لم تكن رئاسيات 2007 حدثا عابرا وانقضي؛ بل محطة مفصلية؛ لها مابعدها؛ نعرف من دروسها مكامن الخلل؛ ومن عِبرها مواطن الضعف والقوة. خصوصا في العمل المعارض الذي كلما اشرابت الأعناق؛ وقوي الرهان؛ انقشع عن سراب بقيعة!
إن مقارنة السباق الرئاسي في الفترة الانتقالية؛ بما سيحدث بعد أيام معدودات؛ يوضح الأزمة البنيوية التي جعلت من المعارضة جسدا له خوار؛ لايشد بعضه بعضا؛ آئل للسقوط!
لقد كانت انتخابات 2007 من أكثر انتخابات موريتانيا شفافية ؛ علي الأقل من حيث الصناديق. لم تكن الدولة تُجاهر بمناصرة مرشح معين كأيامنا هذه؛ وكان مرشحو المعارضة في فترة عنفوانهم السياسي؛ والناس فسطاطين؛ لم يختلط حابل بطانة الأنظمة علي مر العقود؛ بنابل دعاة الدمقرطة والعدل والحرية في تلك الأنظمة!
لم تكن الانتخابات التشريعية والبلدية التي سبقت السباق الرئاسي الأول توازي او تشابه تلك التي جرت قبيل الإقتراع الموعود؛ لقد فشل جل الفلول اصحاب النفوذ والسلطة إبان العهد الطائعي 2006 في الحصول علي مقعد نيابي عُرف بهم؛ وعرفو به؛ منذ بداية المسلسل الديمقراطي المتعثر؛ بيجل ولد هميد (كرمسين) زيدان ولد احميده (ازويرات) الرشيد ولد صالح(لعيون) ومحمد فال ولد بلال(مكطع لحجار) الشيخ سيد أحمد باب(اللائحة الوطنية) وغيرهم كثر. في المقابل نجحت كل الرموز المعارضة المترشحة؛ ونالت أحزابها قصب السبق قبل ان يتفرق دم كُتَلها البرلمانية بين قبائل الموالاة!
أما في الانتخابات الماضية2018 فأخفق أغلب معارضي العشرية العزيزية؛ في دخول القبة اليتيمة؛ (صالح ولد حنن؛ الساموري ولد بي؛ صار ابراهيما)؛ وفشلوا في الداخل في المجالس المحلية التي كانت لهم من النعمة ولعيون وسيلبابي جنوبا حتي انواذيبو وازويرات شمالا.
لقد خسروا معاقلهم التي انتزعوها من مخالب الحزب الجمهوري ايام التزوير المشاع؛ انتزعت بعض حصون تواصل؛ وخسر التكتل في الولاية السادسة فما اسطاع في طولها وعرضها أن يجبر الاتحاد علي منازلته في الشوط الثاني وذلك أضعف الحِيل؛ وعجز التحالف الشعبي عن انتزاع الميناء والتي كانت له من 2001 ومثلها الرياض؛ واختارت قلاع التقدمية في دبانكو و بطحت مَيْتْ وباركيول حزب المخزن والتابعين له بغير إحسان!
في الإقتراع المزمع نكاد نشابه كوريا الشمالية في خطوط العَلم، والمرشح الأوحد في انتخابات القرن؛ "مرشح الإجماع" وماتشاء..! عكس ماحدث فترة المجلس العسكري؛ فبالإضافة إلي الشيخ المفاجئة؛ كان هناك الوجه الجديد؛ التكنوقراطي الشاب الزين ولد زيدان؛ الذي أَفتنَ وافتتن بها الكثيرون؛ وقد حل ثاليا؛ وبعض الأطر الأكفاء كدحان ولد أحمد محمود الذي نال نسبة معتبرة؛ ومثله الرائد ولد شيخن؛ وبعض الفتات الذي وجد ضالته في بعض الحالمين كالملياردير المفقود، ناهيك عن مرشحي المعارضة صالح؛ وصار؛ ولد مولود؛ مسعود؛ وأحمد وما ادراك ما احمد 2007.
لقد فشلت المعارضة الخارجة من السجون؛ والقادمة من المنافي؛ والمبشرة بالتغيير؛ والحالمة بالفوز؛ والمحتضنة من الشعب الغلابة؛ بعد عشرين ونيفا من الجمر والحر والقر أن تصل السلطة؛ وجنت علي نفسها وهي تعيد نفس الأوجه؛ رغم الأحلام والآمال؛ وأضاعت فرصة لن تكرر.
هل بعد كل ذلك ينبغي لنا أن نحلم اليوم بنجاح بقايا بقاياها؛ وقد عرف السبب؛ أم هو قدر علي هذا الشعب المسكين ان تظل أحلامه المؤجلة؛ تتحطم علي صخرة الواقع المرير؛ يحلم بالمعارضة منتصرة؛ وهي تعجز _بإرادتها_ أن تكون كأضرابها في السينغال وغامبيا؛ وساحل العاج؛ ومالي؛ ليبريا؛ تمشي الهوينا كالغراب؛ وتتبادل خناجر الغدر؛ وتشرب انخاب الهزائم تتري؛ وكل عام ترذلون!
المختار محمدو بمب