إعلان

تابعنا على فيسبوك

لماذا غزواني..؟ (مقال مشترك)

اثنين, 17/06/2019 - 01:21

تقف موريتانيا على أعتاب مرحلة فاصلة من تاريخها، حيث ستشهد خلال هذا الشهر انتخابات رئاسية يتنافس فيها ستة مرشحين ليس من بينهم الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، في مشهد نادر التكرار في التاريخ الموريتاني، وبالإضافة إلى أهمية اللحظة السياسية ذاتها فإنها أيضا تتقاطع مع لحظة اقتصادية لا تقل أهمية، حيث تقف البلاد على أعتاب نهضة اقتصادية متوقعة مع بدء استغلال حقول الغاز المشتركة مع السنغال ما بعد 2020..

 

يقدم المرشحون الستة مشاريعهم التي يودون من خلالها كسب ثقة الناخب الموريتاني، وبغض النظر عن البرامج والرؤى التي قدمها المرشحون، ومدى جديتها وقدرة أصحابها على تجسيدها واقعا ملموسا يعيشه الناس ويجنون ريعه، فإن مشروع المرشح محمد ولد الغزواني يبدو الأكثر إقناعا والأقدر على جذب الناخبين، وهو الأمر الذي لا يعود فقط للمشروع نفسه، وإنما لشخصية المرشح وخبرته وتجاربه..

 

إذ يحاجج مناصرو غزواني بجملة أسباب يرونها موضوعية للقول إن الرجل هو الأنسب لقيادة المرحلة ..

- تاريخه المهني وتجربته الناجحة في قيادة المؤسسة العسكرية والأمنية، خاصة مع الظروف الأمنية والتحديات التي يواجهها بلد كبلدنا يقع في وسط منطقة مضطربة، حيث كانت فترة توليه قيادة الجيش من أكثر الفترات خطورة في إقليم الساحل حيث سيطرت جماعات العنف على أكثر من 60% من مساحة الجارة مالي، فكانت حماية البلد في هذه الظرفية الحرجة تتطلب حنكة وذكاء وقدرة قيادية وتخطيطية فريدة، خصوصا أن هذه الجماعات كانت قد اخترقت البلاد عدة مرات، ونفذت هجمات في عمق البلاد وقتلت من أبنائها وروعت من أمنها أيام كانت أقل شأنا.

- تاريخه البعيد عن الصراعات وعن شبه الفساد وعن الاستقطاب السياسي، فرغم وجوده في هرم القيادة على مدى نحو 13 سنة إلا أنه ظل محافظا على علاقات جيدة مع مختلف أطراف المشهد، ونأى بنفسه عن المهاترات السياسية والخصومات البينية في لحظة سياسية انخرط فيها الجميع في دوامة التخوين والتسفيه والتبخيس، فلم يروى عن الرجل أو يشر إليه ببنان الاتهام بمهاجمة الغير أو تجريحه أو تقريعه، لذلك يكن له الجميع التقدير والاحترام، كما قدر هو الجميع واحترمهم، وقد ظهر بمستوى غير مألوف من عفة اللسان واحترام الخصوم، مما يبشر في حالة انتخابه بمستقبل من التعاطي السياسي الهادئ، يؤمل أن يتم فيه نزع فتيل الأزمات وتغليب الحوار والتعاطي بين الفرقاء على الاستقطاب المفرط الذي عانت البلاد ردحا من الزمن، وشل قدراتها وأربك خططها التنموية، فضلا عن تخليق الحياة السياسية وإلباسها لبوس المسؤولية والنضج والنقد بالتي هي أحسن، أو الدعم بالتي هي أكيس.

- كما أنه شخصية إجماعية متجذرة في بنية المجتمع متميز بتربيته، وانتماءاته الروحية التي تتلاقى فيها كافة جهات موريتانيا..

 

ثم إنه مما يحاجج به أنصار الرجل، حاجة البلد إلى انتقال هادئ وسلس للسلطة يكرس التحول الديمقراطي بطريقة متدرجة، بعيدا عن الانتقالات الماسحة للطاولة، بما تؤول إليه من توابع وتداعيات قد لا يتحمل البلد هزاتها الارتدادية وعواقبها غير المأمونة، حيث أثبتت التجارب ضرورة التدرج في التغيير، فالتشبث بالمثالية المفرطة دون إدراك الواقع، هو تقديم للعاطفة على منطق العقل ودروس التاريخ، فكثيرا ما كانت الفتنة الماحقة ابنة تغيير استئصالي اندفاعي لا يبقي ولا يذر، رغم طيب النية وإخلاص العاطفة أحيانا، بل وكثيرا ما أحدث ذلك ردة فعل متعددة الأوجه وعلى كل المستويات السياسية والاقتصادية والحقوقية، تضيع في النهاية بسببها كل المكتسبات، وتتلاشي الأحلام والطموحات.

 

- ومما يزيد رصيد الاعتبار لدى المرشح غزواني برنامجه الانتخابي الشامل الذي مزج بين الطموح والواقعية، فكان البرنامج الانتخابي الوحيد الذي ظهر قبل الدخول في أتون الحملة الانتخابية، وهو سلوك يشي باحترام المرشح لناخبيه، وجديته في التعاطي معهم، وإعطاء الناخب الموريتاني فرصة لقراءة البرنامج والحكم له أو عليه، إضافة إلى المميزات الموضوعية في هذا البرنامج، حيث استوعب أهم الهموم المطروحة وأبرز المشاغل التي تشغل بال الناخب، وقدم تعهدات محددةً بشكل ملموس قابلة للمحاسبة والمساءلة عند الاقتضاء، فيما يتعلق بإنصاف الطبقات المهمشة، وتطوير وتجويد التعليم، وتحسين الحكامة وترشيدها، والعناية برأس المال البشري.

 

كل تلك المميزات يبدو أنها ستلعب دورا بارزا في حسم المنافسة لصالح غزواني كما يتجلى من مسار الحملة لحد الآن.

 

وعموما، ومهما كانت النتائج، فإنه يبدو أن موريتانيا ستكون هي الرابح الأبرز من هذه التجربة، حيث ستخرج بتداول سلمي على السلطة، يأخذ فيه أحد أبنائها الدور لأن الشعب منحه ثقته بموجب انتخابات دستورية، وسيسلم أحد أبنائها تلك السلطة لأن عهدته الدستورية انتهت، وتلك بلا شك أهم المكاسب في عالم عربي يشكل فيه غياب الشرعية السياسية أكبر معضلات التنمية وموانع الاستقرار.

 

- محمد محمود أبو المعالي - كاتب وباحث - موريتانيا.

- الشيخ التيجاني جاورا - إعلامي وحقوقي – سويسرا.

- عبد الله اشفاغ المختار- إعلامي وكاتب - الإمارات العربية المتحدة.

-  محمد الأمين خطاري – إعلامي – إسبانيا.

- محمد عبد الله لحبيب – إعلامي – قطر.

- محمد سعدن الطالب - كاتب وإعلامي – موريتانيا.