لم يكن إعلان وزارة الدفاع الروسية منذ أيام عن عدة أنواع من المنظومات التسليحية الاستراتيجية الجديدة، لافتاً فقط في توقيته، الذي جاء عقب اللقاء الذي جمع بين الرئيسين الروسي والأميركي. لكنه كان لافتاً أيضاً في نوعية المنظومات التي تمّ الإعلان عنها، والتي تقع جميعها تحت عنوان "استراتيجية الاستهداف بعيد المدى".
إعلان وزارة الدفاع الروسية كان قد سبقه تناول الرئيس الروسي لهذه الأنواع من المنظومات بالذكر خلال خطاب له أوائل آذار/ مارس الماضي. فهل من الممكن اعتبار هذه المنظومات تدشيناً لسباق تسلح جديد أم انها مجرد رد فعل من جانب موسكو على محاولات التطوير المستمرة من جانب الولايات المتحدة لمنظوماتها الاستراتيجية.
منظومة الليزر Peresvet تعدّ هذه المنظومة ذاتية الحركة المضادة للصواريخ هي الأهم ضمن مجموعة الأسلحة التي تمّ الإعلان عنها، وعلى الرغم من أنها ما زالت تحت التطوير إلا أنه تم بالفعل إدخالها ضمن منظومة الدفاع الجوي الروسية في محيط موسكو، وهي عبارة عن منصة إطلاق لأشعة الليزر مثبّته على متن شاحنات من نوع "كاماز"، تقوم بمعاونة وحدات للرادار وإدارة النيران برصد واستهداف القذائف المعادية بكافة أشكالها مثل قذائف المورتر، وصواريخ المدفعية الصاروخية، وصولاً إلى الصواريخ التكتيكية قصيرة ومتوسطة المدى، والصواريخ الباليستيكية والجوالة.
المثير في هذه المنظومة غير المسبوقة في الترسانة الروسية، أنها مبنية على عمل سنوات طويلة مضت منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، حيث عكف الاتحاد السوفيتي من خلال برنامجي "2055" و"Terra-3" التسليحيين، على إنتاج منظومات ذاتية الحركة تستخدم أشعة الليزر من أجل تنفيذ مهمات عسكرية ميدانية متعددة، تتنوع ما بين الكشف على العوامل الكيميائية في ميدان المعركة، وإعماء وسائط الرصد البصري للعدو سواء في الجو أو البر أو البحر، وتدمير الصواريخ العابرة للقارات والأقمار الصناعية.
خلال سبعينيات القرن الماضي أجرى الاتحاد السوفيتي تجارب ضمن برنامجي "Omega" و"Terra-3" على استهداف الصواريخ المعادية والطائرات والأقمر الصناعية بأشعة الليزر لتدميرها، وقد جرت هذه التجارب في منصة التقييم والبحث في "ساري شاجان" بكازخستان، وهي نفس المنصة التي تمّ فيها تقييم معظم الأسلحة التي تمّ الإعلان عنها مؤخراً. كذلك جرت في هذا العقد محاولات لإنتاج منظومات ليزرية ذاتية الحركة، وقد جرت تجربة لتثبيت منظومة الإعماء البصري "AV-1" على ناقلة الجند "BMP-1".
مضى بعد ذلك البرنامج التسليحي السوفيتي منذ بداية الثمانينيات مركزاً على تطبيقات أقل كلفة وتعقيداً لاستخدام أشعة الليزر، فبالإضافة إلى القنابل الجوية الموجهة بالليزر، ومنظومات الصواريخ الموجهة بالليزر المضادة للدبابات، ومنظومات التشويش على الصواريخ المضادة للدبابات، أنتج البرنامج السوفيتي في بداية ثمانينيات القرن الماضي أول منظومة ذاتية الحركة تعتمد في عملها على الليزر، وهي منظومة الإعماء البصري "SLK 1K11 Stilet"، وكانت مخصصة لرصد الأهداف المدرعة المتحركة، ومن ثم استهداف الأجهزة البصرية الخاصة بها.
