عدوان الأحد الاسرائيليّ، كما هو غطرسةٌ وتحدٍّ سافرٌ على سوريا وسيادتها، هو أيضاً عدوانٌ على لبنان، فقد احتمت الطائرات الاسرائيليّة بحركة طيران الوفود المغادرة قمّة بيروت الاقتصادية، ومن سماء لبنان، لتكريس المزيد من التطاول على السيادة والكرامة، وفي توقيت اجتماع العرب…
الدفاع الجويّ السوريّ خاض معركةً ممتازةً تصنّف أداءه بين الأفضل في المعارك والحروب، فقد تعامل مع أحدث ثلاثة أسلحةٍ اسرائيليةٍ وفي ثلاث جبهاتٍ ولمدة جاوزت الاثنتي عشرة ساعة، وبسلاحٍ متقادمٍ منسّقٍ من الجيوش الروسيّة، ولم يستخدم بعد جديده من صواريخ “اس 300″، وبذلك يكسب الاحترام والثقة، ويقدّم مؤشّراتٍ نوعيةً عن درجة كفاءة واستعداد الجيش العربيّ السوريّ وحلفائه، والذي يخوض حرباً واسعةً منذ ثمان سنوات، والآن ينشغل بأخطر جبهتين في شرقيّ الفرات ويحشد باتجاه إدلب …
والأخطر في العدوان إعلان نتنياهو مفاخراً أنّه أمر بالعدوان، وهو مستمرٌّ بغيّه وعدوانيّته وبتفويضٍ كاملٍ من دولة الأمن القوميّ الامريكيّ وحلفها القديم والمستجدّ في الحملة على إيران…
لكنّ نتائج المعركة وسوابقها تُحسَم بالأمور التالية:
- نتنياهو المأزوم والمرتعب مما سيترتّب على الانسحاب الأمريكيّ من سوريا، وربما الشرق، يستعجل الحرب وإشعال النيران، للحؤول دون الانسحاب ولتوريط الجميع ما أمكنه…
- نتنياهو المأزوم في كيانه الفاقد لوظيفته والمرتهب من مستقبله، يخوض معارك الدعاية الانتخابية بالنار واللعب على الحافة ويغامر…
- سوريا وحلفها تعرف ماذا يريد نتنياهو ولماذا يستعجل الحرب ويعلنها، ولهذا ستلاعبه بهدوء، فالستّون يوماً الباقية لإنجاز الانسحاب الامريكيّ قريبة النفاذ، والأولوية لتحرير إدلب وصدّ أردوغان الساعي لاحتلال وتتريك بعض سوريا والعراق، وبعدها لكل حادث حديث، وبيئة الصراع مع الكيان تصبح مختلفة، ولهذا الأرجح أنّ سوريا ستزيد من قدرات الدفاع الجويّ وستخوض المعارك على قاعدة “3 بـ 1” (سلاح الدفاع الجوي مقابل الطيران الاسرائيلي وصواريخ جو – أرض وصواريخ أرض – أرض) وتكسب بالنقاط الى حين دنوّ الوقت المناسب.
- وبحسب أجندتها، ستدخل أسلحةً جديدةً وبالتقطير، فصاروخ أرض – أرض يربك وينذر، ويبدأ بتغيير قواعد الاشتباك، ويشعل الصراع في بنية الكيان ويرهبه، وهذا سلاحٌ وافرٌ جدّاً وسيتصاعد استخدامه…
- في الحرب النفسيّة، تُرِكَ الصهاينة في المجتمع والقيادة في حيرةٍ وارتباكٍ وقلقٍ في غرفة انتظار إطلالة السيد حسن نصر الله وبعدها كلامٌ مختلف…
- أمّا في العلاقة بين سوريا وروسيا وإيران، فالاعتداءات وإعلان التحالفات والمؤتمرات تعزّز العلاقة وتثبّتها بأبعاد استراتيجية وبشراكات السلاح والدم ….
وبكلّ حال، فترامب قرّر وسينسحب، وتحرشات نتنياهو بدفعٍ من حلفه الامريكي في دولة الأمن القوميّ لن تثنيه، والروسيّ يعرف كيف يراهن ويدير الأزمة في واشنطن ويستفيد منها ويغذّيها..
وتبقى أفعال نتنياهو وتصعيده في سوريا بمثابة معارك في حربٍ جارية بوتائر منخفضة، وقد تزيد الوتائر بالتتابع ويبقى احتمال أن تتخذ صفة الحرب الاقليمية قائماً في أيّة لحظةٍ وجرّاء أيّ خطأ في الحسابات، كما يستلزم ضبط “اسرائيل” إقفال سماء لبنان في وجهها بقرارٍ روسيٍّ أو سوريٍّ أو باستخدام المقاومة لأسلحتها من الدفاع الجوي…
المنطقة في سباقٍ بين التحوّل من المعارك إلى الحرب، أو إجراءات تلجم عدوانية وعنتريات نتنياهو…