هزيمة حزب " تواصل" عضو تنظيم " الإخوان" الدولي، في انتخابات 2018 البلدية والنيابية والجهوية، قلصت من حجمه الذي كان قد صنعه خلال انتخابات 2013 النيابية والبلدية بفعل مقاطعة أحزاب المعارضة، إضافة إلى تلقي " تواصل" لتمويلات ضخمة، مكنته من دفع ثمن ولاء بعض المنظمات الشبابية والمجموعات القبلية، وشراء الذمم على نطاق واسع في المدن الداخلية والأرياف.
لا يعتبر حزب " تواصل" من أكبر الأحزاب في موريتانيا، بقدرما يعتبر من أغناها وأكثرها امتلاكا للوسائل المادية، مع القدرة على ضخ كميات كبيرة من السيولة في كل مناسبة سياسية، تخل بموازين القوى وتحول التنافس السياسي إلى موسم لبيع وشراء الذمم.
بدأ النشاط الحزبي للإخوان المسلمين في موريتانيا مع الرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله، الذي تحالف في العام 2007 مع السلفيين التكفيريين واستقبلهم رسميا في القصر الرئاسي كسابقة في تاريخ البلد، ورخص للإخوان حزب " تواصل"، وأدخله في آخر حكومة موريتانية مطبعة مع إسرائيل، والتي لم تعمر طويلا.
شارك " تواصل" في رئاسيات 2007 بدعم الإنقلابي السابق صالح ولد حننا، والذي جاء في مذيلة الترتيب خلف صار إبراهيما، حيث حصل على 7.65٪ فقط.
وفي رئاسيات 2009 رشح " تواصل" رئيسه جميل ولد إبراهيم ولد منصور، الذي صوت له 37059 موريتانيا فقط، أي نسبة 4.77٪.
نظم "تواصل" في العام 2010 زيارة القرضاوي لنواكشوط، عن طريق دعوة من "مركز تكوين العلماء" الذي يرأسه مرشد إخوان موريتانيا محمد الحسن ولد الددو، حيث تم تنظيم حفل جماهيري في الملعب الأولمبي، شهد سبق تقديم نشيد الربيع العربي ( لا تحلم بالحل السلمي)، الذي قدمه المنشد الرسمي ل " تواصل" عمر ولد حمادي، أمام قيادات تنظيم " الإخوان الدولي".
لكن التنظيم الدولي، صدمه عدم تجاوب الشعب الموريتاني، ووقف على حقيقة حجمه الفعلي في موريتانيا، ليغير الاستراتيجية من خلال التركيز على تحريض " الجزيرة" والنزول إلى الميدان الليبي وإطلاق الربيع العربي مباشرة من هناك.
عاود حزب " تواصل" عضو تنظيم " الإخوان" الدولي الكرة في العامين 2010/2011، راكبا موجة الربيع العربي بعد انطلاقته الفعلية خارج موريتانيا، لكن الشعب ازداد رفضا للتعاطي مع دعواتهم بعد أن شاهد حجم الدمار والقتل والتخريب الذي تسبب فيه الربيع العربي، إضافة إلى السيطرة الأمنية المطلقة التي أظهرتها أجهزة الدولة الأمنية والسياسية، خصوصا المهنية العالية لقوات مكافحة الشغب التي تمكنت على مدى عامين من المواجهة المستمرة، من بسط سيطرتها دون اللجوء لاستعمال الذخيرة الحية ودون سقوط ضحية.
بعد الهزائم الميدانية المتكررة لمحاولات " تواصل"، تملص من جميع التزاماته اتجاه المعارضة للمشاركة في انتخابات 2013 التي كان قد اتفق مسبقا مع أحزاب المعارضة على مقاطعتها.
في العام 2013 كشفت وسائل إعلام محلية عن معلومات وصفت بالمؤكدة، قالت بتلقي حزب "تواصل" 12 مليون دولار لتمويل الحملة الانتخابية من جهات ومنظمات إخوانية في تركيا، تم تحويلها على حسابات بعض تجار التنظيم في موريتانيا وآنكولا.
واستصدر الحزب في نفس العام " فتوى" من هيئة الافتاء بالحزب " مجلس الشورى"، بضرورة دفع الزكاة في صناديق خاصة بتمويل "تواصل"، حيث أصبحت زكاة المنتسبين خصوصا من كبار التجار توجه إلى تمويل الحزب بدل فقراء المسلمين.
تمكن " تواصل" خلال انتخابات 2013 التي قاطعتها بعض أحزاب المعارضة من استغلال المال السياسي على نطاق واسع، لشراء الذمم والولاءات القبلية والجمعوية، لينتزع من رفاقه في المعارضة الذين غابوا عن التمثيل على مستوى البرلمان، "زعامة المعارضة الديمقراطية"، لينفرد بالساحة ويعتلي المنابر كممثل " شرعي" للمعارضة.
وفي العام 2014، توهم "تواصل" قدرته من جديد على ركوب ما فاته من موجات الربيع العربي، حيث لفق قضية تدنيس المصحف الشريف، وجند إعلامه وأطلق مرشده ولد الددو فتاوي محرضة على الفتنة والإقتتال، واستغلال العاطفة الدينية لنشر الفوضى وزعزعة الأمن.
تدخلت السلطات من جديد، بعد أن أحكمت قوات الأمن سيطرتها على الوضع ميدانيا، وأعلنت إغلاق جمعية " المستقبل" التي يرأسها محمد الحسن ولد الددو، وحظر أنشطتها، لخرقها للقانون وقيامها بأنشطة مخلة بالنظام العام والمساس بأمن البلاد والتحريض على العنف والشغب، كما فتحت السلطات تحقيقا في مصادر تمويلها وأوجه صرفها، وصادرت جميع ممتلكاتها العينية والمنقولة.
منذ الترخيص لحزب "تواصل" عضو تنظيم " الإخوان" الدولي في موريتانيا، وهو يضيق ذرعا بالعمل تحت غطاء الشرعية، فبعد كل هزيمة انتخابية، يسعى مباشرة لمحاولة زعزعة الأمن واستهداف النظام الديمقراطي الذي يفصح كل مرة عن رفض الشعب الموريتاني لتنظيم الإخوان وأساليبه التي شاهد تدميرها لبعض الشعوب والدول العربية، بعد إطلاق الربيع العربي.