منحت الجمعية العالمية للدفاع عن الحرية الدينية، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في جنيف، الجائزة الدولية لسفير الحريات الدينية لمعالي الشيخ عبد الله بن بيه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي ورئيس منتدى تعزيز السلم، وهي من أهم الجوائز التي تُمنح سنوياً تكريماً للشخصيات الدولية التي أسهمت بشكل كبير وفعّال في مجال الحرية الدينية وتعزيز ثقافة السلام والتعايش بين الأديان.
جاء هذا التكريم في إطار أعمال القمة العالمية الثانية حول الدين والسلام والأمن والمنعقدة في الفترة من 29 أبريل الجاري إلى 1 مايو المقبل في مقر الأمم المتحدة بجنيف، وسط حضور نوعي لرجال الدين والأكاديميين وخبراء دوليين في مجال حقوق الإنسان ويأتي فوز معالي الشيخ بن بيه بالجائزة لهذه السنة، تقديراً واعترافاً دولياً، بجهوده الجليلة والمستمرّة في تأصيل خطاب السلم والتسامح في الإسلام وتفعيله في مبادرات ناجحة، مثل: "إعلان مراكش" و"قافلة السلام" و"حلف الفضول"، ومن خلال إشرافه ودعمه لجهود المصالحة في عدد من الدول التي تشهد حروباً أهلية وصراعات دموية وحركات متطرفة.
وقد عُرف عن الشيخ دفاعه عن حقوق الأقليات المسلمة في الدول الأوروبية وسعيه لتقديم خطاب متوازن يشجع الإدماج الإيجابي بهذه الأقليات ضمن نسيجه المجتمعي. وكذلك، قام معالي الشيخ بن بيه بمبادرات علمية وعملية لحماية حقوق الأقليات غير المسلمة في الدول المسلمة.
وقد توجت هذه الأعمال بصدور إعلان مراكش مطلع سنة 2016، والذي حظي بتقدير وإشادة دولية واسعة من طرف صناع القرار والقادة الدينيين، كان آخرها تنويه البابا فرانسيس بهذا الإعلان خلال زيارته الأخيرة للملكة المغربية.
يذكر أن معالي الشيخ عبد الله بن بيه سبق أن فاز بجائزة الحرية الدينية كأول رجل دين لعام 2016، والتي يمنحها متحف الصحافة والإعلام الأكبر في العالم "نيوزيام" في واشنطن ، لأبرز الشخصيات التي عرفت بدورها في دعم حرية التعبير والدفاع عن الحرية الدينية في العالم. وفي كلمته بالمناسبة، قال معالي الشيخ عبد الله بن بيه "لقد كنا في الإمارات العربية المتحدة سباقين إلى تبني رُؤية حضارية قائمة على قيم السماحة والتسامح، حيث لم تزل الدولة تطلق وتدعم المقاربات الحية والمبادرات القويّة على مختلف الصُّعُد وفي أبرز المحافل الدولية والإقليمية بجسارة وكفاءة ،ووثيقة الأخوة الإنسانية، التي وقعت في أبوظبي، شاهد على هذه الجهود المميزة.
ومن أبو ظبي عاصمة الأخوة الإنسانية، "انطلقت دروب السلام التي اختطها منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، حيث دعا منذ تأسيسه إلى رفض كل اضطهاد يوجّه إلى أقلية دينية أو عرقية أو ثقافية، ورفض استغلال الدين في هذه الأعمال الشنيعة التي لا يبرّرها عقل أو يقرُّها دين".
وأكد الشيخ أن "الإرهاب العبثي يكشف في كلّ مرة عن حقيقته الهمجية، تحت مسميات مختلفة، تارة كراهية الإسلام، وتارة أخرى كراهية المسيحيين، وأحياناً باسم معاداة اليهود، كل العائلة الإبراهيمية في ذلك سواء. ولكن الحقيقة التي تختفي وراء ذلك وتوحّد جميع الإرهابيين هي كراهية الإنسان، واستغلال الأديان".
وأضاف معاليه: "لقد قمنا من خلال إعلان مراكش بتأصيل المفهوم الجديد للمواطنة انطلاقاً من صحيفة المدينة المنورة بوصفها خياراً يرشحه الزمن والقيم للتعامل مع كلي العصر وتفعيل المشترك الإنساني وتحييد عناصر الإقصاء والطرد، من أجل تحقيق السلم الاجتماعي القائم على الاعتراف المتبادل بالحقوق والواجبات، والقبول بما يفرضه التنوع من اختلاف العقائد والمصالح وأنماط الحياة".
وخلص الشيخ، في كلمته، إلى أنه لا سبيل إلى تحقيق المواطنة الحاضنة للتنوّع والمحققة للحرية الدينية، إلا من خلال استراتيجية السلم.