كان حمدي ولد مكناس بالخرطوم جالسا خلف علم موريتانيا في اجتماع وزراء الخارجية الافارقة قبيل قمة الوحدة الافريقية .. وخلفه كان السفير الامير سيدي محمد ولد عبد الرحمن...وتناهى لعلم الوفد الموريتاني ان الرئيس تم اعتقاله فهمس الامير بمجريات ماحدث في اذن وزير الخارجية.
قام بهدوء وذهب لركن قصي واجرى مكالمات هاتفية وتأكد من حقيقة الانقلاب ثم عاد لمكانه لدقيقة او دقيقتين.. قال فيهما للسفير الامير ان تمثيل موريتانيا يعود له وان الدولة مستمرة وفوق الاشخاص.
خرج كظيما من القمة.. وحزم حقائبه وسافر لباريس ..وراحت وكالات الانباء تبحث عنه.. وكان برفقته القنصل الفخري بيندير الذي عرض عليه الاقامة بشقة يملكها بباريس.. محاولا حثه على البقاء هناك.. فقد كان ولد مكناس مصابا بسرطان في الحنجرة ..وكان يتعالج منه بباريس .
رفض ولد مكناس عروضا كثيرة للمنفى واتخذ قراره وهو قرار بسيط مفاده : اذا كان مختار ولد داداه ارتكب جريمة ما... فأنا شريكه فيها ..!
وعاد لنواكشوط وارسل من المطار فورا الى السجن رفقة زملاءه ...وعرف المعتقلات الصحراوية... وتمتع بحب الناس وتقديرها.. حتى وافاه الاجل المحتوم.
خلافا لولد مكناس كان ابن عمه سيدي محمد ولد بوبكر رئيسا لحكومات معاوية ومديرا لديوانه ورئيسا لحزبه... وحين ابعده جعله سفيرا بباريس وهو منصب يقال ان صاحبه يملك ثلاثة ارباع الديبلوماسية ونصف الاستخبارات الخارجية...
وكان ولد بوبكر كجل كبراء البلاط الطائعي يبحث عن رضى معاوية بأي ثمن.. ويبرر افاعيله بكل جسارة -كي لا اقول صفاقة- وظل على ذلك العهد لم يتململ ولا مرة واحدة..!
ويوم سقط معاوية كان على موقع وكالة الانباء الموريتانية خبر غريب يلخص حقيقة سيدي محمد ولد بوبكر وهو : سفير موريتانيا بباريس يشرف على افتتاح حجرة دراسية لمحو الامية في مبنى السفارة.
ومع الخبر صورة سعادته محاطا بسائقين وفراش وسبورة مدرسية ...!
تمكن محمد ولد بوعماتو من اقناع اعلي ولد محمد فال بتسمية ولد بوبكر رئيسا للحكومة وانزله في قصر يملكه بوعماتو في تفرغ زينة وهو بالمناسبة نفس القصر الذي سيمنحه ولد بوعماتو لكريمة محمد ولد عبد العزيز والذي تداول الناس صورة شاحنة مفوضية الامن الغذائي أمامه.
اضطلع ولد بوبكر بتنفيذ ما يريد ولد بوعماتو واعل محمد فال .. وكل مراكز القوى المتنفذة ..ويذكر رئيس حزب الطلائع مولاي العربي ولد مولاي محمد المشهور بشريف النعمة ان سبب خلافه مع بوعماتو كان رفضه لديون وهمية قرر الاخير ان سونيميكس يجب ان تدفعها لمصرفه ..ويذكر انه حين رفض الانصياع لاوامر الصيرفي المتنفذ تدخل الوزير الاول سيدي محمد ولد بوبكر وكتب أمرا لوزير المالية بدفع المبلغ الوهمي الذي عبر عنه بوعماتو ...!
وقد جر عدم الانصياع لرغائب البطرون لذلك الفتى الكثير من الويلات.
في خضم وزارته الاولى الثانية.. تحت اعلي محمد فال لم يتورع ولد بوبكر من نعت نظام معاوية بكل الموبقات وتنصل من كل العيوب ..وراحت اقلام مأجورة تعلل ذلك بانه الجناح المدني للانقلابيين.. وانه العقل الذي يفكر به اعلي ولد محمد فال..!
ثم سيخرج اعلي ولد محمد فال.. من الحكم وسيعارض ولد عبد العزيز وسيترشح ضده ..وسيتنصل ولد بوبكر من اي ديون اخلاقية تجاهه وسيضع نفسه تحت امرة ولد عبد العزيز...وكأن اعلي ولد محمد فال لا يعنيه.
الآن يريد ولد بوعماتو شراء رئاسة الجمهورية لسيدي محمد ولد بوبكر ...ويبدو انه حصل على موافقة المنتدى وسيعتمد مرشحا للمعارضة...ولنفترض جدلا ان هذا المسعى تم فما الذي سيضمن لهم ولبوعماتو ان مرشحهم سيهتم باي التزام او دين اخلاقي نحوهم؟
وكيف سيحصلون منه على ما عجز عنه معاوية واعلي محمد فال تباعا؟
قولوا لولد بوعماتو ان منصب رئاسة الجمهورية ليس للبيع ...وانه منصب جدي لا يحصل عليه بهذه الاساليب.
قولوا لمن كانوا احزاب معارضة ان عمر ابن الخطاب قال ذات مرة: لو كنت تاجرا لتاجرت بالمسك فان لم أجد من يبتاعه مني.. تعطرت به..!
بعبارة اخرى كان عليهم البحث عن مرشح ..اذا لم يكتب له النجاح لن يكون وصمة عار تتبعهم لاجيال واجيال.
انتبهوا فموريتانيا ليست لعبة ..!
محمد ولد امين