خلال الثمانينيات أيضاً تمّ أنتاج نسخة مماثلة من هذه المنظومة ولكن مخصصة للعمل ضد الأهداف الجوية، وسميت "Sanguine"، وكانت مكونة من منظومة ليزرية تستطيع أطلاق أشعتها بشكل عمودي، وثبتت هذه المنظومة على متن عربة الدفاع الجوي "شيلكا"، وكان لها القدرة على استهداف المنظومات البصرية للمروحيات على بعد يصل إلى ستة كيلومترات.
وقد شهد هذا العقد أيضاً إنتاج أول منظومتين ليزريتين بحريتين، حيث طورت البحرية السوفيتية نسخة من منظومة "Sangunie" تحت أسم "Aquilon"، ومنظومة أخرى تحت أسم "AIDAR"، للتثبيت على بعض سفن الإنزال في أسطول البحر الأسود، لغرض استهداف المنظومات الكهروبصرية التي تستخدمها وحدات الدفاع الساحلي لرصد حركة السفن، وتدمير الصواريخ الموجهة منخفضة الارتفاع.
أواخر الثمانينيات أنتج الاتحاد السوفيتي منظومة الرصد الكيميائي "KDHR-1H Dal"، والتي كانت تستخدم راداراً مزوداً بأشعة الليزر لتحديد الأماكن الملوثة بعناصر كيميائية حربية، بمعدل رصد يبلغ 45 ميل مربع في الدقيقة. وفي نفس هذه الفترة تمّ تدشين تطبيقين جويين للاستخدام العسكري لأشعة الليزر، الأول هو الطائرة "A-60 Beriev"، والتي كانت مزودة بقبّة دوّارة بها عدسة ليزرية، وثبتت هذه القبّة في مقدمة طائرة شحن استراتيجي من نوع "اليوشن-76 أم دي"، لتدمير الأهداف الجوية والأقمار الصناعية، والتطبيق الثاني كان محطة الفضاء القتالية "Skif"، والتي تمّ أنتاج عدة نسخ منها، لنقلها للفضاء الخارجي على متن المكوك الفضائي "بولايس"، لاستهداف الصواريخ المضادة للأقمار الصناعية.
تجمدت معظم البرامج العسكرية الروسية، ومنها برنامج الأسلحة الفوق صوتية، عقب سقوط الاتحاد السوفيتي. إلّا أن الصناعة العسكرية الروسية نجحت في تطوير المنظومات الليزرية ذاتية الحركة لديها، وأنتجت أوائل التسعينيات أول نموذج من منظومة الإعماء البصري "1K17 Szhatie"، وهي تتميز عن سابقاتها بعدد 12 خلية أطلاق ليزرية، تستطيع تنفيذ أعماء تام لكافة المنظومات الكهروبصرية التي تستهدفها ميدانياً.
كذلك عكفت الصناعة العسكرية الروسية خلال هذا العقد في التركيز على استهداف الأقمار الصناعية، وقد حققت نجاحاً في هذا المضمار بعد تركيب منظومة جديدة على متن الطائرة "A-60 Beriev".
انطلاقاً من عام 2008، بدأت شركة "ألماز أنتاي" في إعادة إحياء البرنامج التسليحي الفوق صوتي للجيش الروسي، وعملت على اختبار منظومتين ذاتيتي الحركة، الأول هي "MLTK-5" والثانية هي "MLTK-5"، بهدف تدمير الطائرات والصواريخ بمختلف أنواعها عن طريق أشعة ليزر قوية تصل إلى 50 كيلو وات. ومازال العمل جارياً على هاتين المنظومتين، اللتين من الواضح أن الأبحاث الخاصة بهما كانت من الأسباب الرئيسية للنجاح في أنتاج منظومة "Peresve" الجديدة.
