إعلان

تابعنا على فيسبوك

بيرام اسطورة "العبد" الذي يبيع جسده- ح3

خميس, 25/10/2018 - 17:26

بلغت مناهضة الاسترقاق  في المجتمع الموريتاني ذروتها في عهد الإمارات وتواصلت في عهود السيبة قبل أن تعرف انتكاستها الكبرى مع قدوم المستعمر الذي شجع العبودية وعطل تطبيق القوانين المجرمة لها في فرنسا ومستعمراتها مستنزفا الطاقات البشرية للبلد في إطار تشجيع وحماية وتنظيم شراء العبيد من طرف وكلائه لتهجيرهم إلى بلدان المنطقة وإخضاعهم للعمل القسري في الحقول والمحميات والمصانع التي كان يستغلها في مستعمراته بغرب إفريقيا. 

 

استعادت محاربة الاسترقاق في موريتانيا عنفوانها وشوكتها في السنوات الأولى للاستقلال على يد الشباب التقدميين في المدن الكبرى وأماكن تواجد الأرقاء في الولايات الداخلية.

 

شارك في هذا الجزء المهمل من تاريخنا الوطني أبناء الأرقاء والأسياد السابقين على حد سواء، كما عرف مواجهة شرسة من طرف القوى الرجعية التي شملت بدورها أبناء الأسياد والأرقاء السابقين.

 

في المقابل كانت الأقليات في موريتانيا شديدة التأثر في مجال العبودية على الأقل بالمسارات الإجتماعية التي شهدتها مختلف قوميات دول الساحل من ترسيم للإسترقاق أخذ شكل النظام الطبقي على مستوى تقسيم العمل والتفاوت في التراتبية الاجتماعية مما حصن القوميات المكونة للأقلية من مواكبة المسار التحرري الذي عرفته الأغلبية العربية في موريتانيا.

 

مع ظهور الدولة الحديثة لجأت مختلف النخب إلى مهادنة القوى الرجعية و الأنظمة المتعاقبة التي عطلت مسار التحرر على مدى عقود متواصلة. لكنها لم تخرج أبدا في طرحها ونشاطها المناهض للاسترقاق ومخلفاته عن الهوية الجامعة للأغلبية العربية التي عرفت تاريخا مشتركا رغم ماضي  الغبن .

 

وقد جاء تدوين وتوثيق التاريخ من طرف الرحالة العرب والمستشرقين ورجالات التحرر في إفريقيا والمؤرخين الوطنيين و الإداريين والباحثين في عهد الاستعمار ليؤكد تماسك الأغلبية العربية ومتانة روابطها وتشبثها رغم التفاوت والغبن بنفس المنظومة الأخلاقية التي جعلتها تنتظم في أطول وأشرس مقاومة عربية للإستعمار.

 

من آيات اختراق المجتمع الحقوقي في موريتانيا، استهداف بيرام زعيم IRA للقانون المجرم للاسترقاق ومحاولة التقليل من شأن الخطوات المتخذة على المستوى القضائي، والترويج في المقابل أن مشكل العبودية في موريتانيا مسألة لون وعرق والهروب بها إلى المجال السياسي بدل النضال الحقوقي الذي يعتبر محل إجماع في موريتانيا على مستوى الدولة والقوى الحية للمجتمع.

 

في منتصف العام 2010 اقتادت الستينية المتفاوتة الإمتلاء Diagne Chanel بيرام بإيحاء من السفير الاسرائيلي في فرنسا Daniel Shek إلى ملتقى نظمه تجمع المنظمات الصهيونية التي كانت تنشط في السودان Collectif Urgence Darfour لتقييم تجربته في السودان والاستماع إلى عرض عن "ورشتهم" الجديدة في موريتانيا قدمته Diagne Chanel نائبة رئيس التجمع المعروفة بنشاطاتها في دارفور إضافة إلى ممارسة الفن التشكيلي. 

 

كانت عميلة الموساد المنحدرة من أب سنغالي وأم فرنسية، تصطحب بيرام ك " شاهد إثبات" على مداخلتها التي أشفعت بعرض بيرام على المشاركين " كدليل حي على وجود العبودية في موريتانيا".

 

ارتبك بيرام كثيرا أمام العيون المتفحصة ل " عبد" قادم من أرض يعتقدون أنها ستعوضهم بطالة الخروج من السودان والتوقف عن العمل فيها.

 

خاطب بيرام مقسمي السودان مستغيثا: " السود في موريتانيا مملوكون من طرف العرب باسم الشريعة والفقه الوارد في دستورهم" وأضاف بوتيرة من ينشد البكاء فلا تسعفه الدموع " من الآيات القرآنية و الفقه المالكي تمت صياغة قانون للنخاسة في موريتانيا من طرف النظام الحاكم" وأضاف أن هذا القانون الذي يسمح ببيع وتعذيب واغتصاب العبيد في موريتانيا مجرد إحياء لتاريخ استعباد العرب للرجل الأسود منذ الأزل وأن الحديث عن عروبة الحراطين مجرد هراء وأن IRA في مشروعها السياسي تفضل بكثير إسرائيل على دولة ومجتمع الاستعباد.

 

مكث بيرام عدة أيام للتسوق في باريس رفقة محرر خطابه جمال ولد اليسع والامين العام لقسم FLAM في أوروبا الغربية Ibrahima Diallo والسنغالية المتصهينة Diagne Chanel، ثم عاد سالما إلى قواعده المغرر بهم في " الرياض".

 

وفي تناول الإعلام الموريتاني لتداعيات هذا الخطاب القديم الجديد، نقل تهرب النخبة السياسية بفعل الارهاب الفكري للخطاب المصاغ في مختبرات الموساد والمتداول من طرف الإعلام الغربي ومسؤولي المنظمات الصهيونية المتحدثين على شاشاته وأثيره وعبر صفحاته.

 

ساعتها سجل الاعلام الموريتاني من بين ردود الفعل الغاضبة للقادة التاريخيين لحركة " الحر" ردة فعل الرئيس السابق للبرلمان مسعود ولد بلخير الذي قال : " فيما يخص عروبة شريحة الحراطين فهذه قضية محسومة، فالذين حملوا مشعل هذه القضية منذ السبعينات أوضحوا في وثائقهم ومنهج عملهم أن هذه الشريحة جزء أساسي من المكون العربي. والعروبة بالنسبة لنا ليست عرقا أو لونا ولا مكانة اجتماعية وإنما هي لغة وتاريخ ودين وعادات ومصير مشترك".