خلال حلقة الأسبوع الماضي من برنامج بلا حدود الذي بثته قناة الجزيرة القطرية يوم الأربعاء 10 رمضان 1440 هـ، نفى الشيخ محمد الحسن ولد الددو وجود حركة باسم جماعة الإخوان المسلمين في موريتانيا.
وقبل ذلك بثلاثة أيام أعلنت كتلة تسمي نفسها "حماة الدين" دعمها للمرشح للرئاسيات السيد سيدي محمد ولد بوبكر. وقد أكد رئيس الكتلة محمد سالم ولد عبد الحي ولد دودو عضو مجلس الأمناء للإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي ينتمي إليه الشيخ الددو، وزميله في مركز تكوين العلماء وجود هذه الحركة في موريتانيا، قائلا: (إن من بين أعضاء هذه الكتلة إخوانيون معروفون يتقدمهم الشيخ القدوة محمد ولد آبواه، والشيخ محمد ولد الدوه، والشيخ د. محمد الحافظ ولد أكاه، والشيخ سيد محمد ولد حيلاجي وغيرهم..)
وأضاف رئيس الكتلة: (إن أهم ما يميزها كون أصحابها لم ينخرطوا في الهيئات والتشكيلات الحزبية، وأنها كتلة مستقلة بعيدة عن التخندق الحزبي والجهوي). والغريب أن من بين أعضاء الكتلة رئيس لجنة حكماء حزب تواصل، وعضو مجلس شورى الحزب. كما أن الأغلبية الساحقة من أعضائها تنحدر من حيز جغرافي واحد (الترارزة ولبراكنة)، وفي أعناقهم بيعة لجماعة الإخوان في موريتانيا. وليس جديدا دعمهم لولد بوبكر بقدر ما هو استئناف لدعاية تتخذ لبوسا آخر تحت يافطة "حماية الدين".
لا يخفى أن من بين أهداف هذه الكتلة خداع المرشح سيدي محمد ولد بوبكر، حيث يظهر أحد أعضائها في الصورة بينه وبين رئيس حزب تواصل يوم إعلان الدعم. كما يسم نفس العضو تدويناته على صفحته الرسمية في الفيس بوك بوسم "تواصل خيارنا". فأين الإستقلالية؟
ثم إن الكتلة لم تستطع أن تخفي الهدف الأساسي لها وهو التشويش على إعلان دعم روابط العلماء والأئمة والهيئات الإسلامية العاملة في موريتانيا للسيد محمد ولد الغزواني. والتي اتهمها رئيس الكتلة بأن: (دعمها لولد الغزواني غير قانوني وأنها فعلت حراما في القانون وأن دعم كتلة "حماة الدين" لولد بوبكر مباح في القانون وفي الشرع). وأضاف: (لو أن هذه الهيئات دعمت مرشحا لا يوافق هوى الحاكم لكان مصيرها مصير جمعية المستقبل أو مصير جمعية الخير أو مصير مركز تكوين العلماء). وكأنه يقول إن دافع العلماء القائمين على الهيئات الإسلامية لدعم ولد الغزواني ليس وليد قناعة راسخة مبنية على مقتضيات الشرع بقدر ما هو خوف على مصالح ضيقة. وأن كتلة "حماة الدين" هي الفرقة الناجية التي تكفلت بحماية الدين، والتي لها الوصاية على شرع الله.
وبين نفي الشيخ الددو وجود جماعة الإخوان المسلمين في موريتانيا، واعتزاز زميله في الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين بانخراط بعض قادتها ضمن كتلته. فإن التساؤل وارد عن سر اعتزاز الشيخ الددو دوما بالجماعة المعروفة بهذا الإسم (والتي ذكرها زميله ). وعن أسباب توقيعه بنفسه الإتفاقيات السياسية الملزمة لها! وكيف يمكنه تجاهلها، خاصة وأن التقرير العام لموريتانيا لسنة 2014 يصنفه كأبرز شخصيات تيار الإخوان في موريتانيا؟ وهذا التقرير صادر عن المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الإستراتيجية، وهو أحد مؤسسات الإخوان. أنظر الصفحة 231 من التقرير. وقد أسهب هذا التقرير في الحديث عن هذه الجماعة. ويمكن الرجوع إليه.
إن نفي وجود جماعة الإخوان المسلمين في موريتانيا من طرف قادتها وكوادرها، ليس إلا حلقة في سلسلة نفي الهوية، وطمس المعالم، الذي تربى عليه أفراد هذه الحركة، حتى بات سمة تميزهم. رغم أن النسخة الموريتانية، تحظى منذ بعض الوقت باهتمام وعناية زائدين من طرف التنظيم الدولي للإخوان. ربما مرد ذلك إلى الفرصة النادرة من الحرية التي حظيت بها هذه الجماعة دون غيرها في المنطقة العربية، حيث تمكنت من تأسيس أركانها وترخيص هيئاتها المختلفة دون مضايقة.
فقد قال عبد المنعم أبو الفتوح في كلمته على هامش المؤتمر الأول لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" المنعقد يوم 24/07/2008 إنه يبلغ التواصليين سلام المرشد العام لجماعة الإخوان، وأن المرشد كان حريصا على حضور هذا المؤتمر إلا أن الظروف حالت دون ذالك. ويتذكر الحضور في ذالك اليوم المشهود كيف بعثت هذه الكلمة روح الحماس في صفوف الإخوان فتعالت الصيحات وارتجت القاعة تصفيقا.
وفي يوم 05/01/2012 زارنائب المرشد العام لجماعة الإخوان جمعة أمين رحمه الله موريتانيا، وصلى الجمعة إماما بجمع غفير من كوادر الحركة في جامع مركز تكوين العلماء. بعدها كانت زيارة راشد الغنوشي لمركز تكوين العلماء يوم 21 /12/ 2012 وكان لوضعه مجموعة رسائل حسن البنا بين يديه أكثر من دلالة.
ولم تزل خطب هذه الجماعة وأدبياتها حافلة بفكر الإخوان ومنهجهم، سعيا منها إلى التعريف به والتمكين له في هذه البلاد. وما زلنا نذكر خطبة نائب رئيس حزب تواصل السابق محمد غلام ولد الحاج الشيخ يوم 18/ 10 /2013 بجامع مركز تكوين العلماء التي حملت عنوان "دعوة الإخوان المسلمين" من خلال العناصر التالية:ـ الإمام حسن البنا على درب المصلحين. ـ تضحيات الإخوان ـ ورمز رابعة!
وفي نفس السياق تتنزل المحاضرة المنشورة على الموقع الرسمي لحزب تواصل بعنوان "تاريخ الإخوان منذ النشأة وحتى اليوم" والتي ألقاها أمير الجماعة السابق محمد الأمين ولد مزيد بتاريخ 16/07/2012 أمام جموع من كوادر الإخوان على هامش ندوة نظمتها جمعية المستقبل. ويمكن الرجوع إليها على الرابط http://tewassoul.mr/node/61
بعد ذلك لن يهمنا أي اسم تستتر خلفه هذه الجماعة.
عبد الله ولد محمد لوليد