخلُ ردود الأفعال من لغة حادة، إذ وصف ناشطون ما جرى بأنه “مهزلة” و”صفقة علي بابا والأربعين حرامي”، بينما ذهب آخرون إلى القول بأن الحقول العملاقة أصبحت “البقرة الحلوب” لتمويل مغامرات سياسية في برقة. وفي المقابل، اعتُبر الصمت الشعبي وعدم التحرك لوقف هذه التجاوزات عاملاً أساسياً في استمرار مثل هذه الممارسات.

الخلاصة
القضية تطرح تساؤلات كبيرة حول شفافية عقود النفط في ليبيا، وضرورة التفريق بين عقود الاستكشاف والتطوير، وبين الحقول المنتجة وتلك القابلة للتطوير. كما تعيد إلى الواجهة مطلب إخضاع كل التعاقدات للمنافسة العلنية ولرقابة البرلمان والأجهزة الرقابية، منعاً لتكرار ما اعتبره خبراء “سرقة لحق الأجيال القادمة”.