إعلان

 

تابعنا على فيسبوك

الوَهْمُ المتبددُ..!

أحد, 02/11/2025 - 15:15

على هذا الفضاء الأزرق؛ عالم إفتراضي مختلف؛ فيه تسطعُ الشمسُ على وجوه لاتستحق؛ وتسترق الآذان السمعَ لبديع الكلام ورائقه؛ وتشرئب أعناقُ الواهمين نحو "فجر" كاذب.
وفيه يتفيقهُ الجاهلُ الغُمْرُ؛ وتتبلدُ ذاكرة العبقري الجهبذِ ؛ ليلتقي الإثنان في مسار واحد؛ تطغى عليه الشعبوية؛ وتسوده لغة الشارع؛ بمفرداتها التي لا تصلح للتداول.
وقديما قيل إن السوق هو الذي يحدد البضاعةَ التي تُجلبُ إليه.
***
ولأن الإدمان السلوكي؛ يغير طريقة عمل الدماغ؛ تماما كحبوب الهلوسة أو هو أشد؛ فقد توهم المدمنون على هذا الفضاء أن عالمهم اللامحسوس انعكاسٌ مادي للواقع؛ بل هو الواقع بعينه.
فولدت على أيديهم "اتجاهات ورؤى؛ ومشاريع مجتمع" وصنعوا رأيا عاما افتراضيا هو الآخر؛ وطفقوا يُنظرون ويحللون؛ بل وينهون ويأمرون.. 
الجامع بين كل هذه الرؤى والتصرفات أنها افتراضية أيضا؛ من يحاول إسقاطها على الواقع؛ كمن يطارد خيط دخان رفيع يتلاشئ في الجو أمام ناظريه.
هنا تحدث الصدمة التي تقع لمتعاطي المؤثرات العقلية؛ حين يفيق من نشوة خاطفة كاذبة أخذته إلى عوالم وفضاءات من الوهم.
***
نَهْرُ الحبر الجارف الذي ينسكب دقيقة بعد أخرى؛ في هذا الفضاء؛ محدود التأثير؛ وإن نجح في لفت الانتباه أحيانا؛ لكنه ما يلبث أن يختفي بأسرع مما ظهر؛ مخلفا شارات إعجاب افتراضية؛ هي في الواقع أقرب إلى السخرية والشفقة والتعجب؛ منها إلى الإعجاب.
صحيح أن هامش الحرية المتاح وتساهل السلطة وانفتاحها على الجميع؛ شكلا حافزا قويا لهؤلاء؛ ولغيرهم؛ فباتوا يتصرفون بلا رادع ولا وازع؛ متجاوزين كل الخطوط الحمر؛ قانونيا وأخلاقيا؛ مانحين لأنفسهم بطاقات مرور مفتوحة لكل الطرق الممنوع اجتيازُها.
وأخيرا توهموا أن باستطاعتهم توجيه بوصلة المشهد الوطني؛ بل والتأثير على الإقليم والعالم أيضا..
***
نحن هنا لانحسدُ للسكارى لحظة النشوة الخاطفة؛ والانتصار الوهمي؛ في معارك طواحين الهواء؛ لكننا نسعى لتخفيف وقْعٍ الصدمة عليهم؛ حين يفيقون من سكرتهم التي فيها يعمهون.
إن موريتانيا؛ ليست مسرحا مفتوحا بلا تأشيرة دخول؛ ومن يدعو فيها للفوضى سيكون أول ضحاياها؛ ومن يلعب فيها بالنار سيحترق بها قبل غيره.
الدعوات للخروج إلى الشارع؛ لن يتجاوز صداها طبلة آذان اصحاب الأصوات المبحوحة الصادرة عنهم؛ فالشارع الذي تخاطبونه اليوم مختلفٌ؛ كما أن أجواء الحرية والهدوء والاستقرار؛ التي مهدت لنمو اقتصادي؛ ورخاء اجتماعي؛ في ظل قيادة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لن يعكر صفوها مثل هذا الهراء؛ وهذا الرغاء؛ وهذا النعيق.
ثقوا أننا ونحن نتفيأ ظلال دوحة وطننا الوارفة؛ ونستنشق عبق الحرية؛ في شهر الحرية هذا؛ لن نعود إلى الوراء شبرا واحدا.
***
وعلى من يرى في نفسه الأهلية؛  ان ينتهز فرصة حرية التعبير؛ وحرية العمل السياسي؛ وحرية الاصطفاف في أي خندق يشاء؛ فمضمار السباق مفتوح أمام المعارضة والموالاة على قدم المساواة؛ والشعب هو الفيصل وهو الحكم.
أما من يقول إن موريتانيا تمُرُّ ب"مرحلة خطيرة"؛ فهو يعبر عن الحالة التي يعيشها هو؛ من إفلاس في الخطاب؛ وقصور في الرؤية؛ وتراجع في قيمة بضاعته المزجاةِ؛ خلف بحر الظلمات هذا.
سيدي محمد ولد ابه
كاتب صحفي