إعلان

تابعنا على فيسبوك

"صاندو المكافآت.."

خميس, 21/11/2019 - 20:07

في خطاب ترشحه للرئاسة أعلن رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني انفتاحه على الموريتانيين جميعا، وتأسيس رؤيته السياسية على التراكم الذي أغنى الفعل السياسي في وطننا، وخص بالإشادة "عشرية النماء والأمان"، وأطلق شعاره الشهير.. "للعهد عندي معناه"، ومنه اشتق عنوان برنامجه الانتخابي "تعهداتي"... فعلَ ذلك الإعلان فعل السحر في المعارضة قبل الموالاة، من باب المزايدة، فبحث الجميع عن مبرر لإعلان "دعمهم ومساندتهم" دون قيد أو شرط. وجد بعض من اشتغلوا بالسياسة عقودا طويلة، مبرراتهم في الأخلاق الرفيعة، والتربية الصوفية، واللغة الجزلة، والتواضع الجم... ولم يتحدث أحد في السياسة! وحظي "تعهداتي" بما حظي به خطاب الترشح، إذ عد شرحا وافيا له... وانطلقت "المبادرات" يتنافس فيها المعارضون بين دار الشباب، وقصر المؤتمرات، والساحات العامة، والبيوت الخاصة.. وانشطرت أحزاب، واندثرت أخرى... وتوالت الوفود تبايع دون أن يكون فيها "عمرو" واحد يشترط لنفسه! رفع الجميع الراية البيضاء، وانتظموا في الصف، كل ينتظر دوره...
 ونسي الجميع، في نشوة انبهارهم "ببنية الخطاب" الاستعانة بجاك دريدا لفهم مقاصد المترشح من عبارته الشهيرة "وللعهد عندي معناه"!!! فأغلب الذين انتظموا في المبادرات، وظهروا في اللقاءات، ونشطوا في الحملات... كانوا مرتبطين بعهود فقدت معناها فجأة بمناسبة خطاب يؤكد.. "وللعهد عندي معناه"!!! صحيح أن البعض تعلل بالرشد بعد السبعين، و"التدين المغشوش"، ولم يكن في البقية " متجانف لإثم..." لم يشترط أحد شيئا؛ كانوا مثل بطل رواية الجحيم.. "...لا أستحق شيئا، ولا أستحوذ على شيء؛ فليس لدي قلب كبير لأهبه ولا عبقرية فذة لأستغلها، ولا عمل أؤديه، وبالرغم من كل هذا أشتهي نوعا من المكافأة.." وقد مضت مائة يوم، وكأنها "مائة عام من العزلة"، أو قرن من الجليد، في انتظار "غودو"، في انتظار المكافأة...
 لماذا لم يشترط "صائدو المكافآت" عدم "استمرار النهج"، وخروج الرئيس المؤسس السيد محمد ولد عبد العزيز من المشهد السياسي، واعتكافه في بيته؟ لماذا لم يتساءلوا عن مرجعية الحزب قبل التسلل إليه؟ ولماذا لم يعترضوا على هيمنة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية على إدارة الحملة، واكتفى بعضهم بمذكرات لم يكن الوقت كافيا لوضعها موضع التنفيذ؟ 
السبب بسيط: لم يكن المترشح محمد ولد الشيخ الغزواني بحاجة إليهم للفوز من الشوط الأول، ولم يكن لدى أغلبهم ما يقدمه له سوى الولاء غير المشروط.
 لقد سمعوا جميعا الرئيس المؤسس السيد محمد ولد عبد العزيز يؤكد أنه لن يخرج من المشهد السياسي، ولن يكون رئيسا من خلف الستار، مثلما أن رفيقه لم يتقمص ذلك الدور خلال عشرية النماء والأمان. وزاد على ذلك بأن القانون لا يمنعه من الترشح من جديد لرئاسة الجمهورية، حين جرت محاولة تأويل النصوص. ولم يعترض أحد! ولعلهم تصامموا عن خطاب الرئيس السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في الأمم المتحدة وما تضمنه من "إشارات وتنبيهات"... أما "مستضعفو الحزب" الذين "تجمعهم قصعة، وتفرقهم عصا"، باعترافهم، فلا يعتد بخلافهم، ولا قيمة لبياناتهم، واجتماعاتهم في الساعة "الخامسة والعشرين" التي يتنصلون منها، مع خيوط الفجر الأولى، على الأثير...
 عجبا لمن ينقض عهودا تقربا لمن يجعل الوفاء بالعهد فوق كل الاعتبارات! فالذين يطالبون اليوم بإخراج الرئيس المؤسس السيد محمد ولد عبد العزيز من المشهد السياسي أحد رجلين؛ معارض ترك حزبه وانسلخ من نضاله، وموالٍ كان منذ شهور يكاد يؤله الرجل الذي لم يعد اليوم  يطيقه! فهل يشتري عاقل بضاعة هؤلاء، ولو بثمن بخس!!!

د محمد اسحاق الكنتي