بالرغم من التفاؤل الذي عبر عنه وزير الدفاع الفرنسي جان لودريان بعد اجتماعه بالأمين العام للأمم المتحدة قبل يومين إزاء تقدم خطوات تفعيل القوة العسكرية المشتركة لمجموعة الساحل، فقد اشتكى الجنرال حننه ولد حننه الذي يتولى منذ سبتمبر/أيلول الماضي قيادة هذه القوة في تصريحات صحافية أمس من “بطء إجراءات تحويل التمويلات، ومن نقص حاد تعانيه هذه القوة في مجال التجهيزات”.
وقال “إجراءات تحويل ال 400 مليون يورو المتعهد بها دوليا، لقوتنا المشتركة بطيئة للغاية، كما أن القوة تعاني من نقص في التجهيزات وبخاصة المدرعات والمصفحات، وهذا ما يمنع قوتنا من تنفيذ عمليات أكثر تطورا وأكثر عمقا”.
وأكد الجنرال حننه “أن القوة المشتركة استأنفت عملياتها العسكرية منذ يناير/كانون الثاني الماضي، وأنها نفذت حتى الآن خمس عمليات وأن هناك عمليات أخرى مبرمجة”.
وأوضح الجنرال ولد سيدي “أن القوة العسكرية تقوم أثناء فترات ما بين العلميات، بأنشطة ميدانية لمراقبة المناطق المشمولة بمهمتها، حيث يقوم أفرادها بدوريات حراسة لضمان استمرارية الاتصالات مع السكان المحليين، ولإقناع السكان بأن القوة المشتركة جاءت لتأمينهم ومساعدتهم وحمايتهم”.
وتواجه هذه القوة نفورا من القوميات التي ستنتشر هذه القوة على أرضها من بعض الجيوش المشكّلة لهذه القوة، مثل جيوش النيجر ومالي وتشاد التي قمعت الثورات الشعبية الانفصالية التي قادتها قوميتا العرب والطوارق في المنطقة، الأمر الذي يجعل هذه الجيوش غير مرحب بها من طرف شعوب المنطقة التي لا ترى في وجود هذه القوة خلاصا لها بل تقوية ودعما لجلاديها.
وشدد الجنرال حننه على “أن بناء الثقة بين القوة العسكرية المشتركة والسكان رهان بالغ الأهمية لا بد من كسبه لإنجاح الحرب ضد الإرهابيين”.
وتخطط القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل التي بدأت عملياتها في يوليو/تموز 2017، لرقع عدد جنودها وضباطها إلى 5000 شخص.
وأكد الجنرال حننه في تصريح أخير لإذاعة فرنسا الدولية “أن عدد أفراد القوة العسكرية المشتركة يقارب اليوم أربعة آلاف عنصر غير أنها تعاني من نقص حاد في التجهيزات العسكرية”، مضيفا قوله “نحن ننتظر هذه التجهيزات منذ أشهر دون أن تصل لحد الآن، وبقدر ما كانت القوة تتوفر على التجهيزات بقدر ما كانت عملياتها فعالة، وبقدر كانت استمرارية قوتنا متاحة”.
وقال “يجب ألا يغيب عن الأذهان أن محاربة الإرهاب ليست قضية يوم أو يومين”.
وشهدت انطلاقة عمليات القوة العسكرية لدول الساحل بعض العقبات، حيث اضطرت لوقف عملياتها خلال شهري يوليو وديسمبر من العام الماضي.
وأكد ديبلوماسيون غربيون يعملون في نيويورك “أن مشكلة تحويل التمويلات نحو القوة العسكرية المشتركة قد حلت حيث بدأت عمليات الصرف الأولى”.
وتقدر كلفة تشكيل وانتشار القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل بـ 400 مليون يورو، وتبلغ ميزانية تسيير هذه القوة سنويا ما بين 90 و110 مليون يورو.
وتؤكد مصادر مقربة من القوة “أن تجهيزاتها العسكرية بدأت تصل، كما بدأت العمل لإنجاز قواعد ونقاط للقيادة والحماية”.
وتمارس دول الساحل الخمس ضغوطًا على المستوى الدولي لحل مشكلة التمويل الدولي الممنوح لها على أساس “خطة الأمم المتحدة لدعم الدول العشر المباشرة لخطر الإرهاب”، وهي موريتانيا ومالي والنيجر والتشاد والسنغال وغامبيا وغينيا وبوركينافاسو ونيجريا والكمرون.
وتقترح هذه الخطة المسماة “الساحل أرض الفرص”، التركيز على ستة مجالات مهمة هي: التعاون العبر للحدود، والوقاية وحفظ السلام، والتنمية الشاملة، والبرامج المناخية، والطاقة المتجددة، واستقلالية النساء والشباب.
وتقترح الخطة تنشيطًا موسعًا للتنسيق والتعاون بين الشركاء في المنطقة والمؤسسات الوطنية والإقليمية والمؤسسات الجهوية والمتعددة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، من أجل تنفيذ سريع ومتكامل لتوصيات مجلس الأمن الدولي حول الساحل
وخارج معيقات التمويل، تواجه قوة الساحل المشتركة الفيتو الأميركي المتحفظ على إدراج عمليات هذه القوة ضمن ترتيبات الفصل السابع، والذي يشل هذه القوة بشكل كبير على مستوى مجلس الأمن الدولي، وذلك بالرغم من صدور قرار الأمم المتحدة رقم (2391)، المتعلّق بدعم القوات المشتركة التابعة للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل.
ولا تملك الدول الأعضاء في قوة الساحل مقدرات مالية تمكنها من التمويل الذاتي لقوتها، كحال القوة المتعددة الجنسيات التي تم إنشاؤها عام 2015 لمحاربة تنظيم “بوكو حرام” في منطقة حوض تشاد، والتي تتولى نيجيريا تحمل أعبائها المالية.