مكنت وطأة العقدين المتتاليين من القمع وطغيان الاستبداد في القرن العشرين التقدميين في موريتانيا من حسم مواقفهم - على الأقل - من تبني القضايا العادلة للمجتمع والنأي بها عن حقل التجاذبات السياسية الداخلية ومنابر المتاجرة الإعلامية والحقوقية الخارجية.
لم يعد المشهد الوطني يتسع للمتاجرين بألوان أجساد الموريتانيين المحصنة بأواصر القرابة وعرى العصبية فترسخت القطيعة مع ناشطي " افلام" حتى في بيوت الأهالي في "بوكي" و "كيهيدي" لتقتصر المتاجرة باسم موريتانيا في الخارج على بعض مقسطي إفادات طلبات اللجوء السياسي.
في الداخل تسلل الهواة من المتاجرين بشرف وحرية الموريتانيين إلى صفوف المغازلين للحزب الجمهوري في أحياء الصفيح، أملا في الظفر ب " شرف" حمل حقائب قادته وفتح الطريق لهم في مهرجانات الذل والعار في " كبات" الفشل والمرض والجوع.
كان بيرام اعبيد المطرود لتوه من جامعة سنغالية لأسباب صحية بعد مضي أشهر من تسجيله في السنة الاولى من الحقوق، كان من بين المتطوعين لإقامة الشاي وتسخين المراهقين من أطفال الشوارع الذين اكتتبهم الحزب الجمهوري للهتاف باسم معاوية في المهرجانات للتعويض عن حماس الجمهور المفقود.
قبل طرد بيرام من الحرم الجامعي في داكار لإصابته بالصرع " لكرينه" والذي يواصل استعمال علاجه مدى الحياة، كان يبتز جيله في المطعم الجامعي ليدفعوا له من منحهم الهزيلة مخافة التشهير بهم أمام الطلبة الأجانب بادعائه أنهم أسياده وأنه " العبد" الوحيد في الدفعة.
اعتلى بيرام سلما جديدا، حين كلف بتسهيل مهمة بعثة إسرائيلية سرية تسعى لإنتقاء منظمات من المجتمع المدني للمشاركة في ملتقى " تنموي" في تلافيف.
كلّف لاحقا بملاحقة مناضلي حقوق الانسان الناشطين في دكار وبانجول لرصد أخبارهم والتشويش على مداخلاتهم في المنابر الحقوقية باستهدافهم والمبالغة في شتمهم وسبهم علنا.
انتهى الحزب الجمهوري وانقضى عهده، فوجد بيرام نفسه يلهث دون سابق إنذار لمغازلة الأسياد الجدد بعد أن خرج من عهود الاضهاد بتجربة في الوشاية والاستهداف البدني لأعداء الدكتاتورية واكتتاب زبوني في إحدى محاكم نواكشوط.
واصل بيرام تجواله في " أهل المروءة"؛ كانت كل الأبواب موصودة أمامه، فهو ملطخ بتاريخ مهام التطبيع مع إسرائيل والاعتداء الجسدي واللفظي على مناضلي حقوق الانسان.
تمكن، بعد شدة وقع فترة لم تطل من الجدب والتسكع، من إيجاد منصب في اللجنة الوطنية لحقوق الانسان مقابل التزويد بأخبار نشطاء " افلام" المقاطعة للإنتقال.
انتعش قليلا بحصوله على موقع خلفي في حملة الزين ولد زيدان الذي كان ينتزع منه عنوة مصروفه أيام الدراسة في السنغال.
لم تستغ إسرائيل طرد سفيرها وهدم واجهة سفارتها في نواكشوط من طرف فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، فبحثت في ملفات مخبريها في موريتانيا ليقع اختيارها على بيرام لأسباب وجيهة. فأوكلت إليه مهمة جديدة وأمرته بالإستعانة بالمستشار السابق في سفارتها Balla Touré.
اختارت إسرائيل توقيت تحرك بيرام في مهامه الجديدة مباشرة بعد طرد الرئيس السوداني عمر البشير لوكلائها ومخبريها الناشطين في منظمات حقوقية في دارفور.
اختار الموساد بعد الاستعانة بأمهر خبرائه الاعلاميين اسم الواجهة الجديدة لنشاط بيرام IRA مع ما تحمل من دلالة دموية من الناحية الإعلامية والسياسية، لتوزع أول منشور لها في مدينة " كيفه" كاستهداف لأجواء نموذج التعايش في موريتانيا.
وقد حمل أول بيان لها تسمية السلطة وأعوانها " جنجاويد"، لكنهم سارعوا بتصحيح الخطإ في منشوراتهم اللاحقة والعائد إلى تداعيات آخر مهمة لنفس الخبراء الإسرائيليين في السودان.
خلال الحملة الرئاسية 2009 أدى بيرام أول خرجة له خارج الحدود باسم IRA في مدينة Marseille الفرنسية حيث تحدث في اختبار علني لمدة خمس دقائق أمام حشد من ممثلي المنظمات الصهيونية الناشطة باسم المسيحيين في أوروبا وإفريقيا.
وفي نفس السنة استقبل رفقة ممثلي نفس المنظمات في إيطاليا من طرف الخلية الإعلامية للفاتيكان في روما، حيث تقرر إخضاعه لسلسلة تكوينات في عدة مدن أوروبية على تقنيات الخطابة والتظاهرات الميدانية لينسجم أدائه مع آليات إغراء الصحافة والمنظمات وبقية مكونات الرأي العام في الغرب.
تمكن بيرام خلال فترة التكوين ومسار الامتهان من ربط علاقات شخصية وحميمية، لا زال يخضعها للتحيين والاستدرار، مع بعض عجائز المنظمات الغربية المسكونات بأسطورة الفحل الأسود.
أصبح بيرام بإملاء من أسياده الإسرائيليين الممثل العلني لمخطط استهداف وحدة الأغلبية العربية في موريتانيا ووصاية الجنوب على الأقليات.
يستفيد من دعم مالي سخي وتسخر له طاقات بشرية دولية وموريتانية لخدمة مشروعه بالتنظير والإنتاج الإعلامي و السياسي، حيث يستفيد من خدمات جمال ولد اليسع في مجالي التحرير والتنظير وشبكات الإسلاميين في قطر عن طريق صديقه الشخصي والحميمي المصطفى ولد الإمام الشافعي، إضافة إلى وكلاء تاجر المخدرات الفار من العدالة ولد بوعماتو في الداخل والخارج.
خلال العامين الماضيين فقد بيرام الكثير من نفوذه على المستوى الدولي بفضل الحضور المتزايد للدولة الموريتانية وحلفائها الاستراتيجيين إضافة إلى مجهود استخباراتي لبعض السفارات الغربية والعربية في موريتانيا كشف حقيقته لبعض الدوائر المغرر بها في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.