
قالت صحيفة ليبراسيون إن العاصمة المالية باماكو تشهد أزمة خانقة نتيجة الحصار الذي تفرضه جماعة نصرة الإسلام والمسلمين عليها باستهداف شاحنات الوقود القادمة من موانئ دول الجوار، مما أدى إلى نقص حاد في المحروقات وشلل واسع بالحياة اليومية.
وأوضح الباحث بوكار سانغاري -في تحليل للصحيفة- أن تصاعد نشاط الجماعة حول العاصمة في الأسابيع الأخيرة وفرضها الحصار عليها ردا على قرار الحكومة منع بيع الوقود في المناطق الريفية لقطع الإمدادات عن الجهاديين جعلا المدينة الأكبر في مالي جزءا مباشرا من جغرافيا الصراع.
ورغم تنديد وزير الخارجية عبد الله ديوب بما سماها "أزمة مصطنعة" فإن الكاتب يشير إلى أن الطوابير الطويلة أمام محطات الوقود وارتفاع أسعار المواد الغذائية وإغلاق المدارس مؤقتا مظاهر واضحة للعيان تعكس حجم الضغط الذي تعيشه المدينة الأهم في البلاد.
ورغم انتشار الحديث في وسائل إعلام دولية عن احتمال "سقوط باماكو" في يد الحركات المسلحة فإن الباحث بوكار سانغاري يرى أن الجماعة لا تسعى فعليا للسيطرة على العاصمة، لأنها تفتقر إلى الحضور الاجتماعي والسياسي الذي يسمح لها بإدارتها.
وما تريده الجماعة -حسب الباحث- هو نشر العنف وتوسيع دائرة الضغط على الحكومة، لإجبار الجيش على تركيز جهوده في المدن وتخفيف قبضته على المناطق الريفية التي تهيمن عليها الجماعة منذ سنوات.
أما الحصار الحالي -حسب التحليل- فيهدف أساسا إلى إحداث انهيار في النظام العسكري الحاكم عبر خنق العاصمة اقتصاديا، ودفعه نحو خيارات جديدة قد يكون من بينها التفاوض المباشر مع الجماعة التي تقدم نفسها كسلطة بديلة، خاصة أن المضي في الخيار العسكري دون نتائج ملموسة قد يؤدي إلى إضعاف السلطة بدلا من تعزيزها.
وينبه الباحث إلى أن هذا الحصار أظهر حدود الشراكة العسكرية بين باماكو وموسكو، وكشف حاجة السلطة إلى أدوات أكثر فعالية في مواجهة تحدي الجماعات المسلحة.
وخلص سانغاري إلى أن الهلع الذي يثيره الإعلام بالحديث عن "سقوط العاصمة" قد بالغ في تصوير الوضع، دون أن ينكر أن الأزمة تكشف في الوقت نفسه هشاشة مالي وعمق الاختلالات التي يعاني منها نظامها السياسي والأمني.
.gif)


.jpg)


.gif)