ترامب سلّم أمره لنتنياهو في العرب والمسلمين رغبةً منه بأن يسانده عبر لوبيّات الضغط الصهيونية وتأثيراتها في تأمين ولايته الثانية في واشنطن، فتورّط بما لا قدرة له ولا لــ “إسرائيل” ومشيخات الخليج على فعله، فاستعدادات إيران وحلفها للمواجهة في أعلى الدرجات، وأصلاً كانت في قلبها ولم تترك الساحات، ولاحقت الأمريكي والإسرائيلي حيث استطاعت وهزمته في بغداد وكابول وبيروت وغزة واليمن وسوريا، وكان حلف المقاومة ينتظر لحظة إلحاق الهزيمة الكلية بأمريكا و”إسرائيل” وأدواتهما.
ساق نتنياهو ترامب عبر أشخاصه في الادارة الامريكية الى المسلخ، وورّطه في تصعيد العقوبات، وحشد القوات المنفوخة العضلات في الاعلام ووسائط التواصل والفاقدة للقدرات في الميادين، ولم يدرك أنّ المقاومة تعرف عناصر قوتها وساحاتها وأنها هي التي أذلّت الأمريكيّ في كلّ الحروب لنصف قرنٍ ونيّف، وترهب “إسرائيل” بطائراتٍ ورقيةٍ ومسيّرةٍ في غزة واليمن وبصواريخ محكمة الدقّة في لبنان وبسلاح حراس السماء وقبضة سوريا الاسطورية.
تورّط ترامب ووقع في الفخ والكمين الذي نُصِب له، وصار في حيرةٍ من أمره… مرّةً يهدّد ويتوعد بعظائم الأمور، ومرّاتٍ يطلق تصريحاته بأنّه ينتظر بفارغ الصبر اتصالاً من إيران، وإيران لا ردّ ولا تعليق، فحلف المقاومة يعرف أنّ الزمن كلّه بات لصالحه، وزمن ترامب ونتنياهو وبني سعود ونواطير النفط في انحسارٍ ونفاذٍ سريعٍ كالبرق…
أمام ترامب أحد خيارين لا ثالث لهما: إما أن ينتحر، وانتحاره مؤكّدٌ إذا هاجم إيران أو تحرّش بأيٍّ من فصائل المقاومة، وينتحر إذا هو أبقى على فريق نتنياهو في البيت الأبيض فسيأخذونه من حماقةٍ إلى أخرى مما سيفقده القدرة على تجديد ولايته والانتخابات الرئاسية الامريكية أصبحت قاب قوسين، وهو بحاجةٍ إلى انتصاراتٍ لا إلى هزائم تضاف إلى فضائحه ومتاعبه. أو الخيار الثاني للنجاة ويتحدّد في انقلابه الحادّ ضدّ نتنياهو وفريقه في واشنطن، فالغارق في مياه البحر يُغرِق من يحاول إنقاذه ولا يجيد السباحة، وهي تماماً حال نتنياهو وتخبّط ترامب…
أيّ الخيارات سيعتمد ترامب، تلك هي مشكلته، فإمّا يسقط في أمريكا وينحر “إسرائيل” وحلفاءه ومصالحه في الإقليم أو ينحر نتنياهو وحلفه في واشنطن، فالزمن هو في دائرة عصر المقاومة وانتصاراتها، والجاري هي آخر الحروب وآخر معارك القرون العدوانية السالفة.