إعلان

تابعنا على فيسبوك

هل ستتصاعد احتِمالات الحرب في الخليج بعد وصول جونسون لرئاسة وزراء بريطانيا؟

أربعاء, 24/07/2019 - 19:46

لا يُخامرنا أدنى شَك في أنّ الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب سيكون الأكثر سعادةً بفوز بوريس جونسون، تلميذه المُخلص، وتوأمه العُنصري، بزعامة حزب المُحافظين البريطاني، ورئاسة الحُكومة البريطانيّة بالتّالي خلفًا للسيّدة تيريزا ماي، التي ستُقدّم استقالتها غدًا (الأربعاء) إلى ملكة بريطانيا، والانتِقال إلى قائمة الفاشلين، ولهذا لم يكُن مُفاجئًا بالنّسبة إلينا أن يكون أوّل مُهنّئيه.

ترامب كان مُدير حملة جونسون الانتخابيّة غير المُسمّى، لأنّهما يلتَقيان على أرضيّة الكراهية للمُهاجرين، والعَداء للإسلام والمُسلمين، والانحياز للعِرق الأبيض باعتِباره الأكثر تميّزًا، والأنقى جيناتً، ولم يتردّد لحظةً، أيّ الرئيس ترامب، في المُجاهرة برغبته في وصول جونسون إلى رئاسة الوزراء، باعتباره الأكثر كفاءةً، وربّما عنصريّة، وذلك أثناء زيارته الرسميّة إلى لندن قبل شهر، في تدخّلٍ مُباشرٍ وفجٍّ، وغير مألوف في شُؤون سياسيّة داخليّة لدولةٍ أخرى.

جونسون في المُقابل الذي يدّعي أنّ جدّه الأكبر كان تُركيًّا، وجاء مُهاجرًا إلى بريطانيا، تطاول على المُسلمين، وهاجَم المنقّبات بطريقةٍ غير لائقةٍ عندما وصَفهنّ بأنّهن مِثل لصوص البنوك، وصناديق البريد، وذهب إلى ما هو أبعد من ذلك عندما قال في مُقدّمة جديدة لكتابه أن الإسلام هو سبب تخلّف المُسلمين ودولهم لقُرون، كما هاجم الرئيس الأمريكيّ السابق باراك أوباما بسبب جذوره الإفريقيّة والإسلاميّة، ورأى أنّ كُل بؤرة توتّر في العالم لها علاقة بالإسلام، من البوسنة إلى العِراق إلى فِلسطين وكشمير.

***

ربّما من السّابق لأوانه الحَديث عن المواقف التي سيتّخذها جونسون تُجاه العديد من الأزَمَات الحاليّة، وخاصّةً أزمة حرب احتجاز الناقلات بين بلاده وإيران، والاقتراح الذي طرحه جون إيف لورديان، وزير الخارجيّة الفرنسي، لتشكيل تحالف ثلاثي فرنسي بريطاني ألماني بقيادة أوروبيّة لحِماية حريّة الملاحة في الخليج، ولكن ما يُمكن أن نتكهّن به هو وقوفه بقوّةٍ في خندق التحالف المُماثل الذي يُريد حليفه ترامب تشكيله، ووافقت على الانضِمام إليه كُل من المملكة العربيّة السعوديّة والإمارات وربّما لتغطية نفَقاته، فجونسون مِثل أستاذه ترامب، لا يكُن أيّ ود للاتّحاد الأوروبي، وقاد حملة البريكست لإخراج بريطانيا منه.

محمد جواد ظريف، وزير الخارجيّة الإيراني، الذي سارع بإرسال برقيّة تهنئة إلى زميله السابق جونسون عندما كان مثله وزيرًا لخارجيّة بلاده، استَشعر الخطر الذي يُمكن أن يتأتّى من خلال تولّيه منصبه الجديد، أيّ رئاسة الوزراء، عندما حرص على التّأكيد وفي البرقيّة نفسها “أنّ آيران التي تملك سواحل بطول 1500 كم على الخليج الفارسي هي التي ستتولّى أمر حمايته”.

ربّما لا تطول فترة بقاء جونسون رئيسًا للوزراء بسبب ضخامة حجم المُعارضة التي يُواجهها داخِل حزبه وفي البرلمان معًا، وإعلان 15 وزيرًا عزمهم الاستِقالة، وحتى في الاتّحاد الأوروبي الذي يرفُض الدخول في أيّ مُفاوضات جديدة حول اتّفاق الخُروج، لأنّ خروج بريطانيا من أزمتها الحاليّة، الاقتصاديّة والسياسيّة، لا يُمكن أن يتأتّى إلا بالعودة إلى الشعب البريطاني مُجدّدًا، سواء من خلال استفتاء جديد أو انتخابات برلمانيّة عامّة، ومن المُحتمل أن يكون الخاسر الأكبر في الحالين، ولكن ومهما كانت مدّة بقائه في منصبه قصيرة، فإنّها كفيلة، وبحُكم قربه من ترامب، ومُستشاره للأمن القومي جون بولتون، وثالثهم بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بتصعيد حدّة التوتر في منطقة الخليج، والشرق الأوسط، وربّما إشعال فتيل حروب، فجونسون ومثلما وصفه وزير خارجيّة عربي التَقاه عدّة مرّات، شِبه جاهِل بالحقائق على الأرض في الشرق الاوسط، وتعقيداتها، ويتطرّف في موقفه إلى أعلى الحُدود، واحتمالات الخَطأ ليست واردةً لديه فقط، وإنّما كبيرة أيضًا، ولا يُمكن ائتمانه بسبب قراراته النّزقة وقِصَر نَفَسُه.

***

نتوقّع تصعيدًا في حرب الناقلات في الأيّام والأسابيع القليلة المُقبلة، فنحن أمام تحالف أمريكي بريطاني يميني مُعادي للإسلام والمُسلمين، مُرشّح للتّجديد على أرضيّة التطرُف، ولكن هذا لا يعني أنّه سيخرج مُنتصرًا في ظِل النّزعة “الاستشهاديّة الإيرانيّة” المدعومة بمنظومة صاروخيّة وبحريّة ضخمة، وأسلحة سريّة ستكون مُفاجئةً مثلما يقول الجنرال علي شمخاني، الامين العام للمجلس الاعلى للامن القومي، علاوةً على أذرع عسكريُة لحركات مُقاومة فاعِلة، وليس لها صفة رسميّة، مِثل “حزب الله” في لبنان، وحماس والجهاد في غزّة، وأنصار الله في اليمن، والحشد الشعبي في العِراق، والأهم من كُل هذا وذاك، وجود إرادة وقُدرة حديديّة على اتّخاذ القرار بالرّد على أيّ عدوان في الخليج أو الأراضي الفِلسطينيّة المُحتلّة.. والأيّام بيننا.

عبد الباري عطوان