أسابيع قليلة و يتم تنظيم انتخابات رئاسية فى الثلث الأخير من شهر يونيو المقبل،انتخاباتٌ يجمع كل الموريتانيين على مفصليتها و تاريخيتها و كونها فرقانا بين"الحق الديمقراطي"و "الباطل غير الديمقراطي".
و المبشر المُطَمْئِنُ للمتابع لتحضير هذه الانتخابات هو كونها إجماعية لا يقاطعها أي طيف سياسي و تعكس تشكلةُ اللائحة النهائية للمترشحين الرئاسيين-إلى حد كبير- الخارطةَ السياسية و العرقية و الشرائحية و المناطقية و "الأَجْيَالِيَّةَ" للمجتمع الموريتاني.
و فى اعتقادى أن المبشرات الخمسة التالية إن تم تثبيتها و تحصينها و تعزيزها و العض عليها بالنواجذ-و هو ما يجب أن تتنافس فيه البرامج الانتخابية-فإن بلادنا ستشهد تطورا ديمقراطيا ملحوظا قد يؤهلها لعضوية الدول "الناهضة ديمقراطيا les pays démocratiquement emergeants .
أولا-مكسبُ حرية الإعلام و التعبير: لقد راكمت بلادنا خلال العشريات الستة الماضية و العشرية الأخيرة خصوصا مكاسبَ كبيرة فى مجال حرية الإعلام و التعبير بوأتها صدارة العالم العربي فى مجال حرية الإعلام سنوات متتالية حسب تصنيف بعض المنظمات الدولية المعتمدة بالمجال.
:
و إذا ما تم تثبيت تلك المكاسب و توسيعها و تطويرها و خصوصا من خلال اعتماد إجراءات قانونية و تنظيمية تطهر الحقل الإعلامي من بعض "المهاجرين غير المهنيين و غير الشرعيين"فإن من شأن ذلك ترسيخ المكسب الديمقراطي الوطني؛
ثانيا-فضيلة تجريم الانقلابات العسكرية و عدم تقادم التجريم: يحسب للعشرية الأخيرة و "للمعارضة المحاورة" تحقيق مكسب تجريم الانقلابات العسكرية و عدم تقادم جريمتهاو هو ما من شأنه المساهمة الكبرى فى سد و صد الباب أمام "مِسْبَحَةِ/سُبْحَةِ"الانقلابات العسكرية التى عرفتها البلاد منذ أربعين حولا.
و أعتقد أنه من الوارد أن تتنافس البرامج الانتخابية الرئاسية فى اقتراح تعهدات من شأنها مزيد تحصين تجريم الانقلابات العسكرية و "أخواتها"من أنواع الاستيلاء على السلطة بالقوة و العنف؛
ثالثا-حسنةُ تحصين التداول السلمي على السلطة و تحديد المأموريات الرئاسية باثنتين: أثبتت التجارب أنه لا ديمقراطية بالدول "ذات الماضى اللاديمقراطي" إلا بإرساء مبدإ التداول السلمي على السلطة و تحديد سقف المأموريات باثنتين فقط و يحسب للمرحلة الانتقالية الأولى (2005-2007) و للمعارضة الموريتانية ساعتئذ دسترةُ التداول السلمي على السلطة و تحصينه و أحسب أن البرامج الانتخابية الرئاسيةً سوف تقترح تعهدات من شأنها مزيد تحصين "أَقْفَالِ" التناوب السلمي على السلطة بموريتانيا؛
رابعا-النظافة "النِّيكَلِيَّةُ"لتنظيم الانتخابات:لا مراء فى أن الانتخابات البرلمانية و البلدية و الجهاتية المنظمة عام 2018 كانت من أنظف الانتخابات التى عرفتها البلاد.
و إذا ما وفقت اللجنة المستقلة للانتخابات -و لسوف توفق بإذن الله-فى تنظيم انتخابات رئاسية نظيفة "نِيكَلِيًّا"فإن بلادنا ستكون راكمت تجارب مهمة فى التنظم الذاتي (الموريتاني-الموريتاني) للانتخابات و هوما يعتبر لبنة هامة فى الصرح الديمقراطي الوطني؛
خامسا-تمهين العمل الحزبي و تطهيره من الهواة و المرتزقة:-لقد حققت بلادنا خلال هذه العشرية مكسبين فى مجال ترسيخ الثقافة الحزبية أولهما تحريم الترشح المستقل و حصرية العمل السياسي على الأحزاب و ثانيهماحل الأحزاب السياسية التى لم تصل "عَتَبَةَ1%"من الأصوات المعبر عنها من ما مكن من تقليص عدد الأحزاب السياسية من مائة إلى حدود ثلاثين حزبا سياسيا.
و لا أستبعد أن تقترح بعض البرامج الانتخابية الرئاسية ترفيع "العتبة"إلى 3%من ما سيعزز من محاربة تمييع العمل السياسي و يزيد من المقروئية السياسية و يعزز من مكانة الموالاة و المعارضة سويا.
تلكم مكاسب ديمقراطية خمسة كاملة إن تم تثبيتها واقتراح تعزيزها من خلال البرامج الانتخابية للمترشحين للانتخابات الرئاسية فإنه سيكون بإمكان الموريتانيين الاطمئنان على مستقبل "الاستقرار الديمقراطي"بل الانتساب إلى "نادى الدول الناهضة ديمقراطيا".
المختار ولد داهى،سفير ساب