إعلان

تابعنا على فيسبوك

دكة الاحتياط..

أربعاء, 18/09/2019 - 12:59

ليس في السياسة شيء شخصي؛ فهي شبيهة بلعبة كرة القدم. يهاجم اللاعبون من يمتلك الكرة، ويتجاهلونه حين يفقدها، أو يمررها، مالم يمثل تمركزه في الملعب تهديدا...

يدرك سياسيونا هذه الحقيقة لذلك يحاول رئيس حزب عادل إخراج "لاعب الوسط" من الملعب السياسي بشتى الذرائع وهو تكتيك يلجأ إليه الجالسون على دكة الاحتياط متربصين فرصة إصابة لاعب، أو طرد آخر، متمنين سوء أداء يعصف بالفريق، أو يطيح بالمدرب...
 فالقياس الذي ركن إليه رئيس حزب عادل في مقابلته مع النسخة الفرنسية من موقع الأخبار قياس مع الفارق. فالرئيسان المصطفى ولد محمد السالك رحمه الله، ومحمد خونا ولد هيداله أخرجا من السلطة بانقلابين عسكريين، وحاولا العودة إلى المشهد السياسي من بوابة المعارضة للنظام القائم. فلا وجه لمقارنتهما بالرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي أشرف من موقعه الرئاسي على انتخابات دعم فيها ترشح رفيقه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وسلمه السلطة بعد فوزه. وقد صرح الرئيس محمد ولد عبد العزيز أكثر من مرة بأنه سيظل حاضرا وفاعلا في المشهد السياسي الوطني الذي لم يغادره، ومن ثم فلا معنى للتحذير من عودته إليه! لكنها العادة التي تصبح طبيعة ثانية...

فقد تعودت طبقتنا السياسية على "إعادة توزيع الأوراق" كلما "أُخرج" رئيس من القصر؛ فتصبح المعارضة موالاة، وتلعن الموالاة "نظامها البائد"، ويُحل "حزب الشعب وكافة الهيئات المتفرعة عنه"... وإذا كان ما حدث فاتح أغشت يختلف جذريا عن هذا السيناريو المتوارث منذ العاشر من يوليو، فإن بعض السياسيين والمثقفين والاعلاميين سيتصرفون كما لو أن إعلان الترشح "بيان رقم 01"، و"تعهداتي" مسودة دستور جديد...

ولن يعدموا "الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة" على أن "حبل الود" قد انقطع، محذرين من التمهل، ومحرضين على الاستبداد استشفاءً لأنفسهم من ضغائن على رجل لا ينقمون منه سوى وطنيته وحرصه على بناء بلده، وهو الذي مد لهم السلم أكثر من مرة لينزلوا من فوق "جذع الرحيل" فتمنعوا، ثم تسابقوا للقفز من فوقه بإصابات أخفها جرح الكبرياء، وكسر الخاطر، وموت الضمير...
 تقتضي قواعد اللعبة السياسية والكروية من "الاحتياط" التحلي بالصبر. فقد تقتضي خطة اللعب الاحتفاظ بهم على الدكة طوال الموسم ليتقرر مستقبلهم في الموسم الجديد...

سيرحل بعضهم بمحض إرادته إلى أندية من الدرجة الثانية أو الثالثة (المعارضة المعتدلة، أو ما تبقى من الراديكالية) بحثا عن حظوظ أفضل "للعب". وسيُدفع آخرون "بونيس"، كما جاؤوا... وسيكون ذلك "ديمقراطيا، وعادلا". أما "الراشدون" فسيتطوعون بجمع الكرات الضائعة خارج الملعب استمرارا لنشاطهم الخيري... و"يستمر" فريق النخبة في حصد الألقاب متجاهلا تململ "دكة الاحتياط"...

د محمد اسحاق الكنتي