الصاروخ الباليستيكي Kinzhal
الصاروخ الباليستيكي الجوي "KH-47M2" المعروف بإسم "Kinzhal"، هو أحد الأسلحة الاستراتيجية التي تم الإعلان عنها مؤخراً، وهو صاروخ باليستيكي بعيد المدى ذو قدرات نووية، يتم إطلاقه من منصات جوية وتحديداً القاذفة الاستراتيجية "TU-22M3M" والمقاتلة "MIG-31K"، ويصل مداه إلى نحو 2000 كم بقدرات كبيرة على المناورة في كافة مراحل تحليقه، وتصل سرعته القصوى إلى 10 ماخ. خضع للتجارب الأولية في شهري آذار/ مارس وتموز/ يوليو الماضيين. النقطة الأبرز في ما يتعلق بهذا الصاروخ إمكانية زيادة مداه إلى نحو 3000 كم في حالة تم استخدام القاذفة الاستراتيجية "TU-22M3M" في إطلاقه، وهو ما يجعله الصاروخ الباليستيكي الجوي الأكبر مدى في الترسانة الحربية الدولية.
صاروخ الكروز Burevestink
تمت أولى التجارب على صاروخ الكروز العابر للقارات ذو القدرات النووية "Burevestink" في أواخر العام الماضي، وهو مخصص للهجوم على المرافق العسكرية العالية الأهمية، وقواعد الدفاع الجوي والصواريخ، وتجمعات السفن الحربية. يتميز بأسلوب طيران متعدد المراحل والارتفاعات، وهو في هذا يختلف تماماً عن الصواريخ الباليستيكية. مداه الأقصى غير محدد، ولكنه يتعدى عشرة الأف كيلومتر.
الصاروخ الباليستيكي RS-28 Sarmat
هو صاروخ باليستيكي ثقيل عابر للقارات يصل وزنه الى 220 طن، ويعمل بالوقود السائل ويصل مداه الى نحو 11 الف كيلومتر، ويتم توجيهه بعدة طرق منها التوجيه الذاتي او التوجيه عن طريق منظومة "جلوناس" لتحديد المواقع. يتوقع ان يحل محل الصاروخ الباليستيكي الأقدم "R-36M Satan". وهو صاروخ. من اهم مزايا هذا الصاروخ دقته الى لا تتجاوز عشرة امتار، وإمكانية تحميله بما بين 10 الى 24 حاوية متعددة الرؤوس الحربية، مما يحقق موجة تدميرية تصل الى 8 ميجا طن. من ضمن ما تم إعلانه من منظومات جديدة كانت المركبة الانزلاقية الفوق صوتية "Avangard". وهي مركبة يتم تحميلها على الصواريخ الباليستيكية "مثل صاروخ Sarmat" كحمولة صاروخية تكتيكة ضمن الحاوية متعددة الرؤوس الخاصة بالصاروخ. وتصل سرعتها عن الأطلاق الى 20 ماخ.
الصاروخ PRS-1M
وهو صاروخ اعتراضي فوق صوتي مخصص للعمل على المنظومة الدفاعية المضادة للصواريخ "A-135"، وهي من المنظومات الأساسية في غلاف الدفاع الجوي عن موسكو، وسيحل محل الصواريخ الأقدم "53T6".تم اختباره للمرة الأولى هذا الشهر، ويتميز بخفة وزنه وبتزوده بمحرك جديد يوفر له سرعة تصل إلى 3كم في الثانية، وبتحديث منظومة التوجيه وإدارة النيران الخاصة به لمقاومة عمليات التشويش والإعاقة.
الطوربيد النووي Poseidon
يمثل هذا الطوربيد نقلة كبيرة على مستوى التسليح البحري، نظراً لأنه أدخل الطوربيدات الى فئة جديدة يطلق عليها "الدرونات البحرية"، حيث يبلغ مداه الأقصى عشرة الآف كيلو متر، ويستطيع العمل على عمق يصل الى 1كم بسرعة تصل الى 180كم في الساعة، وهو تحديث للطوربيد النووي السوفيتي "T-15". يستطيع إحداث صدمة انفجارية تسبب هزات أرضية ينتج عنها موجات تسونامي كبيرة.
الميادين نت