أحيانا وفي أوقاتنا العصيبة التي نمر بها نلجأ لسك مصطلحات أو خلق أفكار نسبة اقتناعنا بها قد تصل للصفر، لكننا نستخدمها للتصدير الخارجي والاستهلاك الإعلامي وتبرير الفشل، ومع مرور الزمن نبدأ بتصديقها عن غير قصد .."الثورة المضادة" هي نموذج لاحدى هذه المصطلحات او العبارات الهلامية التي ظهرت بعد ترنح "الربيع" وبزوغ نجمه كسراب ظهر طيبا لكنه لاينافس..فماهي الثورة المضادة؟ وإلى ماذا تسعى ومن يقف خلفها؟وماهي البلدان التي تستهدفها؟..
تصاب جماعة "الثورجية القَطرية" بالتلعثم والتخبط فتسلك في تعاملها مع هذه الاسئلة طرائق قدد، لكنها تُجمع على الإجابة المتعلقة بالسؤال من يقف خلفها فتجيب إنه "محمد بن زايد" ولي عهد إمارة "أبو ظبي"..!! ..تبدأ أسئلة جديدة في التزاحم : من هو بن زايد هذا كي يجهض كل هذا الموج الثوري الهادر والصخب المتدفق؟..ماهي القوى الخارقة التي يستعين بها هذا" الأعرابي"وتساعده في إفشال ثورة الاسلام السياسي على الطاغوت؟ وماهي الوسائل التي يستخدمها..هل هي المال؟..طيب إن كان كذلك فأين المال القَطري الثوري الحلال ؟..الإعلام .. وهل "اسكاي نيوز" تستطيع هزيمة الجزيرة..لاأصدق !!..
النفوذ السياسي والعسكري والديبلوماسي؟ من أين لهذا البدوي بكل هذا؟..تتشتت أفكار القوم وتتقطع حبال الاجابة في أيديهم فتبدأ التمتمة ويعود التعلثم..لايملك القوم جوابا فكل مايعرفونه ان "بن زايد" يقف خلف كل هذا الفشل الذريع..الانتكاسة السياسية التي حصلت لحزب "المرزوقي" في تونس وحولته إلى عنوان سياسي بائس يعجز عن تعبئة زقاق في المدينة القديمة، هو بسبب "بن زايد"..خروج "النهضة" من دفة الحكم بعد تراجع الناخبين وعودتها للسلطة كمشارك هو بسبب أموال بن زايد(دفعت قطر كثيرا من المال لكن أموال "بن زايد" كانت أكثر بركة) ..فشل 'مرشح الاحتياط" المصري في إدارة الحكم.. تردي الخدمات وانقطاع الكهرباء..تحول مشروعه النهضة إلى حدوتة مصرية..وخروج الملايين للشارع ..تعديلاته الدستورية التي نصبته حاكما بأمر الله..كل ذلك كان بايعاز وتخطيط من "محمد بن زايد"..تعيين السيسي وبيان حزب الإخوان المرحب كان مؤامرة دنيئة من ولي عهد الإمارة ..ظهور الشقاق بين "فيلق الرحمن" وجبهة "فتح الشام" كان من مخلفات الثورة المضادة المدعومة من بن زايد، هزيمة الضباع المسلحة في حلب كانت لأن الرجل قص الدعم وتخاذل عن نصرة الثوار..آخر جرائم "بن زايد" و"ثورته المضادة" هي إسقاط "داعش" في الموصل وانكسار ثورته، رغم ان "الجزيرة" لازالت "تطمئننا" بأن المعركة لم تحسم بعد ولله الحمد وان الثورة الداعشية لازالت باقية وتتمدد..
عجيب هذا الرجل الخارق، وغريبة هذه الانتفاضات الخاوية على عروشها التي يستطيع ان يفككها فيروس ضال قذفه جهاز "بدوي" قابع في صحاري جزيرة العرب...
لم تكن الثورة المضادة سوى أكذوبة يداري بها الإخوان سوأة فشلهم الذريع في إدارة شؤون الناس الدنيوية، لقد جاؤوا بغتتة للحكم بدون برامج ولامقدمات فوجدوا أنفسهم أمام إكراهات سلطة لم يتزودوا لها بمشروع ولارؤية، أحالوا الامور الى السماء بضبابية شديدة (الإسلام هو الحل) قبل أن يتنكروا للشعار تنسيقا مع الناتو..دخلوا للسلطة صفر اليدين من البرامج وخرجوا منها صفر الانجازات والتعاطف الشعبي، فكان لابد لهذا الفشل الذريع من شماعة وديماغوجية تآمرية يعلق عليها فولد مصطلح "الثورة المضادة" ...
المضحك ومن قدرة الله أن غلمان الاخونجية والليبرالجية المتحالفين اليوم في رباط رجعي بائس كانوا حتى الأمس القريب يكررون اغانيهم السمجة ويتهمون الأنظمة القومية بإحالة مشاكلها الداخلية إلى نظرية المؤامرة من طرف أمريكا وإسرائيل،لكن سخرية القدر منهم كانت عنيفة، فانتقل إخفاقهم الداخلي المريع إلى مؤامرة امبريالية صهيونية صليبية استبدادية ليست من امريكا ولاإسرائيل بل من طرف "محمد بن زايد"..القوميون الذين حملوا مشاريع كبرى لم يخفقوا أبدا في الشؤون الداخلية لافي تنمية ولاصحة ولاتعليم ولاتحرر ولااستقلال ثقافي بل بنوا وأطعموا وداووا وزرعوا وأممو وعلموا، لكنهم اخفقوا فقط في بناء الديمقراطية التي تبين فيما بعد أن شعوبنا ليست مستعدة لها اليوم فمابالك بالستينات...
مضحك أن تعود اليك كل السهام التي نضَحتَ بها في وجه خصومك ذات يوم ، فتتحول ثورتك التي ناصرها "أوباما" وليفي وساركوزي إلى فاشلة بتآمر "بن زايد"..ويكون أداؤك التنموي في بلدان مابعد" الثورة" فاشلا بفعل بن زايد، ويكون إقناعك للمواطن فاترا بسبب ابن زايد ،وتكون شوارعك متسخة وادارتك فوضوية وخدماتك متردية بفعل بن زايد ،وتكون مراجعك الثورية الفكرية بائسة بتآمر بن زايد، وحين تصرخ الأوطان ضجرا من قتامة المشهد وبؤس الواقع يكون ذلك عبر مكبر للصوت اشترته أموال بن زايد...
كل العنتريات والديماغوجيات والخطابات الشعبوية التي كانت بالأمس فقط تعتبر معرة ونقصا هاهي تُبعث اليوم في قالب "تايواني" رديء يتنفس برئة صناعية خرجت من مشافي "آل نهيان"
احمد حمينه التاه..