إعلان

تابعنا على فيسبوك

اغتيال الطفولة..

جمعة, 15/11/2019 - 21:49

عيشة ابنة الحي السمراء الجميلة التي لم تكمل بعد عقدها الثاني نموذج حي لاغتيال البراءة في هذه البلاد تزوجت ولم تبلغ بعد الثانية عشر من عمرها وأصبحت مطلقة لديها ولدان قبل سن الخامسة عشر،
انتهت الدراسة عند مستوى الرابعة ابتدائي، ضاعت كل أحلام المستقبل،كانت عيشة تحلم بأن تصبح طبيبة عيون لتعالج جدتها الكفيفة التي تحبها أكثر من أي شيء في هذه الدنيا. نظرة الحرمان في عين عيشة لاتخطأها العين وحزن دفين تحاول دائما إخفائه بتلك الابتسامة الجميلة،
لاتحب الخوض في ماض يثقل كاهلها لكنها كثيرا ماتردد بأنها لن تسامح من قدمها هدية لرجل يكبرها بربع قرن،
لم يفعل سوى أنه غير تعريفها من مسمى طفلة إلى مطلقة. حكاية عيشة تكاد تشبه آلاف الحكايات لفتيات في مقتبل العمر اغتالت يد المجتمع أحلامهن وقدمن قرابين على مذبح التقاليد والعادات البالية،
والنتيجة نسب طلاق هي الأعلى في الوطن العربي وربما في العالم حيث تطلق واحدة من كل ثلاث متزوجات في موريتانيا ،ثم أولاد تخلى عنهم الآباء وأمهاتهن مازلت في سن الرعاية ، وهذا مايفسر تسارع معدلات الجريمة وتعاطي المخدرات في أوساط القصر الذين تخلى عنهم ذووهم ليتركوا نهبا للضياع في الشوارع.
زواج القاصرات يعطل كل المخططات التنموية لأنه يضرب الانسجام المجتمعي في الصميم ويخرج كل علم المزيد من المطلقات والمزيد المزيد من أطفال الشوارع،
لذلك يجب تكثيف حملات التوعية بمخاطره خاصة في الداخل حيث تنتشر الأمية والفقر والجهل وهي بيئات منتجة لهذه الظواهر. يبقى أيضا أن الدولة الموريتانية الموقعة على الاتفاقيات الدولية لحماية الأطفال يجب أن تضع ترسانة قانونية صارمة تواجه بالعقوبات المغلظة كل من يكره القصر على الزواج وتحرم زواج القصر نهائيا نظرا للكوارث المجتمعية الناجمة عنه.
بدون هذه الإجراءات ستتكرر مأساة عيشة مع غيرها وتدفع قاصرات في عمر الزهور أثمانا باهظة لأنانية الأهل وقساوة العشيرة وجهل المجتمع.

حنان محمد سيدي